المحتوى الرئيسى

رحم الله العلامة حامد عبدالله ربيع

04/06 23:16

قل ما شئت من أفعل التفضيل واخلعها علي تيار الإسلام السياسي‏,‏ وفي المقدمة منه حركة الإخوان المسلمين‏,‏ فهم أقوي حركة معارضة‏,‏ وأوسع نفوذ شعبي وأقدر من يسيطر علي نقابات واتحادات‏..‏ إلي آخره‏,‏  ولا بأس عند كثيرين ـ ومنهم كاتب هذه السطور ـ في تقبل ذلك وتفهمه, خاصة بعد أن تبين أن الإخوان بوجه خاص تقبلوا الحوار والتدافع وطوروا من خطابهم بدرجة أو أخري, وكان من أهم ما عدلوه مؤخرا هو أنهم جماعة من المسلمين وليسوا جماعة المسلمين, غير أن ثمة جوانب بعينها أود الوقوف عندها وتتصل بأمرين, الأول ما يعده البعض نقائص تمنع الإسلام السياسي من أن يؤدي وظيفته في العالم المعاصر أو علي الأقل تعوق تلك الأيديولوجية من أن تؤدي وظيفتها الحقيقية في القيادة الفكرية للتطور الذي تعيشه الإنسانية السياسية.. وهنا أقتبس نصا مما كتبه العلامة الراحل الدكتور حامد عبدالله ربيع في كتيب صدر عام1983 عن معهد البحوث والدراسات العربية بعنوان مستقبل الإسلام السياسي.. وأواصل الاقتباس: من هذه النقائص ما يلي: أولا: الحضارة الإسلامية لم تعرف أيا من المفاهيم التالية: 1 ـ التصويت بمعني المشاركة السياسية كأسلوب من أساليب الممارسة الديمقراطية. 2 ـ المجالس النيابية بغض النظر عن وظيفة تلك المجالس الحقيقية كتعبير نظامي عن الإرادات الشعبية. 3 ـ الضمانات التشريعية أو النظامية لحماية الحريات الفردية في مواجهة الإرادة الحاكمة لم تعرفها كذلك الحضارة والتقاليد الإسلامية. ثانيا: عدم وجود نظرية استراتيجية للتعامل الدولي. ثالثا: اختفاء المؤسسات السياسية في تاريخ الإسلام السياسي حتي في أزهي عصوره التاريخية. رابعا: فشل الإسلام السياسي في تحقيق وحدة حقيقية, وصهر المجتمع العربي في مجتمع قومي واحد من حيث الأوضاع النظامية. خامسا: اختفاء مفهوم شرعية المعارضة السياسية. ويفصل العلامة حامد ربيع ما أجملته تلك النقاط الخمس, وأتوقف عند ما سماه الدكتور ربيع بأقصي عناصر النقص في الإسلام السياسي, وأستأذن القارئ في الاقتباس نصا:.. ولعل أخطر نواحي النقص الحقيقي هو أن الإسلام لم يوحد الأمة الإسلامية.. هو وحدها فكريا وحضاريا, ولكن لم يستطع أن يفرض التوحيد النظامي, وهو لم يقتصر بهذا المعني علي عدم توحيد نظم الإدارة والتعامل حول المرافق القومية, بل تعدي ذلك إلي نظم القانون الخاص.. وهذا يقودنا إلي أقصي عناصر النقص في الإسلام السياسي وهو اختفاء مفهوم المعارضة السياسية من منطلق مبدأ الشرعية. فالمعارضة تكتل جماعي يستطيع أن يقف في مواجهة السلطان ليخلق نوعا من التوازن إزاء التعسف والفساد الذي لابد أن يفرضه استعمال السلطة وقد تأسست هذه المعارضة علي شرعية حق الرفض والحق في مناقشة صاحب السلطة في تنظيم جماعي شرعي لا موضع له في التاريخ الإسلامي. المجتمع الإسلامي لم يقبل مفهوم المعارضة كحركة جماعية بل أي حركة جماعية, بهذا المعني اقتطعت دون رحمة حتي ولو تزعم تلك الحركة أحفاد الرسول.. المعارضة كرفض جماعي لا وجود لها في التراث الإسلامي انتهي الاقتباس. ورغم مرور ما يقرب من ثلاثة عقود علي ما كتبه العلامة حامد ربيع وهي عقود حفلت بمتغيرات هائلة في سياق حركة الإسلام السياسي, إلا أن هذه النقائص لا تزال قائمة سواء فيما نشاهده داخل البنية التنظيمية للحركات الإسلامية التي قد لا تجد المعارضة داخلها من سبيل للتعبير سوي الانسحاب والصمت أو الانفصال والانشقاق, فما بالك إذا جمعت تلك الحركات بين السلطان والقرآن وتولت أمر الدولة؟ أما الأمر الثاني الذي وددت الوقوف إزاءه في هذه السطور فهو تساؤل سيأتي بعد ملاحظة علي النحو التالي: لقد بدأت حركة الإخوان أواخر العشرينيات من القرن الماضي واستمرت إلي الآن, وتعرضت لمحن عديدة كما واتت الرياح أشرعتها أوقاتا مختلفة ووصل تأثيرها إلي معظم أرجاء الوطن وإن تفاوتت الدرجة, وامتلكت من الوسائل المادية, والأدوات المعنوية ما لم يتوافر لحركة سياسية أخري, ناهيك عن استنادها إلي الإسلام, وقد رأت دوما أنها تعبر عن صحيحه, ثم إنها امتلكت ميزة أخري هي توافر دعاة ومفكرين متميزين امتلك بعضهم ناصية الخطاب الدعوي فحاز أفئدة سامعيه, وحاز البعض الآخر قدرات فذة في تخصصه العلمي, وظل الإخوان لفترة طويلة يكافحون من أجل فتح المجالات أمام الدعوة الإسلامية حتي عشنا اليوم زمنا تكاثرت فيه منابر الدعوة ابتداء من الزوايا والمساجد الصغيرة المنتشرة في الأدوار الأولي للبنايات وفي القري, وصولا إلي الفضائيات التي لا حصر لها, وهنا يأتي التساؤل لماذا حدث تناسب طردي بين اشتداد عود الإخوان منذ بداية الصلح مع السادات واتساع دائرة الخطاب الدعوي الديني علي نحو ما سلف, وبين شدة الاستبداد والإفساد والفساد في المجتمع المصري إن لم يكن في كل المجتمعات التي استهدفتها تلك الفضائيات؟! لقد أكد مؤسس الإخوان المرحوم حسن البنا ومعه الآباء المؤسسون أن الدعوة والتربية وتقويم السلوك وكل ما يتصل ببناء الشخصية الإسلامية الصحيحة السوية هي المهمة الرئيسية الأولي لعملهم وعمل الجماعة, فألا يثير العجب والدهشة وجود هذه الصدفة.. صدفة النمو المتوازي للتيارات الإسلامية وللاستبداد والإفساد والفساد!, بينما كان الإفساد والفساد ضامرين في حقب خفت فيها صوت تلك التيارات وضوئلت حركتها وإن لم تخل تلك الحقب عند البعض من استبداد, غير أنه وبشهادة الجميع لم يقترن بالإفساد والفساد, بل وهو الأخطر بتكريس الدونية أمام العدو! إنه تساؤل مطروح علي الجميع وليس علي الإخوان المسلمين أو تيار الإسلام السياسي وحده, وربما تأتي فرصة لمناقشة الأمر, خاصة أن الإفساد والفساد ارتبطا بالانفتاح الاقتصادي الذي تواكب معه الصلح التاريخي بين السادات وبين الإخوان المسلمين وتدفقت أموال إسلامية ـ إذا جاز الوصف ـ ونشأت شركات توظيف الأموال ومعظمها إن لم يكن كلها كان يحمل راية الإسلام فقد كان الريان بابا من أبواب الجنة وعمل بعض كبار علماء الدين مستشارين في ذلك المضمار! هل سيتمكن الإخوان متحالفين مع السلفيين والجهاديين والجماعة الإسلامية من تحقيق ما لم يستطيعوه بالقرآن أن يحققوه بالسلطان!! سؤال آخر يبقي باب الحديث مفتوحا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل