المحتوى الرئيسى

بين نيرون الروماني ونيرون الليبي

04/05 16:49

بقلم: د. جابر قميحة ما رأيت "معمر محمد عبد السلام أبو منيار القذافي"، المشهور بالأخ العقيد معمر القذافي إلا وقفز إلى ذهني صورة نيرون روما بكل ما جمعه من شذوذ وجنون وأمراض نفسية.   نيرون أو نيرو (37- 68)م كان خامس وآخر إمبراطور الإمبراطورية الرومانية من السلالة اليوليوكلودية (من أغسطس حتى نيرون) (27 ق.م- 68 م).   وفي السطور الآتية نُقدِّم صورةً موجزةً مكثفةً لنيرون، ونخلص عفويًّا منها إلى تكرار هذه الشخصية في معمر القذافي:   كان نيرون يمثل شخصية مسخ حقيقي، جمع مساوئ الشكل ومساوئ الأخلاق: فهو فظ الطبع، دموي المزاج، "سيكوباتي" النزعة، يستبيح القتل والغدر لأقل شهوة، مغرور استبدَّ به الغرور: جبان خائب الهمة ضائع العزيمة.   هذه هي صورة النفس بأعماقها العفنة. فلا ترى في نيرون إلا قزمًا تقتحمه العين، وانطلاقًا من هذه الطبيعة الممسوخة حسًّا ووجدانًا تتوالى جرائم هذا الوحش الآدمي:   فجبنه يدفعه للشك في كلِّ من حوله فيعصف ويقتل.   ويضيق نيرون ذرعًا بأمه التي قتلت عمه ليتولى ابنها الحكم بعده، ويرى نيرون أن اشتراكها معه في الحكم أضعف سلطانه، فيدبر المؤامرات للتخلص منها مستبيحًا لنفسه أحط الوسائل وأخسها، فيقتل أمه.   ولكنه من جانبٍ آخر يريد أن يضمن لنفسه البقاء؛ فيبذر الكثير والكثير من الأموال على الناس، وعلى الجيش، ويشغل الشعب باللهو منتزعًا من أعماقه ما تبقَّى له من قيم، ويخطر على باله "قليقولا" الإمبراطور الروماني الذي اشتهر بمظالمه، وبلغ من سخريته واستهانته بالشعب الروماني أن ولَّى على مجلسه قنصلاً، وقنصل ليس إنسانًا ولكنه حصان، فلماذا لا يخترع نيرون أفعولة أدخل في باب السبق والعبث من أفعولة "قليقولا"؟ ويهيئ له جنون العظمة أنه شاعر وفنان لا يشق له غبار، فليصنع إذًا عملاً يكون مصدرًا لإلهامه الفني وإبداعه الخلاق، فانطلق مغنيًا وشاعرًا، وحرق روما ليتلذذ بنارها ويزاول فنه الهزيل، رسمًا وموسيقى وشعرًا، مازجًا ضحكاته المجنونة بصراخ الضحايا، ونشيج المرعوبين.   ولم يعدم نيرون منطق الادعاء والتبرير فنسب جريمته إلى المسيحيين في عصره فعاقبهم بالقتل والحرق، وألقى كثيرين منهم للسباع والنمور الجائعة سنة 64م.   وضاقت عليه الدنيا بما رحبت فلجأ إلى الانتحار، ويُقال إنه- من جبنه- استأجر عبدًا من عبيده لكي يطعنه بخنجرٍ يُنهي به حياته.   ***** وفي إيجازٍ شديدٍ نرى بين النيرونين ملامح شبهية توأمية تتلخص فيما يأتي: 1- فكلاهما مصاب بعقدة العظمة إلى درجة التوثن الذاتي، وبلغت هذه العقدة أقصى مداها في القذافي حين أصرَّ على أن يُلقب نفسه بملك الملوك.   2- وكلاهما سادي الطبع، والسادية مرض أهم مظاهره حب تعذيب الآخرين، والتلذذ بإيذائه وسفك دمه: فقد قام نيرون بالقضاء على المسيحيين، والتلذذ بقتلهم وسفك دمائهم أمام الوحوش الضارية، والقذافي قتل الآلاف من بني وطنه في سبيل احتفاظه بلقب- ملك الملوك- وكلاهما اتخذ من الحرق وسيلة التمكن: فنيرون حرق روما، والقذافي لجأ إلى حرق بعض آبار البترول وأعلن أنه لن يترك ليبيا إلا نارًا وخرابًا. وقال ابنه: إن إعادة الوضع إلى ما كان عليه يستغرق أربعين عامًا.   وكما أشرنا: إذا كان نيرون قد قتل أمه فإن القذافي يعمل على قتل أمته.   3- وكلاهما جبان يلقي تبعة جرمه على الآخرين: فنيرون حرق روما، ونسب ذلك ظلمًا إلى المسيحيينـ والقذافي ينسب ما يصيبه من الهزائم إلى المصريين وتنظيم القاعدة والصليبيين.   4- وكلاهما أفسد الفن الرفيع الذي خاض مخاضه، ولم يهيئ نفسه لمزاولته.  فكما فعل نيرون بالشعر والغناء والموسيقى، والرسم، نرى العقيد "معمر محمد عبد السلام أبو منيار القذافي" قائد "الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمي" وملك الملوك يصدر مجموعةً قصصيةً حملت عنوانًا أو عناوين عجيبة هي:   القرية القرية- الأرض الأرض- وانتحار رائد فضاء- مع قصص أخرى..   وانطلق المنافقون من النقاد والكتبة يخلعون عليه لقب "رائد القصة القصيرة في العصر الحديث".. مع أنها لا تزيد عن غثاء منفوش ساقط.   5- وكما مات نيرون منتحرًا نرى القذافي قد انتحر معنويًّا، ولا شك أن جنونه وجرائمه الوحشية تقوده- خلال أيام- إلى نتيجةٍ حتميةٍ هي الموت الإرادي. --------- * [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل