المحتوى الرئيسى

الأردن:عملية الإصلاح بين مطالب الشارع ومعادلات النظام _ بقلم: بسّام عليّان*

04/06 22:17

الأردن: عملية الإصلاح بين مطالب الشارع ومعادلات النظام بقلم: بسّام عليًان* هل حركة التغيير في الأردن؛ حركة جادة من قبل الجماهير التي تعيش في الأردن على اختلاف أصولها ومنابتها، وعلى اختلاف توجهاتها وقناعاتها، أم هي ردة فعل اجتاحت العاصمة الأردنية خلال الأشهر الثلاثة الماضية تزامنا مع بداية التونسية وشبيهتها في مصر؛ وطلباً للمشهد التونسي والمصري..!؟ وإذا كانت فعلاً حركة تغيير جماعية؛ لماذا تخلفت الأحزاب والنقابات والقيادات التي تعرف عن نفسها بــ «أنها وطنية» عندما اشتدت المواجهات في ساحة ميدان جمال عبد الناصر «الداخلية» بين «بلطجية» المخابرات ومجموعة من الشباب المسالمين الذين قدموا أنفسهم ضحية ليقمعوا وينكل بهم ويقدمون الشهيد الأول للحرية والكرامة، وأكثر من مائة جريح، وزج العشرات منهم في سراديب المخابرات وشرطة العاصمة..!؟؟. وأين «الإخوان المسلمون» وبقية الأحزاب المعارضة التي غابت في بداية الاحتجاجات ـ وغابت كلياً عن الحدث بعدما كسرت حركة شباب 24 آذار حاجز الخوف وأقدمت على أول اعتصام له طابع جماهيري وسط عمان..!؟؟ لا بدّ أن الأحزاب كانت تنتظر نجاح التجربة لتركب الموجة؛ كعادتها. ألم نر في بداية المسيرات الاحتجاجية، أن المبادرون كانوا هم أنفسهم شباب 24 آذار؛ وبعد أسبوعين تحركت بعض القوى والأحزاب لتغتنم ما حققوه هؤلاء الشباب؛ وخاصة جماعة الإخوان المسلمين الذين تخلفوا كثيرا عن ركب المسيرات في الأسابيع الأولى؛ ثم حاولوا بعد ذلك أن يتصدروا الحدث باعتبارهم «أكبر حزب» أردني (!!؟). يتضح أن «الأحزاب» الأردنية لا تريد تغييرات ولا تريد البحث عن الحلول للمواطنين؛ اللهم إلا إذا كانت حلولهم لا تتم إلا ضمن الاحتواء الرسمي لهم من قبل ما يسمى بــ «لجنة الحوار»، فعادوا يهرولون للالتئام ضمنها ؛ وتركوا حركة شباب 24 آذار يكملون مشوارهم المطلبي العادل لوحدهم؛ بل قامت تلك الأحزاب بإصدار بيانات تؤكد أنهم لن يشاركوا بالتظاهرات الاحتجاجية «احتجاجا على قمع وتنكيل الدرك يوم الجمعة 25آذار الماضي»، وهو عذر أقبح من ذنب؛ فأولا هم لم يكونوا مشاركين بالاعتصام، وثانياً: فهل كانوا يتوقعون أن يقدم لهم الأمن الداخلي وأجهزة القمع التاريخية في الأردن الساندويتشات وزجاجات الماء المقطر..!!؟؟. مثل هذه الصورة التي اقترفها بلطجية الدرك والمخابرات هي علامة واضحة أن النظام الرسمي يعاني من أزمة فهو لا يريد تغييرات بسبب دوره الوظيفي والذي يملى عليه من الخارج (وبالتحديد من واشنطن وتل أبيب)، فلذلك كان المفروض استكمال الاعتصام بشكل أكبر وأوسع ومؤازرة حركة شباب 24 آذار بالمشاركة الفعلية من قبل جمهور هذه الأحزاب ـ إذا كان لها جمهور حقيقي فعلاً ـ وباقي القوى الوطنية؛ والوقوف في وجه هذه الأجهزة القمعية واستمالة الضعفاء منهم والمغلوب على أمرهم لتحييدهم؛ لأن ــ وبلا شك ـــ هناك في أجهزة الأمن ممن يتطلعون للتغيير والإصلاح من كثرة الاستعباد الذي يمارس ضدهم من الضباط المتنفذين في هذه الأجهزة القمعية. فهذه الأجهزة ربما تكون واسعة بعددها ولكنها ليست كذلك بولائها للنظام. لكن المهم أن حركة شباب 24 آذار وهي حركة لا تنتمي لأي حزب أو جماعة؛ أكملت لوحدها المشوار ودعت لاعتصام الجمعة 1/4؛ واستطاعت أن تجمع ما يقارب الألف شاب وشابة من طلبة الجامعات وإخوانهم وأقاربهم وأصدقائهم، وهتف المعتصمون مطالبين بمحاكمة الفاسدين، ووضع دستور جديد وإقالة الحكومة، وحل البرلمان وصولاً إلى قانون انتخاب عصري وحكومة منتخبة. مؤكدين في الوقت نفسه على سلمية واستقلالية حركتهم وحراكهم. وقالوا في هتافهم «اعتصام اعتصام اعتصام .. الشعب يريد إصلاح النظام»، و «يا معروف يا معرف .. ارحل ارحل بالمعروف»، و «الشعب يريد اسقاط التبعية»، و «الشعب مصدر السلطات .. الشعب مصدر السلطات». وهي شعارات لمطالب حقيقية، قليلة الكلمات كثيرة المعاني؛ لم نسمع «الإخوان المسلمون» وغيرهم من الأحزاب «الوطنية» تنادي بها، أو تطلق لسانها ولو بشيء من هذه المطالب، خاصة وأن الأحزاب الأردنية تـ كلها ودون استثناءـ تلقى دعما حكوميا من موازنة الدولة، وكلها تقع تحت مسؤولية وزير التنمية السياسية (وهو أمين حزب سابق) الذي قال «كم أتمنى أن تتقدم لي الأحزاب بخطة عمل للدولة والحكومة، إنهم يراجعوننا فقط من أجل أخذ حصتهم المالية نصف السنوية فقط.»..(أمر يدعو للسخرية والاستهزاء من هكذا أحزاب)...!!؟؟ لجنة الحوار والمهام المطروحة يبدو أن أجواء الاحتقان التي سادت لدى الأردنيين جراء ما حصل في «دوار الداخلية» يوم 25/3 الماضي، وما تلاه من تداعيات محلية وخارجية، قد دفعت العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني للتحدث عن «صيانة الوحدة الوطنية» التي فرطت بها مؤسسات رسمية، وحملتها المعارضة مسؤولية ما حصل أصلاً من خلال القمع الشرس للاعتصام والسماح للبلطجية بالاعتداء على المعتصمين وبدون مبررات حقيقية. فقد برزت هناك ثلاثة معطيات جديدة في حديث الملك الأردني، وهي: إعلان الملك الصريح وغير المسبوق بـ «احترام توصيات لجنة الحوار الخاصة بالتعديلات الدستورية»، و التزامه بـ «ضمان نتائج الحوار»، وإدانة الملك لــ «العنف الذي شهده اعتصام شباب 24 آذار »، وكذلك «ما تبعه من إساءة للوحدة الوطنية». ويقول المراقبون؛ إن العاهل الأردني وفي اللقاء الذي جمعه بــ «لجنة الحوار الوطني» يوم 29/3، أدان العنف والقسوة التي مورست ضد المعتصمين، واستنكر ما حصل داعياً لفتح صفحة جديدة، و «طي المشهد»، وطلب التركيز على المستقبل و «الانطلاق فوراً لقواعد الاشتباك مع المسار الإصلاحي عبر سقف جديد [!!؟] تحت عنوان التعديلات الدستورية» التي لم تكن مؤسسات القرار الأردنية تتجاوب معها سابقاً..!؟ وبمعنى آخر؛ قدمت المؤسسة الرسمية تنازلات واضحة بموافقتها على مناقشة تعديلات دستورية للجسم الشعبي المتحرك في الشارع، وقواه الفاعلة المتمثلة الآن بـ حركة شباب 24 آذار، فيما أحزاب المعارضة اكتفت بحجز مقاعد لها في «لجنة الحوار»؛ وبالتالي تكون الاحتجاجات الشعبية في الشارع الأردني وعلى الرغم من صورتها الأولية، قد دفعت النظام الرسمي للحديث عن إجراءات إصلاحية، كانت الحكومة ترفض بحثها سابقاً. وفي السياق أصبحت صلة «لجنة الحوار الوطني» بــ «القصر» مباشرة من خلال رئيسها (رئيس مجلس الأعيان) طاهر المصري. من المفروض؛ أن تلعب لجنة الحوار هذه، دوراً أساسياً في تقديم مشاريع التعديلات الدستورية والتشريعية التي تضمن إطلاق عجلة الإصلاح السياسي. مما يتطلب منها أن تطالب بتوسيع مستوى تمثيلها ومناقشاتها؛ لتمكينها وسط معادلة القرار الرسمي بالابتعاد مسافة عن أجندة الحكومة الحالية؛ عبر العودة لمرجعية القصر، خصوصاً وأن رئيس الوزراء معروف البخيت كان قد وضع بعض الألغام السياسية في طريق اللجنة (في ما يتعلق بتعديل الدستور)؛ وذلك حتى يضمن أولاً أنها سترجع إليه بكل الأحوال، وثانياً لن تصل بتوجهات الإصلاح لما هو أبعد من الأجندة الحكومية. والتعديلات المقترحة على الدستور، تلك التي تخصّ قانوني الانتخاب والأحزاب فقط، ولا تمس بصلاحيات الملك؛ لكنها تسمح بتحولات مهمة في آليات العمل السياسي وآفاقه بالمملكة؛ أبرزها تمديد ولاية البرلمان الدستورية، والفصل التام بين السلطات، وتشكيل حكومة أغلبية برلمانية، وتأسيس هيئة مستقلة بإشراف قضائي لإدارة الانتخابات، وهو التطور الأبرز لو تم إقراره. إذن؛ المطلوب الآن، من القصر ولجنة الحوار والمسؤولين عن حماية الأردن من الضغوط الخارجية؛ وتنفيذ الأجندات، هو القفز عن ألغام البخيت والمخابرات، ومن لف لفهم ، وأجنداتهم الخارجية والداخلية، واختصار لعبة الوقت وتقريب المسافات ما بين الشعب في الأردن والقصر، والنظر بجدية إلى خطورة الموقف العام والخاص، بالبدء بتكريس مؤسسة رئيسية للقرار السياسي والسلوك السياسي الناضج والحكيم في المملكة؛ والله من وراء القصد. • بسّام عليّان ــ كاتب وباحث عربي/فلسطيني [email protected] www.nice1net.jeeran.com http://nice1net.jeeran.com/Page_2.html

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل