المحتوى الرئيسى

إصلاح القضاء

04/05 08:15

لا خلاف على أن أحد أهم أهداف ثورة يناير المصرية، إن لم يكن أهمها على الإطلاق، يتلخص فى إقامة وترسيخ دولة القانون. ولأن هذا الهدف يظل غير قابل للتحقيق إلا فى ظل سلطة قضائية تتمتع بالاستقلال التام، من ناحية، وبالكفاءة المهنية، من ناحية أخرى، يصبح واجبا على جميع القوى السياسية والفكرية فى مصر أن تعمل على وضع مطلب إصلاح القضاء على رأس جدول الأعمال الوطنى فى المرحلة الراهنة.  ولا يحتاج إصلاح القضاء، ببعديه السياسى والفنى، إلى انتظار صياغة دستور جديد لأن النصوص الدستورية الحالية - سواء المتضمنة فى دستور 71 المجمد أو فى الإعلان الدستورى الصادر حديثا - تكفى لضمان الحدود الدنيا المقبولة لهذا الاستقلال دونما حاجة إلى نصوص جديدة، هذا طبعا إذا حسُنت النوايا وصدقت المقاصد. ولترجمة النصوص الدستورية الحالية المتعلقة باستقلال القضاء إلى واقع، فقد لا يحتاج الأمر سوى لتعديلات محدودة فى بعض القوانين المطبقة حاليا أو اتخاذ بعض الإجراءات الإدارية لنقل تبعية التفتيش القضائى وجميع الشؤون المتعلقة بانتداب وترقية القضاة إلى المجلس الأعلى للقضاء، دونما تدخل من جانب وزارة العدل. أما الإجراءات المطلوبة للارتفاع بمستوى الكفاءة الفنية للعاملين فى القضاء، فتبدو أكثر تعقيدا.  وهنا يتعين أن نميز بين الإجراءات التى يمكن الشروع فى اتخاذها، ويمكن أن تؤتى ثمارها فورا، وتلك التى قد تحتاج إلى وقت أطول قبل أن يصبح تأثيرها ملموسا على أداء الأجهزة القضائية. فبعد الكشف عن وثائق سرية تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الأجهزة الأمنية للعهد البائد كانت قد تمكنت من اختراق ساحة القضاء وحولت بعض القضاة من ضعاف النفوس إلى مندوبين رسميين لها على منصة القضاء الجالس، أصبحت الحاجة ماسة إلى: 1- حملة تطهير من داخل منظومة القضاء للتخلص من العناصر الفاسدة. 2- تدقيق أكبر فى معايير اختيار العاملين فى الأجهزة القضائية، وهو ما يتطلب أيضا إلغاء مظاهر الاستثناءات والوساطة والمحسوبية. 3- إعادة هيكلة الأجهزة القضائية بما يحافظ على الموارد المتاحة ويقضى على تضارب الاختصاصات وعلى الحساسيات بين الجهات القضائية المختلفة. وفيما يتعلق بهذه النقطة الأخيرة، تجدر الإشارة إلى أن المستشار محمود الخضيرى كان قد تقدم منذ فترة باقتراح يقضى بتقسيم القضاء إلى جهتين فقط، بدلا من أربع، هما: القضاء العادى والقضاء الإدارى، وإلغاء كل من النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة. وتقوم حجته لإلغاء النيابة الإدارية، على أن هذه الجهة تعمل على تحقيق المخالفات الإدارية، ومن ثم فهى مثل النيابة العامة بالنسبة للقضاء الإدارى، ويمكن ضمها إلى قضاء مجلس الدولة لتصبح جزءاً منه. أما حجته فى إلغاء هيئة قضايا الدولة فتقوم على أن مهمتها الأساسية، والتى تنحصر فى الدفاع عن الحكومة والهيئات العامة، تتعارض مع اختصاصات إدارات قانونية موجودة بالفعل داخل المصالح الحكومية والهيئات العامة وتمثلها فى القضايا المرفوعة عليها. لذا يقترح المستشار الخضيرى تحويل جميع أعضاء هيئة قضاء مجلس الدولة إلى القضاء العادى بدرجاتهم ليصبحوا قضاة جالسين، ويرى أن من شأن خطوة كهذه دعم القضاء العادى، الذى يعانى من تكدس القضايا، ولن يكلف الدولة شيئا، لأن أعضاء هيئة قضايا الدولة يتمتعون بجميع مميـزات القضاة المادية. مقترحات إصلاح القضاء كثيرة ومعروفة وواضحة ومنطقية ولا تحتاج إلا إلى تفعيل.. ما ينقصنا هو فقط غياب الإرادة السياسية. فمتى وكيف تتوافر تلك الإرادة؟!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل