المحتوى الرئيسى

من منكم يقدس الوطن أكثر مني؟ بقلم: سعيد فردي

04/09 17:33

من منكم يقدس الوطن أكثر مني؟ بقلم: سعيد فردي إلى كل من مسخ في هذا الوطن مكرها إلى الذين تستبد بهم الرغبة الجنونية كل لحظة وحين.. ليقوموا بتجوالهم المعهود بين الشوارع والأزقة والدروب إلى المعطلين الشباب، حاملي الشهادات الجامعية.. آه من مدن الكفر تغتال كل زهرة برية وأنت يا أبي يا أيها الندى المسافر رحلت عنا ولم تعد والسوق القديم تغيرت معالمه لبس ثوب الحزن وانمحى هذا اليوم عاد جدا، ربما سيظل كباقي أيام النحس المتوالية عليه، يشتغل في بعض الأحيان مساعد نجار، هو ليس سوى خاله النجار اخو أمه، رغم أنفه حتى إشعار آخر، في نفس الفضاء، بإحدى الشركات، يقوم بتركب قطع الارابيسك للدرج المؤدي إلى إدارة ومكاتب الشركة. يتضايق من العيون، تحاصره نظراتها، منها ما هو بريء لحمل وديع، ومنها ما يحمل حقدا دفينا، لا يعرف لا سببه ولا مغزاه، هو سلوك شاد، مألوف بين الموظفين، في مثل هذه الشركات والإدارات، الكل يحتاط من الكل، والكل يأمل التقرب من معالي السيد المدير، المؤول الكبير، بشتى الوسائل والأساليب، حتى وإن كانت وضيعة وحقيرة، هذا بوشاية كاذبة، وذاك بتصيد أخطاء الآخرين، وقانا الله ووقاكم ، أحبائي المعطلين، في رحاب وطنكم العزيز، شر هؤلاء المتملقين المشاءين بنميم. وتستبد بي الرغبة الجنونية لأعاود تجوالي المعهود بين شوارع وأزقة ودروب مدن الإسفلت، ينهار الجسد المنخور، وسط شوارع وأزقة ودروب ناطحا السحاب الجيرية، تتحطم الذات اليتيمة، وبين شوارع وأزقة ودروب مدن الكفر، أتيه أنا، أزول وانمحي. يوما بعد يوم، تمر الأيام متشابهة، ولا جديد يلوح في الأفق، لا، لست ميتا، حتى يغريني فتات الموائد وبقايا الأطعمة، أبكين ارثي زمن الفجيعة، يا أصدقائي في زمن العدم، ويا كل من مسخ في هذا الوطن مكرها، فلتشهدوا بأننا الحقل وتلك توجهات ومخططات قدرية. العيون بريئة ، كما أسلفت، عيون عروس بحر جميلة، رقيقة وجذابة، عيناها معبرتان، صحراء تهت في قفار سحرهما، كأنهما زبرجدة، تعد آخر اللمسات لإقامة عرس القران. لكنني سرعان ما أعود لتوي لأصطدم بزمني، ما أقصاك يا زمن المتاهات، وما أقصى حبك يا وطني، من منكم يقدس الوطن أكثر مني؟ من منكم يقدس الوطن، حين يلفظ الوطن أبنائه، كالطفيليات يمتطون صهوة زوارق الموت، ويجربون مغامرة مراكب الفجيعة؟؟ اجلس بالحديقة، تعب لا يطاق، عد تجوال ممل دون جدوى، فتاتان تجلسان على الكرسي المقابل للذي أستلقي عليه، النظرات تلو النظرات، نتبادلها، الفتاتان تراجعان درسا في مادة الرياضيات، فانا سمعتهما ترددان مصطلحات رياضية، كالضلع والزاوية والمتوازيان، ما استرعى انتباهي، هو كثرة تحديقهما في وجهين وتركيزهما على شنبي الكث، فتضحكان وتضحكان في جنون قهقهات هسترية. ومرة، قال وطني: من ذاك، القادم من بعيد يكفكف دموعه؟ من ذاك، القادم يستجمع أشلائه الممزقة؟ من ذاك، غريب الملامح؟ قلت: أنا، أنا يا وطنين وطن النوارس الجريحة ويا ويحي.. حتى معاشي اليومي يشهد على غربتي في وطني الحبيب. وينسدل الستار عن زمن لم أعشه بعد. كاتب من المغرب [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل