المحتوى الرئيسى

هويدا صالح : تساؤلات لمثقف مشارك في ثورة التحرير

04/09 17:31

منذ تنحّى رأس النظام السابق في الحادي عشر من فبراير ونحن نأمل ونعمل على أن تطال الثورة كل مناحي الحياة في مصر ، تنال كل مؤسسات مصر  بصفة عامة ، ومؤسسات وزارة الثقافة بصفة خاصة ، وحين تمّ تعيين الشاعر سعد عبد الرحمن على رأس الهيئة العامة لقصور الثقافة فرحنا فرحا عظيما لسبب بسيط وواضح وهو أن سعد عبد الرحمن أحد الذين دأبوا على التواجد في ميدان التحرير ، وأحد الذين هتفوا بسقوط النظام ، ليس باعتباره الرجل الثاني في الهيئة العامة لقصور الثقافة وقتها ، بل تواجد بصفته الشخصية ، كان يمثل نفسه فقط حين كان يعلو صوته  ويتحد مع أصوات ثوار 25 يناير ” الشعب يريد إسقاط النظام “.ولأن الهيئة العامة لقصور الثقافة التي سُميت قبلا بالثقافة الجماهيرية هي أقرب مؤسسات وزارة الثقافة إلى الشعب ، وأكثر المؤسسات تأثيرا لو عرف القائمون عليها كيف يديرون العمل الثقافي فيها ،فهي التي يمكن لها أن تشكل وعي الناس ، ليس الوعي الثقافي فقط ، بل وحتى الوعي السياسي .على خلفية ما سُمي ” بغزوة الصناديق ” وانسياق الأغلبية الصامتة وراء دعوات أطلقها البعض باسم الدين لتمرير أهداف سياسية لهم يأتي دور الهيئة في توعية الناس حتى لا يسيروا كالقطعان وراء من يستطيع باسم الدين أن يحركهم . تأتي أهمية الهيئة العامة لقصور الثقافة في أنها هي الهيئة الثقافية الوحيدة في مصر التي تصل إلى مدن وقرى ونجوع مصر والتي يُتاح لها تواجدها في طول مصر وعرضها  ، هذا التواجد يُتيح لها أن تشارك أو تتبنى مشروع نشر الوعي الثقافي والسياسي بين قطاعات كبيرة من الشعب المصري ، وخاصة الفئة الأهم والشريحة الأكبر وهي شريحة الشباب . ولا تتعامل الهيئة فقط مع شباب المبدعين أو المهتمين بفروع الإبداع ، بل تتعامل مع قارئ افتراضي من كافة الأعمار ، صبية وشباب ، بنات وفتيان ، فلو أمكن للهيئة أن تضطلع بهذا الدور لقدمت لمصر خدمة جليلة حين تقوم بتثقيف شبابها سياسيا ومجتمعيا .إذن هي تركة صعبة وثقيلة تلك التي أُلقيت على كاهل سعد عبد الرحمن ، والرجل بما عُرف عنه من نزاهة ودأب بدأ عمله بقرارت يراها المراقب عن كثب ثورية وجريئة ، حيث أعفى كل من تعدى سنه الستين ومازال يعمل في الهيئة وينال مرتبات ومكافآت ضخمة أحق بها شباب يكون قادرا على العمل ، كما أنه قام بثورة إدارية حين حاسب موظفين كانت عليهم مؤاخذات مالية وإدارية ، لكن تلك الروح الثورية يجب ألا تتوقف عند هذا الحد ، فالهيئة تحتاج لثورة حقيقية لا تقل أهمية عن ثورة 25 يناير لما فيها من مشكلات يستطيع المتابع عن قرب أن يرصدها : بداية من سلاسل الهيئة المتشابهة والمتنوعة والتي يمكن دمج الكثير منها فيتم توفير مال عام يُهدر دون معنى مرورا ببعض إصدارات الهيئة الصحفية التي يمكن دمجها في إصدار قوي وفاعل يمثل الهيئة ، فأنا أتساءل ما قيمة مجلة تشكيلية بعنوان ” الخيال ” تنفذ كلها في فصل الألوان مما يجعلها تكلف الدولة أموالا طائلة في وجود جريدة متخصصة أخرى هي ” مسرحنا ” إضافة إلى مجلة الثقافة الجديدة التي ربما يُحسب لها مؤخرا قفزة نوعية في المادة الثقافية الدسمة التي تقدمها للقارئ ، لماذا لا تدمج مجلة التشكيل تلك مع الثقافة الجديدة أو مسرحنا ؟أيضا هناك قصر السينما الذي يرأسه تامر عبد المنعم الذي كان له موقف سلبي واضح من ثورة 25 يناير لماذا لم يتم تغييره وهو حسب نفسه على النظام السابق بشكل واضح دون خوف أو خجل ؟هناك أيضا موقع الهيئة الألكتروني الذي يشرف عليه الدكتور مصطفى الضبع وهو قادر على أن يُفعّله ويجعله موقعا فاعلا وقويا بما لدى مصطفى الضبع من مهارات تقنية ، فما حاجة الهيئة لمجلة أون لاين ” مصر المحروسة ” فلماذا لا تُدمج المجلة مع موقع الهيئة ونوفر على الدولة تلك الآلاف المؤلفة التي ينالها القائمون على المجلة ؟إضافة إلى ما سبق هناك إدارات في الهيئة غير فاعلة رغم أهميتها ودورها الخطير الذي يمكن أن تطلع به أولها إدارة المرأة والشباب  والعمال ، ومن الواضح  كيف يمكن لهذه الإدارات أن تخدم الفكرة الأولى التي طرحت وأقصد بها فكرة نشر الوعي بين قطاعات الشعب المختلفة .أليس الأجدر بنا بعد تلك الثورة التي أشعل فتيلها شباب مصر وشارك فيها عمال ونساء مصر أن نهتم بتلك الإدارات التي تظل مجرد هياكل ضعيفة وغير فاعلة في الهيئة العامة لقصور الثقافة ؟ثم نخلص لأمر آخر قد يكون أشد خطورة ، صحيح أن الإدارة المركزية في القاهرة ترسم خططا وسياسات للثقافة وترسلها إلى الفروع في مدن وقرى ونجوع مصر ، لكن القائمين على تنفيذ  تلك الخطط وتلك السياسات يتعاملون مع الأمر باعتباره مجرد روتين يملأون به الأوراق ويسجلون أنشطة على الورق دون عمل حقيقي ، فيضيعون تلك السياسات والخطط التي ترسم إضافة إلى جريمة فساد مالي خطير حين يصرفون بنودا مادية على تلك الأنشطة الوهمية التي تسجل على الورق . إذن وما الحل ؟ الحل هو أن يعين في هذه المواقع الحيوية والخطيرة مبدعين ومثقفين حقيقيين ينفذون سياسات حقيقية وليس مجرد حبر على ورق . الحل أن يوضع على رأس هذه الأماكن شباب مبدع ومثقف ومتحمس قادر على العطاء وليس قادرا على تسديد الخانات وإنفاق المكافآت .نأتي للأمر الأخير الذي لا يقل أهمية عن كل ما سبق وهو بما أن سعد عبد الرحمن يتمتع بميزتين لا يتمتع بهما موظف عام الميزة الأولى أنه نزيه وشريف ليس على رأسه بطحة ، والميزة الثانية أنه دءوب ومثابر ولا يلتفت كثيرا للتلميع وإبراز السيطرة ولا يهمه أن يكون في مقدمة المشهد دائما ، بل يهمه العمل لذا فهو غير محتاج للإعلاميين والمثقفين من خارج الهيئة ، فلماذا يبقي على إعلاميين ومثقفين كل ما يفعلونه أنهم ينالون مرتبات عالية لا أظنهم يؤدون مقابل تلك الأموال الطائلة أي خدمات حقيقية . أفهم أن من على رأسه بطحة يسعى إلى جلب الإعلاميين والمثقفين من الخارج ويكيل لهم الأموال أما من سيعمل بجد وهمة ماذا يهمه من كل ذلك ، ثم أن الهيئة لديها إدارة إعلام وتسويق  لماذا لا تُفعّل هي الأخرى كبقية الإدارات غير الفاعلة ، لماذا لا تقوم بدورها الحقيقي في الإعلام والتسويق ، تسويق إصدارات الهيئة التي ربما لا تصل للقارئ العادي إلا قليلا ، بل أحيانا لا تصل لمقار الهيئة وقصورها وبيوتها في المحافظات ، ما الدور الذي تقوم به إدارة الإعلام والتسويق إن لم يكن ذلك ؟لماذا لا يأتي سعد عبد الرحمن ببعض أبناء الهيئة الذين هم على قدر كبير من الكفاءة ويسند إليهم كل هذه الأدوار التي تكلف الدولة الكثير والكثير ؟!هذه تساؤلات على الشاعر سعد عبد الرحمن أن يجيب عليها ، ليس برد على المقال ، بل بقرارات جريئة وثورية كتلك القرارات التي اتخذها في الأيام الأولى لتولي رئاسة الهيئة .مواضيع ذات صلة

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل