المحتوى الرئيسى

أزمة الإخوان المصريين تتفاقم ... مع الانفتاح السياسي وثورة 25 يناير

04/10 11:22

هاني نسيرة لافتة للاخوان المسلمين مؤيدة للتعديلات الدستورية في أحد شوارع القاهرة.jpg قد لا يخلق الاستبدادُ والانغلاق السياسي الحركاتِ الإسلاميةً - معتدِلَها وعنيفَها -، التي تلدها سياقاتُها الخاصة وروافدها الفكرية، ولكن الانغلاق السياسي يحفظ هويتها الفكرية والتنظيمية وشرعيتها كبديل له، أو وفق منطق المخالفة! ومن جانب آخر، يضعها الانفتاح والحوار الديموقراطي والمجتمعي في اختبارات دائمة أمام أعضائها في المقام الأول وأمام الآخرين وأمام أشباهها والمنشقين عليها، انتقاداً ونقداً وكشفاً للمسكوت عنه حين يسود الصمت السياسي وتنضب قيمة الحوار وضرورته! من هنا، تتصاعد لغة المرونة الفكرية والممارسة العملية، وكلاهما يفكك من الصورة المعتادة للتنظيم الإخواني، كما تتصاعد الخلافات التنظيمية التي قد تؤدي ببعض القيادات التاريخية للاستقالة والخروج، وأحياناً الانتـــقادات، فشاهدْنا استقالة عضو مجلس شورى الجماعة هيثم أبو خليل، ثم أتت استقالة كلٍّ من الدكـــتور عبد المنعم أبو الفــــتوح والدكتور إبراهيم الزعفراني عضو مجـــلس شوراها، ومجموعة أخرى ستعلِن قريباً، أو ستدرس انضمامها لحزب آخر، أو تأسيس حزب جديد. وقد جاء رد الجماعة «التي لا تعتذر لأحد»، كما قال مرشدها الثاني في أوائل الخمـــسينيات، بارداً وسلبياً تجاه هذه الاستـــقالات، معلنة تمنِّـــيها التـــوفيق للإخوة المستقيلين، ومؤكدة - على حد قول جمال ماضي على موقع الإخوان - أن «الجماعة مستمرة في حركتها كالقطار، لا يتوقف إلاّ لنزول أحد الأفراد»! ورغم أن الاستقالات السابقة قد أتت من عمق جيل الوسط داخل الجماعة، إلا أن الصراع الجيلي يبدو أعمق وأبعد من جيل الوسط، حيث ينشط شباب الإخوان منذ بداية ثورة «25 يناير» في توجيه النقد لقادتها وهياكلها الإدارية، مطالبين بإصلاحات جوهرية، سواء على مستوى الرؤية والموقف الســــياسي، أو على المســـتوى التنظيمي، مطالـــبين بطروحات تجديدية تتجه بالإخوان نحو منـــظورات أكثر انفتاحاً واتساقاً مع لحـــظة الانفتاح الجديدة، وهو ما يمثل تحدياً للجماعة الأم في مصر، التي طالما تعالت على التجارب الإسلامية المعتدلة الأخرى في تركيا، أو حتى في تونس وأندونيسيا وماليزيا، حيث تيارات الإسلام الليبرالي أو الحضاري! فقد طالب شباب الإخوان بحل الهياكل التنظيمية والإعلان عن مجلس إداري انتقالي، الى حين إجراء انتخابات جديدة تتصف بالنزاهة في الجماعة الإسلامية الأكبر، كما طرحوا مقولات نظرية أكثر اعتدالاً وانفتاحاً، حيث لم يمانعوا في تولي قبطيٍّ رئاسة الجمهورية، وطالبوا بمرجعية وأسس خطابية وعملية لمجتمع تعددي بالفعل! ثمة إشكالاتٌ عديدة أخرى تطرح في طريق جماعة الإخوان في مصر بعد الثورة، أولها فقرها التنظيري وجمودها عند لحظة الإمام المؤسس حسن البنا، وصورتها المشوَّهة لدى العديد من الإسلاميين والفاعلين الاجتماعيين من الجمعيات الإسلامية، الذين يرون في الجماعة الأكبر في مصر اختزالاً للإسلام في صندوق الانتخابات وبعداً عن العلم والتعاليم الشرعية وممارسة براغماتية مع الفعل الديني! أما القــوى المـــدنية، التي أُعجـــِب جُلّـــُها بورقة الوفــاق المدني التي طرحتها الجـــماعة بعد الثورة كمرجعـــية للوفاق الوطني، فلا زالت هواجـــسها قــائمة، ترتفع أحياناً وتنخــفض حيناً، ولكن في كل الأحوال تظل ثقتها في الإخوان مــهتزةً، وبخاصة بعد معركة التــعديلات الدســــتورية، التي فارقت فيها الجميع وفاصلتهم من أجلها، بل رفع البعض سقف هواجسه ليتــحدث عن صــفقة غير معلَــنة بين الإخوان وبين المجلس الاعلى للقوات المسلحة، أنكرها الأخير ونفاها على لسان متحدثيه الرسميين! ويبقى السؤال: إذا كان الانغلاق السياسي قد جعل من الإخوان ضحيةً على مدار العهود السابقة، منذ 1952 حتى سقوط نظام مبارك 2011، فهل سيجبرها الانفتاح على التفكك البنيوي، حيث تتكشف الأخطاء، ويعلو الجدال داخل التنظيم، وينشط المنافسون في الفضاء الإسلامي من المعتدلين، المنشقين الى السلفيين والجهاديين! تحدياتٌ لا شك في أن الخطاب النظري والفكري للجماعة أفقرُ وأعجزُ أن يَحُلَّها! *نقلا عن "الحياة" اللندنية

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل