المحتوى الرئيسى

باسل رمسيس : قبطي/إسلامي/عسكري .. سمك/لبن/تمر هندي

04/10 21:18

حين بدأت في كتابة هذا النص، قبل أيام قليلة، لم تكن هناك نية في نشره. بل كان الهدف منه هو إرساله لبعض الأصدقاء المشاركين و الفاعلين في مبادرة تأسيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، لإثارة حوار معهم في نطاق ضيق. بمنطق (النقد و الحوار داخل البيت). و لسببين قررت نشره، السبب الأول هو ما حدث في ميدان التحرير يوم ٨ أبريل و فجر ٩ أبريل، و يضع بوضوح، أمام الجميع، حقيقة عداء المجلس العسكري للثورة. بالرغم من أن الكثيرين واعون لعدائه لها منذ نزول الجيش للشوارع.و السبب الثاني هو أن منطق (النقد والحوار داخل البيت) كان يجب أن يتم إسقاطه منذ سنين طويلة، كونه يشترط إغلاق النوافذ، عدم دخول الشمس و الهواء، و بالتالي التعفن، و أعتقد أن ثورة يناير، و نوعية حوارات ميدان التحرير قد أسقطته فعليا.موضوع النص/المقال هو الرسالة المنشورة كملحق له، و التي أرجو القارئ أن يقرأها، و يتأمل قائمة الموقعين عليها، قبل أن يستكمل قراءة النص ذاته.هي رسالة كان من المفترض إيصالها للمشير طنطاوي يوم الخميس الماضي. لا أعرف إن كان هذا التسليم قد تم أم لا. إلا أنها قد وصلتني بطريقة ما، جعلتني أفهم بأن المبادر لها هو “حزب التحالف الشعبي الاشتراكي”، أو بعض قياداته علي الأقل. و هو ما أفزعني، لمضمونها و لنوعية موقعيها. و ذكرتني بعنوان فيلم رأفت الميهي (سمك لبن تمر هندى). و بما أن الفيلم المشار إليه يعجز عن تقديم الإجابات، فسأكتفي أيضا بطرح بعض التساؤلات.كيف نستطيع أن نناضل من أجل فصل الدين عن الدولة، و من أجل دولة مدنية علمانية، وإنهاء اللعبة الطائفية، و في ذات الوقت، ليس لدينا – كيسار – أي مانع في التعاون مع بعض المنظمات القبطية؟ ما دخلها في السياسة أصلا؟ و لماذا لا يمارس أعضاؤها أفكارهم، و نضالهم الديمقراطي إن وجد، باعتبارهم مواطنين مصريين؟ سوف أتجاهل هنا حقيقة أن قطاعا ما من منظمات أقباط المهجر هي منظمات مشبوهة علي عدة مستويات. ولم تلعب في أي وقت، سواء قبل أو بعد يناير، دورا حقيقيا من أجل الديمقراطية و حقوق المواطن المصري، المسلم و المسيحي.سعدت حين تم الإفراج عن عبود الزمر مؤخرا، فهو من وجهة نظري سجين سياسي، و ليس مجرما. أتذكر أن المطالبة بالإفراج عنه قبل ثورة يناير، تمت عبر تيارات و منظمات حقوقية ليس لها طابع ديني. و هو ما أراه صائبا حين يتعلق الأمر أيضا بضرورة مواجهة الانتهاكات و الجرائم الطائفية.لم أفزع من تصريحات الزمر (الخايبة) التي أطلقها بعد ساعات من الإفراج عنه. فقط لفت انتباهي أنه لم ينضج أبدا، و لم يستوعب أن مصر قد تغيرت كثيرا عن ١٩٨١ حين تم سجنه، و أنها قد تجاوزت تصورات تياره عنها، والتي تناسب القرون الوسطي. ما أفزعني هو منحه كل هذه المساحة الإعلامية. وأعتقد أن هذا جزء من توجيهات المجلس العسكري الذي يدير البلاد. يعكس رغبة الجنرالات في إلهائنا بقصص من هذا النوع. بالإضافة إلي أن هذا النوع من الشخصيات، تحركات الجماعات السلفية، و أيضا المفاوضات و التقارب مع الأخوان المسلمين، من الممكن أن تكون فاعلة في تحجيم الثورة الديمقراطية.لكن، هل يكون الرد علي هذه الخطوات عبر اللعب مع الطائفيين المتواجدين علي الناصية المقابلة؟ أليس من المجدي في هذه الحالة هو إجبار جميع الطائفيين علي التقاعد و ليس تنشيطهم؟ سواء كانوا من التيارات الإسلامية، الآزهر، دار الإفتاء، رئاسة الكنيسة، إلخ.أعتقد بأن القارئ يتذكر جيدا أن البابا شنودة قد “أفتي” يوم ٢٦ يناير، باعتباره أحد موظفي نظام مبارك، بأنه لا تجوز المشاركة في التظاهرات. و القارئ يعلم أن المواطنين المصريين، الذين يحملون – بالصدفة – الديانة المسيحية في هوياتهم، قد شاركوا في الثورة ضد إرادة رئاسة الكنيسة، و لإسقاط كل السلطات الفاسدة. فلماذا علينا العودة إلي الوراء إذا؟ما هي جدوي أن يأخذ حزب سياسي نضالي دور المنظمات الحقوقية في الحديث عن هذا النوع من الانتهاكات و بلهجة المناشدات التي تعكسها الرسالة؟ما الذي يجمع أصلا بين حزب سياسي يساري و علماني، بمجموعات دينية و منظمات لحقوق الإنسان، بعضها ليس له علاقة بمصر أصلا؟ ما الذي يدفع بحزب يساري أن يشارك أصلا في التوقيع علي رسالة تتحدث عن انتهاكات ما بخطاب حقوقي بحت، و ليس له أي أبعاد سياسية أو اجتماعية؟ هذا في حالة أن دور التحالف الشعبي كان التوقيع فقط و ليس المبادرة.هل علينا أن نستنجد بطنطاوي لإنقاذنا؟ بالرغم من كونه أحد عناصر نظام مبارك، و إن كان عنصرا باهتا و غير فاعل في هذا النظام، علي رغم إرادته. هل الجيش أو الشرطة هما القادران علي حل أزمة أو تأزم طائفي؟ما جدوي توجيه رسالة إلي الأب، القائد، المشير طنطاوي؟لن أعتذر عن السخرية هذه المرة، فالرسالة المنشورة تبررها، بلهجتها الكارثية، بدءا من مقدمتها: (يتشرف الموقعون أدناه بعرض ما يلي)، وصولا لحديث فضفاض عن هيبة الدولة. و هو مصطلح ينتمي لعصر مبارك كرئيس للمشير. و سأتجاهل مناقشة هل اليسار يود الحفاظ علي هيبة الدولة أم لا. التجاهل المؤقت سوف يطال تفاصيل شديدة الغرابة و الخطورة، مثل الحديث عن (قوانين معمول بها في البلاد). فقط أتساءل، هل من ضمن هذه القوانين المعمول بها القانونان المشبوهان الآخيران، الخاصان بالأحزاب و بتجريم التظاهر و الإضراب؟اللغة هنا ليست فقط قديمة و باهتة، إنما شديدة الخطورة أيضا. فحين يتم الحديث عن (العهد البائد) و (تسلم المجلس الأعلي لزمام الأمور) و (الحزم)، يتم استخدام لغة تعيدنا إلي زمن قد انتهي، و تعود بنا إلي ما قبل ستين عاما. و لذا فلن نندهش إن تصور طنطاوي نفسه جمال عبد الناصر الجديد!!!إلا أن الأكثر خطورة في اعتقادي، إضافة للهجة الرجاء السائدة، هو أن أعضاء هذا الحزب، و القريبين منه، قد شاركوا في ثورة تستهدف إسقاط نظام، و هتفوا بأن الشرعية هي للشارع و هي شرعية الثورة. وفجأة تأتي هذه الرسالة لتهدي للمشير شرعية لا يملكها، حين يوصف مع مجلسه العسكري – بالرغم من مسؤليتهم عن إنهاك الثورة لعلمهم بأنها ستتجه ضدهم – بأنهم المسئولون عن وحدة البلد و أمنه و إستقراره!!!لا يا أصدقائي، المسئول عن وحدة البلد و أمنه وإستقراره هو أنتم، كل القوي السياسية الديمقراطية، و أنا معكم. وقبلنا جميعا هذا الشاب الريفي الثوري، الذي أشرت إليه في المقال السابق. و الذي قد ردد أيضا جملة (مسرحية مسرحية… و العصابة هي هي(كانت “الساعة” هي رمز حزب التجمع في الانتخابات البرلمانية، حين أجريت بنظام القوائم. لقد انتهي هذا الحزب حين توقفت ساعته عن العمل و خربت، ولذلك فهو “يتوفي” الآن. أعتقد بأنه من المتاح لنا بأن “نظبط” ساعاتنا جميعا، نتوقف عن كوننا حكماء، يتجاوزهم الشارع الصاخب و “الطائش”. فهذا الشارع، و منذ أسابيع قد تجاوز “الحكمة”، أسقط مبارك بقيم صبره/طيشه/وجنونه. و أكد علي هذا التجاوز يومي الأول و الثامن من أبريل، ضاغطا من أجل أن يسلم العسكر السلطة لمجلس رئاسي مدني، أن تتم محاسبات لجميع من ارتكبوا انتهاكات، سواء كانوا أفرادا، أو جنرالات. سواء كانت الانتهاكات هي قطع أذن مواطن، تعذيب في ثكنات الجيش، أو تقديم المدنيين لمحاكمات عسكرية مسلوقة.مواضيع ذات صلة

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل