المحتوى الرئيسى

التعليق السياسي بقلم: نسيم قبها

04/09 20:46

التعليق السياسي تصاعد موجة الاحتجاجات الشعية في المنطقة، فبعد إخراج زين العابدين ومبارك من السلطة وانتقال الاحداث الى كل من اليمن وليبيا والبحين ، واخيرا الى سورية والاردن ، وينتظر ان تطال موجة التغييرات معظم دول المنطقة. واللافت للنظر ان امريكا والغرب الذين نصبوا كل اولئك الحكام ، ورعوهم وحموا بهم مصالحهم لعشرات السنين ، بدا للناس الآن انهم مع تحقيق رغباتهم في التخلص من اولئك الحكام ، الذين ما كانوا وحتى وقت قريب موضع عداء مع امريكا والغرب. فزين العابدين كان علمانيا بل كان معظم طاقم حكمه من العلمانيين والاستئصاليين على النمط الاتاتوركي . اما مبارك فقد كان عراب امريكا في المنطقة. والرئيس اليمني كان ذراعا لأمريكا في مكافحة ما يسمى بالارهاب . أما القذافي فقد أرسل معدات ليبيا النووية بصناديقها الخشبية بالطائرات عشية الانتخابات الرئاسية الثانية لبوش الابن ليبرهن بوش امام الشعب الامريكي على نجاح سياسته في ( مكافحة الارهاب)، مما ساعد بوش في الفوز بالانتخابات الرئاسية. فما الذي يجري وماذا تغير في اولئك الحكام حتى استغنت امريكا عنهم وعن خدماتهم والتي تظهر هذه الايام انها تعمل جاهدة على مساعدة شعوب المنطقة في التخلص منهم؟ ومما يثير الانتباه ويلفت النظر بقوة كذلك ، هو التغييب الواضح لأية شعارات اسلامية من مطالبات الناس، حتى بدا وكأن الجماهير الغضبة والنقمة على حكامها لم تسمع بالاسلام ووجوب تطبيقه ابدا ، رغم ان الاسلام هو دين الاغلبية العظمى منها ، ومراكز استطلاع الرأي في الغرب هي التي ذكرت ان غالبية المسلمين تريد تطبيق الاسلام . فقد ذكر معهد غالوب في الاستطلاع الذي سبق أن اجراه في المنطقة العربية أن 94بالمئة من العرب يرون ان يكون الاسلام المصدر الاساسي للتشريعات والقوانين ، وان 64 بالمئة منهم يرون ان يكون الاسلام المصدر الوحيد للتشريعات والقوانين، بل ان اغلبية من استطلع رأيهم يرون الاسلام يشكل جزءا اساسيا في حياتهم ، فكيف يتفق ذلك مع خلو مطالبات الجماهير من الاسلام وشعاراته؟!. وللجواب على ذلك فإن هذا الانقلاب الامريكي على الحكام، ووقوقفها الى جانب الشعوب وخياراتها لم يكن وليد اللحظة ، بل كان تطبيقا لمشروع معلن من قبل الادارة الامريكية منذ اكثر من خمس سنوات وهو مشروع ( الشرق الاوسط الكبير) والذي يقتضي في تضمنه استبدال الانظمة البوليسية في المنطقة بأنظمة تحظى بالشعبية ، وسبق أن ابدت كوناليزا رايس وزيزة الخارجية الامريكية في عهد بوش الابن حماسة شديدة للتحول الديموقراطي في الشرق الاوسط حتى وإن ادى الى تغيير واستبدال الانظمة الموالية والحليفة ، وعندما قيل لها ان التفاعلات في المنطقة لا تترك مجالا آخر سوى الفوضى او سيطرة الجماعات الاسلامية ،وان تؤدي بالضرورة الى انتصار الديموقراطية ، فإنها لم تتردد في القول ان الوضع الحالي ليس مستقرا وان الفوضى التي ستفرزها عملية التحول الديموقراطي في البداية هي من نوع الفوضى الخلاقة التي ربما تنتج وضعا افضل مما تعيشه المنطقة حاليا. وامريكا تريد من وجود الانظمة التي تحظى بالشعبية وتحتضنها الامة ان تمكن لنفسها في بلاد المسلمين لضمان تسيدها في هذا القرن ، الذي تعتبر ان العدو الرئيس فيه هو الاسلام وعودته الى قيادة المسلمين من خلال دولة واحدة تهدد وجود الغرب ومصالحه في بلادنا بل وفي العالم كله . والذي يطمئن امريكا على امكانية نجاح ترتيباتها وخططها لمنطقة الشرق الاوسط الكبير – والذي يشمل منطقة العالم الاسلامي من غرب الصين حتى المحيط الهادىء- هو صدور تأييد الشعوب للأنظمة الجديدة عن قناعة بأفكار الحضارة الغربية بعد تسللها الى عقول الناس بمدلولات مبهمة . وامريكا تدرك ان الشعوب في المنطقة محتقنة على حكامها ، وقد كفرت بهم ، لظلمهم الشديد ، واجرامهم ، ولصوصيتهم ، واهدار عزة وكرامة شعوبهم ، هذا فضلا عن مجافاة الحكام لرغبات الامة في السيادة والارتقاء ، فأمريكا مستيقنة أن الشعوب مهيأة للإنفجار وتحتاج فقط لمن يعلق الجرس . وكانت مصر هي الدولة التي برزت فيها تحضيرات امريكا لتغيير الحاكم ، فبرزت تنظيمات وشخصيات عديدة تعارض النظام ، وكان من ابرز تلك الاحزاب عمالة لأمريكا هو حزب الغد بقيادة ايمن نور، فضلا عن البرادعي وغيرهم، وقد لعبت السفارة الامريكية دورا قذرا في ايفاد العديد من شباب مصر الى مركز (فريدوم هاوس) اي بيت الحرية المرتبط بالمخابرات الامريكية لتدريب الشباب المصري على السلوك الديموقراطي وعلى القيادة بعد تشريبهم الثقافة الغربية ، وهم من تولى الاشراف على ثورة الفيسبوك فيما بعد . ولولا حادثة البوعزيزي في تونس التي عجلت في بدء الثورة في تونس ، لكانت مصر هي المرشحة الاولى في حصول التغييرات ، المعدة سلفا لمصر وغيرها من دول المنطقة. وكان تغييب شعارات الاسلام متعمدا ، فقد ذكرت إحدى الصحفيات أن احد المتظاهرين في مصر حاول رفع شعار ( الاسلام هو الحل) فهاجمه بعض المتظاهرين ومنعوه وقالت بالحرف( كانوا حيكلوه أكل) . ومنعت قيادة الاخوان المسلمين اعضاء الجماعة الذين شاركوا بقوة في احتجاجات مصر من رفع شعار ( الاسلام هو الحل) بل وحتى رفع المصحف الذي يشير رفعه الى ان القرآن هو الذي ينبغي ان يكون مصدر دستور للمسلمين ،وذلك حجة الحفاظ على "الوحدة الوطنية" . وبالتالي فإن الشعارات التي اطلقتها امريكا في مظاهرات الجماهير في المنطقة عبر عرابيها مثل ( نعم للديموقراطية) و (نعم للدولة المدنية) و( لا للدولة العسكرية والدينية) وغيرها من الشعارات التي اصبحت تتردد في جل المظاهرات في المنطقة العربية ، سيصبح من الصعب التراجع عنها بعد أن تبنتها هذه الجماهير مما يعني نجاح امريكا في مشروعها ودوام قيد الناس وتسلط امريكا عليهم وعلى رقابهم بتغيير وجوه ، والاتيان بوجوه أخرى. نسيم قبها

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل