المحتوى الرئيسى

ليس من الإسلام يا هؤلاء

04/11 19:27

بقلم: د. جابر قميحة من المفروض أن تكون وسائل الإعلام- وأهمها القنوات التلفازية الداخلي منها والخارجي- في خدمة الشعب والحقيقة والقيم الإنسانية، ولكننا للأسف الأسيف وجدنا هذه القنوات، وكذلك الصحف التي كانت تُسمى (الصحف القومية)، وكذلك بعض صحف المعارضة يشنون حملة عاتية على الإخوان المسلمين، وعلى الدين بمفهومه الصحيح تحت ستار الدعوة إلى "الدولة المدنية".. وهنا يواجهنا عناق حار بين الجهل والإسراف والحقد وسوء النية.   وأصابني الغثيان حينما رأيت أحدهم يميل رأسه غرورًا ويصرخ "إن الإخوان المسلمين يرتكبون كبيرة وهم يدعون إلى خلط الدين بالسياسة.. ونسوا أن السياسة قذارة، أما الدين فهو سمو روحاني..".   ومنطوق صاحبنا يدل على أنه لا يعرف الإخوان، ولا الدين، ولا السياسة؛ فالإخوان لم يخلطوا الدين بالسياسة، ولكن مبدأهم قيادة الدنيا بسمو المبادئ الدينية.   والدين الإسلامي له مفهومه الشامل، فهو يتسع للتربية والجهاد والسياسة والتعامل الاجتماعي، بما فيهم أهل الكتاب، وقد قال تعالى: (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)) (الممتحنة).   ***** وهنا حديث سريع أوجهه إلى الذين يطالبون بإلغاء المادة الثانية من الدستور؛ التي تنص على أن الإسلام هو "المصدر الرئيسي للتشريع.."، وأقول لهؤلاء: إنه نص يعكس واقع أمة تسعة أعشارها من المسلمين.. ثم لأنه نص يمكن المسيحي أن يقاضي الدولة ومن يسيء إليه من المسلمين؛ متدرعًا بهذه المادة؛ لأن مضمونها الرئيسي هو ذلك الذي ذكرته الآية السابقة من حسن المعاملة والبر والإحسان.   نعود إلى ما قاله صاحبنا من أن "الدين سمو وأن السياسة قذارة"، ونقول: أي سياسة يعني صاحبنا؟! إن كانت قذارة حقًّا فالدين الشريف هو أصلح القيم لتوجيهها التوجيه "النظيف".   وأمامنا مهنة كمهنة الطب، إنها مهنة شريفة ولا شك، فهل أمنع الطبيب الجراح من إجراء عمليات في الأمعاء الغليظة وما اتصل بها؛ بحجة أنها قذارة يجب على الطبيب "بمهنته الشريفة" ألا يهبط إلى مستواها؟ شيئًا من العقل يا هؤلاء.   ***** وننتقل إلى الشيخ محمد حسين يعقوب الذي يقول في جموع من البشر في حي إمبابة في مسجد الهدى مساء الأحد 30/3/2011م "كان السلف يقولون بيننا وبينكم الجنائز، واليوم يقولون بيننا وبينكم الصناديق، وقالت الصناديق للدين نعم.. وسمَّى ذلك غزوة الصناديق وطلب من الناس أن يرددوا بصوت جماعي تكبيرات العيد؛ احتفالاً بموافقة 77% من الناخبين على التعديلات.. وهاجم الديمقراطية هجومًا عنيفًا".   ونلاحظ على الشيخ ودعواه ما يأتي: 1- أنه في عهد الرئيس المخلوع مبارك لم ينطق بكلمة واحدة في نقده.   2- أن كلمة "غزوة" كلمة تراثية لها مكانها في التاريخ العربي والإسلامي، ولا مكانَ لها في مثل الاستفتاء؛ فالذين يدلون بأصواتهم- بصرف النظر عن رأيهم- كلهم مواطنون مصريون من حقهم أن يقولوا "نعم" أو "لا".   3- أخطأ الشيخ في أن نسب هذه العبارة للسلف بإطلاق؛ لأن قائل هذه العبارة هو الإمام أحمد بن حنبل.. ولا أعلم أن غيره قد قالها.   4- أن هذا الاتجاه المسرف الحاد قد يكون مكانه جدلاً بين اثنين، أما أن يصدر هذا من داعية له مكانه على آلاف من الناس؛ فسقوط وإساءة إلى الدين والقيم التي يدعو إليها، فالدين يسر، وما عُرض أمران على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلا اختار أيسرهما.   ***** ويحاول مقدمو البرامج في القنوات التلفازية أن يكرروا بصفة دائمة قول الشاعر:  الدين للديان جل جلاله = لو شاء ربك وحَّد الأقواما. والدين لله، والوطن للجميع. والرد على هذه المقولات سهل؛ ولكن لا يتسع مقالنا هذا للتفصيل، ولكننا نقول: إن مسألة لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة، كان السادات يشيعها في كل خطبه السياسية، ومن عجب أنه يختم خطابه بقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8) ﴾ (آل عمران).   وإني لأسأله وأسأل الآخرين.. هل هذه الآية من السياسة أم من الدين؟ وهو سؤال يحمل في طياته الإجابة لمَن كان بصيرًا. ----------- * [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل