المحتوى الرئيسى

عدوى الاستقواء والإخفاق

04/11 09:49

بقلم: كلوفيس مقصود 11 ابريل 2011 09:42:27 ص بتوقيت القاهرة تعليقات: 0 var addthis_pub = "mohamedtanna"; عدوى الاستقواء والإخفاق  لقد أصبح مسلما به أن الانتفاضات المتتالية فى العديد من أقطار الدول العربية أن تكون دوافعها متشابهه فمستوى نجاحها متفاوت. هذا الوضع يشكل تحديا لقيادات وطلائع هذه الثورات من خلال الحوار الصريح والنقد الذاتى إضافة إلى الاحتفال بالإنجازات حتى تستقيم مناعة مسيره النهضة بحيث يرتبط إنجاز ما لا نريد بإيناع خميرة ما نريد.إن هذا التوجه هو مخزون ما تنطوى عليه الانتفاضات المتباينة فى تجاربها التى وإن كانت التجارب الناجحة أدت إلى عدوى الإلهام لتمكين الشعوب من اختراق حواجز الظلم وطبائع الاستبداد، قد حان الوقت إلى أن تستقوى الشعوب المنتفضة بعضها ببعض، وأن تكون الثورات التى أنجزت مستعدة على مساعدة الانتفاضات التى لاتزال متعثرة كليبيا واليمن، فمثلما تحققت عدوى الانتفاضات بنسب متفاوتة، كذلك الأمر إذا لم يسرع النجاح الثورى بتصويب مسارات التعثر قد تصبح هناك إمكانية بأن عدوى الإخفاق قد تصبح كعدوى الاستقواء المتبادل، من هنا تتأكد حقيقة راسخة أهملت عندما تشرذم النظام العربى إن الوحدة المتوخاة تنبثق من رسوخ الثوابت الكامنة فى الوجدان العربى، التى عند استكمال رؤاها تجعل الأمة بالمناعة التى تمكنها من التكيف مع المتغيرات والمستجدات الحاصلة عالميا وعربيا.لذا بغية الإسهام فى ترجيح «الربيع العربى» على «الخريف العربى» علينا جميعا ان نخرج من حالة الالهام والانشراح بما أنجز إلى حالة الالتزام بما يجب أن يكون. من هنا يكون لزاما أن تدرك الطلائع الشبابية من جهة والمستنيرة من الأجيال الأخرى من جهة ثانية مسئوليتها المباشرة عن استيعاب التعقيدات القائمة والتعامل معها بموضوعية تتسم بصبر الثوار، حيث لا محاولة للمزايدة أو المناقصة فى حواراتهم ومن ثم فى إدارتهم للتعقيدات واستيعاب تداعياتها والحيلولة دون أن تخترق حصانة الثورة ووحدة الثوار. بعض الأمثلة على هذا هو الالتباس القائم فى فهم ما هو حاصل فى ليبيا بمعنى أن ثورة التغيير المطلوب إنجازها بإلحاح نظرا للطبيعة اللاعقلانية للنظام القائم وشراسة ممارساته وعدم التزامه بضوابط موضوعية إنسانية. استعان الثوار بمجلس الأمن الذى استصدر قرارات تلبى المبدأ القانونى الدولى الموصوف «مسئولية الحماية» للمدنيين. قد يكون تكليف النيتو بما عرف عن هذه المؤسسة فى الماضى من تحيز وعدم الالتزام بكثير من قوانين دولية وفى أيام الحرب الباردة خدمة لمصالح الغرب. أجل كل هذا من شأنه أن يستولد قلقا عند الكثير من ثوار العرب ولكن هذا القلق يجب أن يعالج بضغوط على أن تبقى أهلية العمل العسكرى الذى تقوم به بدورها عرضة للمساءلة والمراقبة من قبل من مكنها من القيام بمسئولية حماية المدنين. الذى حصل أن توازن القوى العسكرية بين طاقات النظام الليبى وإمكانيات الثوار كان مفقودا إلى حد كبير مما جعل الحاجة ملحة لتأمين حماية المدنين بشكل سريع اجتنابا لمجازر محتملة وتمهيدا لتعديل فى التوازن المطلوب الذى يوفر الامتثال الذى قد يسرع فى تنفيذ بنود قرارى مجلس الأمن 1970 و1973. وعندما يتمكن ثوار ليبيا من استكمال إنجازهم وتأمين وحدة ليبيا، عندئذ الحلقة المفقودة بين ثورتى تونس ومصر تكون قد استكملت إلى حد كبير فى منطقة المغرب العربى الكبير. إذا اعتقد أن علينا أن نتفهم دوافع القلق ولكن ألا يتحول إلى حالة مشروعة فى مثل هذه الظروف قد يكون أحد نتائج التعقيدات والاستثناء المقلق والمرشح للتصحيح والاستيعاب.فى الأسبوع الأخير بعد مظاهرات الملايين من الشعب اليمنى المطالبون بترحيل النظام القائم وبدايات انهياره من الداخل، أبدت الولايات المتحدة توجساتها من طبيعة البديل أكان فى ليبيا أم فى اليمن كونها كعادة الدول الكبرى لم ينفذوا إلى مخزون البدائل فى الوطن العربى. ومن هنا كان الالتباس فى الموقف الأمريكى من تسريع العديد من هذه الانتفاضات التى قامت لا رغبة فى بقاء الأنظمة بقدر ما كان جهلها لحيوية الانتفاضات وبرامجها ومكوناتها مغيّبة عنها. يضاف إلى ذلك الأزمة الاقتصادية والمالية التى تجعل الأولويات لمعالجة القضايا التى تفرزها هذه الأزمات على تركيز وضرورة الربط بين ما تعلنه من التزام بمبادئ الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية وبين مقتضيات ما يعتبرونه واقعية المصالح الاستراتيجية والاقتصادية فى عديد من الدول التى توصف «بالمعتدلة أو المستقرة». نشير إلى هذه التعقيدات مرة أخرى لأن إدارتها تتطلب الحكمة وما أشرت إليه بالصبر الثورى حتى تستطيع إدارة التعقيدات أن تعى كيفية تمرحل العقبات لانجاز رؤاها وبرامجها الإصلاحية المتفق عليها. الأهم فى هذا الشأن هو أن نبقى نصب أعيننا آثار هذا «الربيع العربى» على كيفية تعامل إسرائيل مع هذا الربيع فهى كانت دوما تتوقع أن يبقى الركود العربى هو الضمان لاستكمال أهداف المشروع الصهيونى. من هنا جاء التصريح لوزير الخارجية فى الحكومة الانتقالية لمصر نبيل العربى يلخص بأن أى عدوان لإسرائيل قد تقوم به لن يكون منفلتا من العقاب وتنطوى هذه التصريحات على بدايات الردع العربى لتمادى إسرائيل لاستباحة حقوق الشعب الفلسطينى وأن الالتزامات الغابنة التى كان يمارسها النظام السابق فى مصر من تسهيلات فى موضوع الغاز على حساب الشعب المصرى وغيرها من تسهيلات لم يتسامح معها الشعب المصرى، كل هذه تدل على مؤشر النضج والحكمة فى إدارة التعقيدات وما تنطوى عليه من ضرورات التمرحل. بمعنى آخر أن مصر هى فى طريق استعادتها كبوصلة متميزة ومرجعية موثوقة للعمل القومى العربى. نشير إلى هذا الواقع المعقد لأن إدارته التى تتطلب كما أشرنا الصبر الثورى هى التى تحول دون الاضطرار فى مرحلة لاحقة إلى ادارة الفوضى. فالانضباط فى هذه المرحلة التى يتربص فيها خصوم العرب وأعداؤهم لإجهاض احتمالات النهضة العربية الواعدة تستوجب أن نوفر المناعة للحراك المطلوب وأن يتم تفعيل إجراءات وحدوية مدروسة مثل السوق العربية المشتركة وتوفير الفرص لنقل المجتمعات العرقية والطائفية والمذهبية والقبلية من حالة التفكيك إلى حالة المواطنة. لعل هذا هو المدخل لتحصين ما هو متوافر إلى صيرورة النظام العربى البديل. يستتبع ذلك أن الدعوى للكرامة والحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية لا تعود مصطلحات مثالية بل برامج عملية. فالنهضة هى حصيلة جعل المثالية هى الواقعية السائدة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل