المحتوى الرئيسى

ليبيا ولعبة الكر والفر بقلم علي أبو سرور

04/11 18:51

ليبيا ولعبة الكر والفر إن تلكؤ حلف الناتو في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1973 الخاص بليبيا وإنهاء هذه المهمة بسرعة , يبعث على التشكيك في نوايا هذا الحلف ومن معه حول الأهداف الحقيقية التي دفعته للتدخل العسكري في هذا البلد الشقيق . والذي يراقب الأحداث المأساوية التي تجري على الأرض الليبية بين الأشقاء منذ أكثر من شهر ونصف والتي تزداد ضراوة يوما بعد يوم, يلاحظ بأن هذه الأحداث تجلب معها الكثير من الضحايا والتخريب والتدمير في كل دقيقة وفي كل ساعة. إن قلوب الشرفاء والأحرار في عالمنا العربي من محيطه إلى خليجه بل وفي العالم اجمع تعتصر ألما وحسره على ما يجري على الأرض الليبية من قتل ودمار وتشريد. لقد أخذت هذه الحرب المجنونة في طريقها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعاقين والمشردين من أبناء هذا الشعب العربي العظيم , ناهيك عن حجم الدمار والتخريب في مقومات هذا البلد الاقتصادية وبنيته التحتية في حرب ظالمة بين الأخ وأخيه . إننا نعلم أن هنالك أسباب جوهرية لما يحصل في ليبيا, ومنها رغبة الشعب الليبي بتغيير قيادته المستبدة والظالمة التي حكمت هذا البلد بالحديد والنار لأكثر من أربعة عقود, وكذلك سعيهم نحو الحرية والاستقلال والعيش في مستقبل أفضل. لكن كنا نتمنى أن يتغير النظام وقيادته, ويحصل الشعب الليبي على حريته بطريقة سلمية وحضارية بعيدة كل البعد عن سفك الدماء وحرق الأرض أي على طريقة ثورة مصر وتونس. إلا أن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن, فكان وضع النظام مختلف في ليبيا عنه في مصر وتونس. لذلك أحببنا أن يكون التدخل بين الإخوة عربيا بعيدا كل البعد عن التدخل الأجنبي في ليبيا, وذلك لتجاربنا المريرة مع هؤلاء الغرباء. إن المشاهد في العراق وأفغانستان والسودان والصومال لم تنتهي بعد , وما زلنا نتذكر مشهد الحرب العراقية الإيرانية. كل تلك المشاهد تؤكد على حقيقة واحدة وهي أن هذا الغرب لا يفكر إلا في مصالحة الخاصة فقط. ولإثبات ذلك نطرح الأسئلة التالية: لماذا يريد حلف الأطلسي وحلفائه إطالة أمد الحرب ؟ وهل الأسلحة الذكية التي يمتلكها هذا الحلف أصبحت غبية ؟ ولماذا اختلفت دول الأطلسي فيما بينها وخاصة أمريكا وأوروبا ؟ اننى أؤمن بان دول الحلفاء انتهت من توزيع الأدوار وتقاسم الحصص فيما بينها . وعليه فقد تم الاتفاق على إطالة أمد الحرب في ليبيا لما في ذلك من مكاسب كبيرة لكل منهم . ومن هذه المكاسب . زيادة حجم النفقات العسكرية والمدنية لهذه الحرب خاصة وان من يسدد الفاتورة هو الشعب الليبي, بحيث تصل تكلفتها إلى مبالغ باهظة تأتي على جميع مدخرات واستثمارات الليبيين في بنوك ودول العالم وخاصة في أمريكا وأوروبا. فعلى الصعيد العسكري تم الاتفاق على القضاء على جميع الأسلحة الليبية , ليتم بعد ذلك تسليح وتدريب الثوار ,وكذلك إمداد قوات النظام بأسلحة بديلة عن تلك المدمرة . إن إعادة تسليح الطرفين يعني استمرا لعبة الكر والفر في حرب مجنونه بين الأخ وأخيه, كلما خمدت نارها أشعلوها. وهذا يعني لهم تشغيل مصانع أسلحتهم, والتخلص من الأسلحة القديمة الموجودة في مخازنهم لاستبدالها بأسلحة أكثر تطورا, هذا بالإضافة إلى تجربة الأسلحة الجديدة على الأرض العربية. وأما على الصعيد المدني والاقتصادي فقد تم الاتفاق على تدمير البنية التحتية الليبية بشكل كامل وكذلك مؤسسات الدولة والمنشات الاقتصادية وإعادة ليبيا إلى الخلف عشرات السنين . إن إعادة تسليح الطرفين يؤدي إلى المحافظة على استمرار لعبة الكر والفر في حرب مجنونة بين الأخ وأخيه , كلما خمدت نارها أشعلوها , وهذا يعني تشغيل مصانع الأسلحة الغربية, والتخلص من الأسلحة القديمة الموجودة في مخازنهم واستبدالها بأسلحة أكثر تطورا, وتجربة أنواع جديدة من الأسلحة على الأرض العربية. أما على الصعيد المدني والاقتصادي فهنالك توافق كامل بينهم على تدمير جميع ما تمتلكه ليبيا من بنية تحتية واقتصادية بشكل كامل . لذلك نرى طائراتهم وصواريخ توما هوك تدمر المنشات الاقتصادية والمدنية والطرق والمطارات والموانيء ووسائل الاتصالات وشبكات ومولدات الكهرباء والمدن والقرى في عملية مدروسة وممنهجة , تلبية لمصالح الدول المشاركة في هذا التحالف في مساعدتها على التخلص من البطالة واستيعاب العاطلين عن العمل وانهاء الأزمة المالية والاقتصادية التي يعانون منها جميعا . إن هذا المشهد يشبه تماما ما حصل في العراق التي استطاع الحلفاء ( رعاة الحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان ) إعادتها إلى عشرات السنين إلى الخلف بهدف فتح أسواقها أمام شركاتهم . نعم هذا التخريب والتدمير هو إعادة للمشهد العراقي الغاية منه هو فتح الأسواق الليبية أمام شركات ومصانع الغرب لعشرات السنين القادمة في معركة أسموها إعادة الاعمار , ليظل الاقتصاد الليبي مرهونا لهم إلى ما شاء الله . كلنا يعلم حجم الترسانة الغربية من الأسلحة ومدى دقتها وذكائها وحجم الأموال التي تصرف في مجال الأبحاث عليها لتصبح أكثر دقة وذكاء خاصة وأنها تعتمد في تحديد أهدافها على الأقمار الصناعية الموجودة في سماء الكرة الأرضية وبتركيز أكثر على السماء العربية. ودقة هذه الأسلحة كانت واضحة فيما شاهدناه وسمعناه عنها في الحروب التي خاضتها إسرائيل وأمريكا ضد الأمة العربية في لبنان والعراق وفلسطين . ولكن الأمر في ليبيا مختلف , فقد أريد لهذه الأسلحة بأن تكون غبية , والدليل على ذلك هو عدم توجيه هذه الأسلحة المتطورة على النظام وقيادته لتخلص الشعب الليبي منه فتكون الحرب خاطفة وتنتهي معاناة الليبيين ويعود الاستقرار إلى ليبيا من جديد . تم الاتفاق أيضا على إمداد الطرفين بالسلاح حتى تستمر الحرب مستعرة , فيتم إضعاف الطرفين وصولا إلى فرض الاملائات الغربية وابتزاز الثوار وإخضاعهم لتنفيذ سياسة الدول الاستعمارية في ليبيا , والتي نسأل الله أن يوفق ثوار ليبيا لفهم هذه اللعبة الخبيثة وعدم الإذعان لها , لان إخضاعهم يعني استبدال وجوه النظام القديم الموالي للغرب بأخر جديد , وهذا ما لا يريده أحرار العرب والعالم وكذلك الشعب الليبي الشقيق . ولإقناع العالم والرأي العام العالمي بضرورة إطالة أمد الحرب , أخذنا نسمع عن الغرب تفسيرات لذلك , منها أن الثوار لا يمتلكون الخبرة العسكرية , ولا يستطيعون استخدام السلاح الحديث , وكذلك عدم قدرتهم على القيادة وتغلب عليهم حالة الفوضى , ولا يستطيعون المناورة أو اتخاذ مواقف دفاعية أو هجومية , وهم لا يمتلكون معسكرات تدريب , هذا بالإضافة إلى البيروقراطية في صنع واتخاذ القرارات لدى دول التحالف , لذلك كله فهم بحاجة إلى أشهر بل وسنوات كي يتمكنوا من الانتصار على النظام . وأما اختلاف دول الحلف فيما بينها وخاصة مع أمريكا, فإنني اعتقد بان هذا الاختلاف إنما جاء نتيجة لاختلافهم على حصة كل منهم في هذه الحرب. فأوروبا الأقرب لليبيا والتي تمتلك استثمارات وشركات كبيرة فيها, لا تريد هيمنة وسيطرة أمريكية لشركاتها على ليبيا وإنما تريد حصصا تساوي حصص أمريكا إن لم يكن أكثر. لذلك فقد تم حل هذا الخلاق وأصبحنا نرى تراجع حجم المشاركة الأمريكية في هذه الحرب وزيادة حجم المشاركة الأوروبية فيها. وصدرت تصريحات أمريكية بذلك وخاصة عن وزير دفاعها غيتس تقول " إن العمليات العسكرية التي ينفذها التحالف الدولي لن تسقط نظام العقيد القذافي بل إن الضغوط السياسية والاقتصادية هي التي ستؤدي إلى سقوطه " . إن ما يجري على ارض ليبيا الشقيقة , يحمل في خفاياه هدفا خطيرا أخر , يكمن في سعي الغرب إلى تقسيم ليبيا وإخضاعه إلى منظومة الشرق الأوسط الجديد بالمقياس الأمريكي الصهيوني . يبدوا أن تجارب الغرب في خلق هذا النظام الجديد عن طريق الحرب قد فشلت , لذلك كان لا بد من أن يقوم الغرب بتغير خطته ووسائله لتنفيذ ذلك , فأخذ ينتهز فرصة ما يحصل في العالم العربي من حراك شعبي وثورات محاولا توظيفه لخدمة مصالحة , عن طريق اختراق هذه الثورات وإيجاد وجوه جديدة تستطيع تنفيذ مخططاته وسياسته , بحيث تستطيع هذه الوجوه تمكينه من تحقيق أهدافه الحقيقية وهي تجزئة العالم العربي وخلق كيانات جديدة موالية له , تقبل إسرائيل في هذا المحيط العربي الكبير , مستخدما شعاراته الرنانة والمعروفة بحرصه على الديمقراطية والعدالة والمساواة والحرية وحقوق الإنسان . كلنا ثقة ومعنا أحرار وشرفاء العالم بان ثوار ليبيا أحفاد عمر المختار على دراية كاملة بنوايا الغرب ومخططاته وأطماعه في ليبيا وثرواتها . كما أننا نعلم بان هؤلاء الثوار لن يسمحوا بتجزئة ليبيا أو أن يكون لإسرائيل أي تواجد على أرضها, وهم أيضا لن يقبلوا التطبيع مع هذا الكيان الغاصب. إن دماء الشهداء والجرحى ومعاناة الأشقاء الليبيين لن تذهب سدى , وسوف يقف الثوار ومن معهم من أحرار العرب والعالم سدا منيعا ضد الغرب وأهدافه الخبيثة , وان الدم سوف ينتصر على النفط لا محالة. بقلم علي أبو سرور 9/4/2011

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل