رحيق الحياةحياتي وحياتك ساعة مدورة !
أبدع وتسلطن وتجلي واستحضر كل مشاعر الشجن وهو يشدو أمام الرئيس الراحل انور السادات في ختام الحفل الذي اقيم بنادي الشرطة.اشار له الرئيس في خضم التصفيق المتواصل بإشارة ادار معها اصبعه في دائرة كاملة بما يعني انه يريد سماع الاغنية من اولها مرة اخري، فتجلي الفنان محرم فؤاد - رحمه الله - في اداء الاغنية والنشوة تحلق به في عنان السماء، وقتها كنت والصديق الشاعر صلاح فايز نجلس امام التلفاز بغرفة لقاء الاصدقاء بشقة محرم لانه طلب ان نسجل الحفل علي شريط كان قد وضعه في جهاز الفيديو، عاد محرم للمنزل نقرأ في وجهه سعادة لم نرها من قبل ، قال انه عندما ذهب لمصافحة الرئيس عقب انتهاء الحفل اخبره الرئيس بأنه طلب منه اعادة الاغنية لان كلماتها مؤثرة ولحنها شجي واداءه لها صادق ورائع. الاغنية التي طلب الرئيس السادات - رحمه الله - سماعها لمرة ثانية اعتبرها من اجمل الكلمات التي كتبتها للفنان محرم فؤاد، بل ومن اجمل الالحان التي صاغها في البوم " لوكان الامر امري "، ورغم أنه كان كما العصفور المحلق فوق سحابة المجد للاشادة التي سمعها من الرئيس السادات إلا انه امتنع عن غنائها ولم يؤدها في الحفلات التي اقامها داخل وخارج مصر فيما بعد! كلمات مطلع الاغنية تقول : حياتي وحياتك ساعة مدورة .. تعدي ف ثواني سنة ورا سنة .. مين فينا يا صاحبي بيقدر ع الزمن .. وبيعرف ساعاته .. لاانت ولا انا " . . وزع الا غنية صاحب الانامل الذهبية الراحل عمر خورشيد وسجل موسيقاها بفرقته، جاء محرم للاستديو، وضع الهدفون علي اذنيه، استمع للمقدمة الموسيقية، اراقبه من خلف زجاج غرفة التحكم، اغمض عينيه معايشا، اتت دخلته ليبدأ الغناء، توقف رافعا الهدفون عن رأسه، شاهدت بريق الدموع في عينيه، اعاد الهدفون مع اعادة موسيقي المقدمة مرة اخري، عندما جاءت دخلته تكرر ما حدث في المرة الاولي، اسرع عمر خورشيد إلي الاستديو، جاء محرم لغرفة التحكم برفقة عمر وقد احضروا له عصير الليمون، سأله عمر: " انت تعبان .. تحب نأجل التسجيل ليوم تاني ؟ "، نظر لي محرم متسائلا: " الكلام المؤثر ده اكيد له مناسبة كتبته فيها "، ضحكت وانا اقول في دهشة " بقي يا استاذ اخذت الكلام وعايشته لحما علي العود ثم في البروفات ولم تحس بتأثيره غير الآن .. يا سيدي انا كتبت الكلام يوم وفاة مرسي جميل عزيز .. اردت ان اقول له ان حياتي وحياته وحياة كل منا ساعة مدورة .. بيتعدي ف ثواني سنة ورا سنة .. لا احد منا يا صاحبي بيقدر ع الزمن .. او يعرف ساعاته سواء كنت انت او انا " . انتفض محرم فؤاد من كرسيه عائدا للاستديو، دون خطأ او توقف او لحظة اعادة انتهي من الاغنية بأداء من القلب ومشاعر تترجم مشوار الحب الذي جمعه بمرسي جميل عزيز، برغم ما لاقته الاغنية من نجاح امام الرئيس السادات امتنع عن الدندنة بها، قال لي : " بحبها .. لكنها بتقلب علي المواجع " . . استرجعت هذا الشريط بالامس وانا اتصفح صور شهداء ثورة 25 يناير وبعض الصور التي جمعتني بزملاء واصدقاء، فرقتنا الايام بالرحيل، وبرودة المشاعر، وبعد المسافات رغم ما نعايشه من ثورة في الاتصالات !ليتنا ندرك.. نتذكر في خضم صراعاتنا ولهاثنا الدائم.. ان الحياة ساعة مدورة !
Comments