المحتوى الرئيسى

الصراحة راحة..!

04/09 08:18

كيف يكون الصحفى مستقلاً؟ الإجابة بسيطة وواضحة وتتلخص فى أنه يجب ألا يكون منتمياً لحزب أو تيار سياسى بعينه، أو شريكاً فى شبكات مصالح، أو جزءاً من كيان تتطلب مسؤوليته المهنية أن يتفاعل مع نشاطه صحفياً، بمعنى أن تتقاطع مسؤوليات الأداء المهنى المفترض أن تكون مجردة من الهوى مع شبكة مصالح مالية أو وظيفية أو سياسية أو حتى فكرية. تلك نقطة جوهرية، فلا يليق أن تكون صحفياً تنتمى لأحد التيارات السياسية، ثم تكون مسؤولاً عن متابعة نشاط هذا التيار لصحيفتك أو الوسيلة الإعلامية التى تتعامل معها، ويجب ألا تكون موظفاً أو «شبه موظف» فى وزارة أو هيئة حكومية، أو حتى تتقاضى منها أجراً تحت أى مبرر شرعى، ثم تكون مسؤولاً عن متابعة نشاط تلك الهيئة إعلامياً. الأصل فى الصحفى أن يكون «عيناً ثالثة»، ترى الأحداث والوقائع بمنطق «مستقل» وبرؤية محايدة، وعبر الوقوف على مسافة واحدة من الأطراف الممثلة فى القصة الصحفية التى يعمل فيها.. ووجود انتماء سياسى أو وظيفى أو حتى معنوى للصحفى مع أحد الأطراف المتقاطعة خلال عمله، يخرق هذه المعادلة، ويحوّل الصحفى الذى من المفترض أن يكون «شاهداً» ينقل لك ما يجرى إلى طرف أصيل، بحكم الانتماء على الأقل. لكن هل يعنى ذلك أن الصحفيين ممنوعون من ممارسة السياسة أو الانضواء فى الأحزاب؟ الحقيقة، أن القبول بذلك فيه إجحاف بحق مواطن له كل الحقوق السياسية والدستورية التى يتمتع بها سائر المواطنين، وتبدو كأنها عقاب مجتمعى، خاصة عندما يتعلق الأمر بمهنة متقاطعة بالضرورة مع السياسة، والبعض يعتبرها جزءاً من الممارسة السياسية العامة أو ميداناً خلفياً لها، لكن كيف يمارس الصحفى حقه السياسى، دون جور على الحق المهنى، والأهم على حق القارئ؟ أعتقد أن الباب الرئيسى لضمان هذه الحقوق جميعها هو الإعلان، فالصحفى الذى لا يعلن عن انتماءاته السياسية، ثم يمارس الصحافة بخطاب مستقل هو صحفى يخدع قارئه، ويمارس حقه بالجور على حقوق المهنة والقراء، خاصة إذا ما تقاطع هذا الانتماء مع أدائه، فصار «عين القارئ» على أخبار الحزب أو التيار الذى ينتمى إليه أصلاً. لكن إعلان ذلك بوضوح ربما يخفف من وطأة هذا الخداع، ويحوّل المسألة لأمر واقع، من حق القارئ أن يقبله أو يرفضه بعد أن يعرف كل تداعياته، وبالتالى فعندما يقرأ «حواراً أو مقالاً أو خبراً» عن أحد القوى السياسية كتبه صحفى ينتمى لهذه القوى وأعلن ذلك بوضوح، فمن حق القارئ إذن أن يقبل هذه الرسالة الإعلامية أو لا يقبلها.. يعتبرها نشرة دعائية، أو قصة موضوعية، وأنت فى هذه الحالة لم تخدع أحداً على الأقل. بوضوح إذن: ليس من حق صحفى منتمٍ لحزب أو تيار سياسى، سواء بالعضوية غير الفاعلة أو العضوية الكاملة - بمعنى أن يكون «كادراً حزبياً» وممثلاً للحزب فى المستويات الانتخابية المختلفة، أن يدعى أنه صحفى مستقل حتى لو اجتهد لإبراز جوانب استقلاله، وليس أمامه حل سوى أن يحقق استقلاله فعلياً، أو يعلن انتماءاته وانحيازاته باعتبارها مواقف وقناعات من حق الجميع احترامها، واحترام أصحابها، وأخذ هذا الانتماء فى الاعتبار عند الحكم على ما يكتبه أو ينجزه فى مسيرته الصحفية! [email protected]  

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل