المحتوى الرئيسى

هل حان الوقت لوزارة للمنشآت الصغيرة؟

04/12 06:51

فهد بن عبد الله القاسم تشرفت بحضور منتدى المنشآت الصغيرة والمتوسطة المتميز الذي أقامه مجلس شباب الأعمال التابع للغرفة التجارية الصناعية في المنطقة الشرقية أخيرا، وقد حفل الملتقى بعديد من الفعاليات الرائعة والمتحدثين المرموقين، إضافة إلى كوكبة رائعة من الحضور من الشباب وغيرهم. وقد كانت لي مداخلة حول توصيات الملتقى، وبالمناسبة مؤتمرات العالم العربي فقط هي التي يجب أن تختتم بالتوصيات، وهي أيضاً غالباً التوصيات التي لا ينصت لها أحد، عودة إلى المنتدى حيث ركزت مداخلتي على ألا ينتهي المنتدى بقائمة طويلة من التوصيات التي لا طعم لها ولا لون ولا رائحة، وأكدت على ألا تتجاوز التوصيات ثلاث توصيات، وإن كنت أفضل أن تكون توصية واحدة فقط لا غير، وأن تركز التوصية الوحيدة على''إنشاء وزارة للمنشآت الصغيرة''، نعم وزارة .. يكون شغلها الشاغل فقط دعم قطاع المنشآت الصغيرة بكل السبل وفي كل الأوقات وتذليل كل العقبات. إحدى أهم المشكلات التي نعاني منها كدولة هي مشكلة البطالة الحالية، التي يرى الكثير من المراقبين أنها قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة، ولها آثارها السلبية اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، وهذه المشكلة في تفاقم مستمر، حيث تزيد البطالة حالياً على 10 في المائة من قوة العمل، وهي نسبة عالية جداً بجميع المقاييس وخاصة في بلد مثل المملكة يشهد نمواً لا مثيل له، ولا يمكن حل مشكلة البطالة في أي دولة دون تقديم الدعم الكامل لقطاع المنشآت الصغيرة والذي عادة ما يتولى توظيف العدد الأكبر من المواطنين، سواءً كانوا على هيئة موظفين أو كأصحاب أعمال. يبلغ حجم البطالة في السعودية ما يقارب ٥٠٠ ألف مواطن ومواطنة، علماً بأن شركة بحجم شركة سابك لا يزيد عدد الموظفين السعوديين فيها على 14 ألف موظف، بمعنى أننا نحتاج إلى ما يزيد على 33 شركة مثل شركة سابك لتغطية العجز الحالي في الوظائف فقط، و''سابك'' هي الشركة التي أنشئت قبل ما يزيد على 30 عاماً وحصلت على امتيازات لم تحصل عليها شركة قط، وتم تأسيسها من قبل الحكومة وما زالت تمتلك 70 في المائة من أسهمها، وأخيراً فقد بلغ حجم موظفيها السعوديين هذا العدد، وتأسيس شركة أخرى مثل ''سابك'' ما زال أمنية فكيف بـ 33 شركة، أما أن يبلغ موظفو أي شركة أخرى بفعالية ''سابك'' الـ 14 ألف موظف فهو حلم نتمنى أن يتحقق. المشكلة الثانية التي تعاني منها المملكة وتتعلق مباشرة بالمؤسسات الصغيرة هي مشكلة التستر، وظاهرة التستر وإن كانت موجودة في جميع القطاعات إلا أنها تزدهر بشكل كبير جداً بين المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وظاهرة التستر لها آثار مباشرة وتعتبر مسببا رئيسيا لتفاقم مشكلة البطالة، إضافة إلى آثارها الضارة من الناحية الأمنية والاقتصادية والاجتماعية. لو استعرضنا المؤسسات الحكومية التي تشرف على قطاعات الأعمال ومدى اهتمامها الخاص بقطاع المنشآت الصغيرة لوجدنا النتيجة صفراً بجانبه ثلاثة أصفار أخرى . . أي لا شيء !! فوزارة التجارة تعاملها مثل المؤسسات الأخرى بدون أي دوافع تحفيزية، والهيئة العامة للاستثمار متبرئة منها ومن كل مؤسسة سعودية بالكامل مهما كان حجمها، أما وزارة العمل فقطاع المنشآت الصغيرة بالنسبة لها متهم بالتستر وبيع التأشيرات حتى يثبت العكس . . وهكذا دواليك. إن أرفع تمثيل لقطاع المؤسسات الصغيرة هو ما تقوم به لجان المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الغرف التجارية والصناعية ومجلسها الموقر وقد تكون في بعض الأحيان ''لجنة فرعية''، وهذه اللجان في وفاق أحياناً مع الجهات الحكومية لدعم هذا القطاع، ولكنها في معظم الأحوال محدودة التأثير في حل مشكلات القطاع وتعزيز الثقة به حشد الدعم اللازم له. في كل مؤتمر يركب المسؤولون مطية الدعم لقطاع المنشآت الصغيرة وتبنيه كموجه أساسي للاقتصاد ومكافحة البطالة، ولكن على أرض الواقع فهو آخر اهتماماتهم، واسألوا المسؤولين في لجان الغرف عن الحال، وهل حققوا طموحاتهم بل شيئا منها؟ ولفهم أهمية خصوصية هذا القطاع، يجب أن نعرف أنه لا يمكن القضاء على البطالة عن طريق التوظيف الحكومي، كما أن الشركات الكبرى ليست الحل للتوظيف، وبالتالي لن تحل مشكلة البطالة بدون دعم قطاع المنشآت الصغيرة وذلك بسبب رئيسي وهو أن المنشآت الصغيرة هي الموظّف الأكبر في قطاعات الأعمال، وهو القطاع الذي يمكن للسعودي كصاحب عمل أن يكفي المجتمع مؤونته، وإحصائياً فإن المنشآت الصغيرة توظف ما يزيد على 70 في المائة من قوة العمل في أي دولة، كما أن هناك الكثير من المؤسسات ذات العلاقة بهذا القطاع (وإن كانت لا تشرف عليه) مثل بنك التسليف وبعض البرامج الداعمة مثل برنامج كفالة، إلا أن الشكوى منها ظاهرة، وبالتالي فإن وزارة المنشآت الصغيرة ستقوم بالجهود اللازمة لتفعيل المؤسسات والبرامج الداعمة تحت مظلة واحدة تهتم بالقطاع ككل والمصلحة المحققة له. ولفهم صعوبة اهتمام الدولة بقطاع المنشآت الصغيرة، يكفي أن يذهب أي صاحب منشأة صغيرة ليقابل مسؤولا في أي دائرة حكومية، فإنه لن يحظى بأي اهتمام هذا إذا تمكن من مقابلة المسؤول، بينما مديرو الشركات وأصحاب الأعمال ''القطط السمينة'' فإن حصولهم على موعد قد يعتبر أمنية في نظر بعض المسؤولين، كما أن حل مشكلة عشرة آلاف شركة كبيرة أسهل كثيراً من حل مشكلات 750 ألف مؤسسة صغيرة. في كل منتدى للمنشآت الصغيرة تجد المطالب متكررة كما أنها تتصف بالبساطة، يطلبون يا سادة تسهيل الإجراءات الحكومية وتبسيط إجراءات الحصول على التمويل وبعض الاهتمام، وللأسف برغم كثرة المؤتمرات والتوصيات إلا أن العناية لم تتم والاهتمام لم يتحسن!! لا يخفى على الكثير أن قطاع المنشآت الصغيرة في الغالب يتكون من شباب الأعمال، الذين هم صوت المستقبل، ومستقبل الأمة، والذين يجب الاهتمام بمطالبهم والتحاور معهم. ويبقى السؤال المهم: هل يحتاج قطاع المنشآت الصغيرة إلى مرجعية تهتم به وتعتني بحل مشكلاته والاستجابة لمطالبه وتطوير واقعه واستشراف تطلعاته؟ الإجابة نعم بالتأكيد، إنه والمجتمع والدولة تحتاج لمرجعية لهذا القطاع أكبر من ''لجنة تابعة لغرفة تجارية''. يأتي السؤال الأهم: لماذا وزارة وليست هيئة أو هيئة عليا؟ الإجابة أن الوزارة تنظيمياً ليست كالهيئة، كما أن الوزير بإمكانه مقارعة الوزراء على عكس رئيس الهيئة، وأخيراً وهذا هو بيت القصيد أن الوزير ممثل لقطاعه في مجلس الوزراء الذي يعتبر أعلى سلطة تشريعية وتنفيذية في المملكة، وبالتالي فإيصال صوت هذا القطاع المغلوب على أمره يحتاج إلى القرب الشديد للعقل والقلب للدولة لتحقيق أهدافه التي تخدم الدولة ككل. في نظري أن تجربة هيئة الإسكان غير الناجحة وتحويلها إلى وزارة أخيرا في قرار حكيم موفق، هو ما يجب أن يتم التعامل فيه مع وزارة المنشآت الصغيرة، خاصة وهي تتعامل مع مشكلتين من أخطر ما يمكن أن تواجهه المملكة وهما مشكلتا البطالة والتستر. *نقلا عن صحيفة الاقتصادية السعودية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل