المحتوى الرئيسى

دولة في البحر بقلم:مروان صباح

04/11 21:20

دولة في البحر كتب مروان صباح / في سياق إندلاع ثورات الكرامة وعزة النفس وبالرغم من المحاولات القاسية والطويلة في التطويع والتدجين مقابل محاولات مضادة للتفلت من قبضة التحنيط تتصاعد وتيرة الصدام بالنار والدم بين من يرى أنه جاء الوقت لتشق الشعوب طريقها نحو زمن الحرية والمساواة ومن يرغب بالمحافظة على مواصلة إنتاج مجتمع سفلي من المجرمين والقوادين . تذهب إسرائيل بإنزواءها المعهود بعيداً عن الأضواء العالمية والأكتفاء بتعليق أو تصريح يأتي مخبأً بين السطور يكاد لا يُسمع ولا حتى يُقرأ على شريط التلفاز لكثرة الحراك الملتهب بينما يحمل في طياته الكثير من الإنتهاكات اليومية المتزايدة بشكل جنوني من إستيلاء للأراضي في الضفة الغربية . ما كتبه الفلسطينيون ومعهم العرب خلال السنوات الماضية من تحذيرات لمخططات إستيطانية في القدس والضفة الغربية يعفيهم من تهمة الإهمال من توثيق مرحلة مهمة في التاريخ وينقل هذه التهمة إلى المتلقي من قراء أو حتى مستمعين بالصدفة أو حكاماً حضرت فلسطين دائماً في خطاباتهم لأنهم يحبذون التطنيش على مواجهة الواقع المرير وتَمُحل المسؤولية التاريخية . لا يمكن أن تكون القضية الفلسطينية بمعزل عن ما يجري في الوطن العربي الكبير من غليان ، فقد وصل حال أهل الضفة الغربية إلى المأزق التاريخي وبدت الإتفاقيات التى وقعت منذ زمن كأنها من التراث السياسي وتحولت القضية اشبه بالمومياء المحنطة يتجاهلها الطرف الإسرائيلي عن قصد بل وصلت إلى الإستخفاف . لا يخفى على احد وجود محاولات التلاعب بالمسألة الفلسطينية ، ويبدو أن العالم أصبح يغرد خارج السرب الذي كان السياسي الفلسطيني يغرد فيه ، ففي الايام القليلة الماضية تبين أن إسرائيل لديها مشروع جاهز لدولة فلسطين المنشودة في حدود قطاع غزة وتمتلك مخطط توسيع جغرافية غزة الجديدة لتصبح ممتدة في المياة الإقليمية على شاكلة نخلة دبي ، نجد أنفسنا ونحن نتابع مسلسل إسرائيل الطويل أمام معضلة أخلاقية مزمنة على درجة كبيرة من الخطورة والأهمية لِما يطرح بأن من سابع المستحيلات الربط الجغرافي في الوقت الراهن بين القطاع والضفة وبدأ ذلك يترسخ في أذهان المجتمع الدولي بأن هذا التواصل يحتاج إلى حرب عالمية ثالثة ، ولكن الشعب أكثر وعياً من السقوط في هذه الهاوية ولن يسمح لأحد مهما طال شأنه بجرّه إليها فالحقائق المسجلة بأن الإسرائيلي شغله الشاغل قضم الأرض مع تواطىء دولي . الفيتو الأمريكي الداعم للإستيطان الإسرائيلي والرافض لمطالب الفلسطيني بالتوقف الفوري عن الإستمرار بالبناء ، هو بمثابة أعطاء شرعية دولية بأن الضفة الغربية جزء من الدولة العبرية ، مما أسقط القناع عن الإدارة الأمريكية وجعلها تتخلى عن الضغط الوهمي على إسرائيل في قضية الإستيطان بينما تركوا الفلسطينيون إلى أقدارهم والعزلة القاتلة . كان ومازال الرهان الإستيطاني منذ البداية تجزئة وتفتيت المدن في الضفة الغربية والقدس كما فعلوا ما قبل 1948م والحلم المتجدد بالسطو على ما في باطنها من ماء وعلى سطحها من هواء وإخلاء ما عليها من بشر ، فيعتقد الإسرائيلي بأن ما لم يتحقق في الحرب قد تحققه الإتفاقيات سريعة التحنيط والتى تفقد صلاحيتها وتتحول مادة تدرس في الجامعات في احسن حال . المشهد الفلسطيني يبدو قاتماً ومتغلف بالحزن والإحباط ولكن هناك أمل أوكرة ثلج يمكن أن تكبر وأن تتدحرج لتغير الأمور بعد أن بدأ الكيل يطفح وأصبح الشعب في الضفة مستنفر ومستحضراً للخروج من حالة العزلة وأن الحق حصحص لمراجعة تاريخ كان قريب ليس ببعيد صادقاً ، لا يمكن لعاقل ان يؤمن بتضاريس بلادنا بأن ماسورة الماء المخزوقة التى إنفجرت بين الضفتان الشرقية والغربية ما هي إلا أسطورة وهمية وعلى الجميع أن يدرك أن في الوحدة قوة وفي التعالي فوق الجراح في الأزمات قمة الوطنية وأن الشعب والقضية يمران بأزمة شديدتان وهم بأشد الحاجة إلى النهوض من الفخ الذي إنزلق به ، وإذا لم نكن قادرين على إنتشال أنفسنا سنقرأ الفاتحة على أرواحنا . بعد هذه التجارب المليئة بالمطبات المصطنعة ولزمن تجاوز نصف قرن يفترض أن نفكر ونتصرف بطريقة تبقي باب الإحتمالات والممكنات السياسية والإقتصادية مفتوحاً كي لا يصير مصيرنا كما حصل بالهنود الحمر أو كي لا نعيد إنتاج فشلنا من جديد ونصدر حكماً إعدامياً سياسياً على الشعب . والسلام كاتب عربي عضو اللجنة الدولية للتضامن مع الشعب الفلسطيني

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل