المحتوى الرئيسى

الشعب السورى أعَز

04/04 09:48

بقلم: فهمي هويدي 4 ابريل 2011 09:25:01 ص بتوقيت القاهرة تعليقات: 0 var addthis_pub = "mohamedtanna"; الشعب السورى أعَز  هناك الكثير الذى ينبغى أن يحسب للنظام السورى، والكثير الذى يحسب عليه. إذ لا يستطيع أحد أن ينسى له احتضانه للمقاومة الفلسطينية، التى لولاه لكان قادة فصائل المقاومة إما فى السجون العربية أو الإسرائيلية، وإما مشردين فى أصقاع الأرض، يحسب لذلك النظام أيضا أنه لم يفرط ولم يساوم ولم يشترك فى صفقات بيع القضية الفلسطينية. يحسب له كذلك دعمه للمقاومة الوطنية اللبنانية، التى لولاها لسقط لبنان فى فخ «الاعتراك» وفى قبضة الحلف الأمريكى الإسرائيلى، كما يحسب له دعمه للمقاومة العراقية التى أقضَّت مضاجع الاحتلال الأمريكى وانهكته هناك.لأن الموقف السورى على المستوى القومى بهذه الصورة التى ذكرت، فلا غرابة فى أن تصطف قوى كثيرة للضغط على النظام فى دمشق ومحاولة تفجيره من الداخل. أعنى أن هناك كثيرين لا يتمنون خيرا لذلك النظام الذى تمرد عليهم وأقلقهم وحرص على أن يرفع لواء الممانعة مستثمرا ظروفا عدة، بينها علاقاته المميزة بإيران.الصورة الإيجابية لموقف النظام السورى على ذلك الصعيد أساءت إليها وسحبت من رصيدها العديد من الممارسات الحاصلة على المستوى القطرى. الأمر الذى يسوغ لنا أن نقول بأن دولة الصمود والممانعة على الصعيد القومى كانت على الصعيد القطرى دولة بوليسية بامتياز. أدرى أن تلك ليست مسئولية الرئيس بشار الأسد وحده. لأنه ورث هذا النظام عن أبيه الذى استمر فى السلطة نحو ثلاثين عاما (1971 ــ 2000). أدرى أيضا أن الرئيس بشار اتخذ عدة خطوات إيجابية نسبية حين تولى السلطة بعد أبيه. فخفف من قسوة الأجهزة الأمنية، وأرخى قبضة الحزب الذى جمدت عمليا لجانه فى مختلف المحافظات. وأدخل عدة إصلاحات على صعيد علاقة سوريا واتصالها بالعالم الخارجى. لكن ذلك كله لم يغير من طبيعة النظام ولا كف أيدى الأجهزة الأمنية الباطشة، التى اختلف أداؤها فى الدرجة وليس فى النوع. لذلك فإن قامة سوريا على الصعيد القومى كانت أكبر منها على الصعيد القطرى. وتقديرنا لنظامها على المستوى الأول تآكل قدر لا يستهان به منه بسبب الحاصل على المستوى الثانى.لأن الأمر كذلك، فإننا نستطيع أن نتفهم غضب الجماهير السورية كما نتعاطف مع مطالبها التى عبرت عنها التظاهرات التى خرجت فى العديد من أنحاء البلاد، وشوقها إلى الحرية التى حرمت منها طوال أربعين عاما. وهو الشوق الذى تجلى فى ممارسات ومواقف بعض عناصر النخبة التى لم تكف طوال السنوات الأخيرة عن دق الأجراس والدعوة إلى الانفراج السياسى والإصلاح.أدرى أن ثمة فرقا بين الواقع الذى كان فى تونس ومصر من ناحية وبين سوريا من ناحية ثانية، خصوصا فى تضاريس الخريطة السكانية التى تتميز فى سوريا مثلا بوجود مميز للعلويين والأكراد، كذلك هناك فرق لصالح سوريا فيما خص القضايا القومية، إلا أن ثمة قاسما مشتركا بين الدول الثلاث لا يمكن إغفاله، يتمثل فى الجمود السياسى واحتكار السلطة وتراجع هامش الحريات مع تزايد هيمنة الأجهزة الأمنية. كما أن هناك قاسما مشتركا آخر بين تلك الدول يتمثل فى بطء إجراء الإصلاح السياسى، الأمر الذى أشاع جوا من عدم الثقة فى وعود الإصلاح التى تطلق.. إن المتظاهرين الذين خرجوا فى العديد من المحافظات السورية فى أغلبيتهم الساحقة لم يكونوا دعاة فتنة ولا عملاء لجهات أجنبية ولا مخربين يهددون الاستقرار، ولكنهم مواطنون شرفاء فاض بهم الكيل، وباتوا فى شوق لاستنشاق نسائم الحرية التى هبت على مختلف أنحاء العالم العربى. وإذا لم يستجب الرئيس بشار الأسد لمطالبهم بسرعة فإننى أخشى على رصيده من النفاد فى العام الحادى عشر لحكمه، وأتمنى ألا يصدق ادعاء البعض بأن ما تبقى له من رصيد نفد فعلا بعد سقوط عشرات القتلى برصاص قناصة الأجهزة الأمنية فى درعا واللاذقية. عزيز علينا الموقف القومى للنظام السورى، لكن أرجو ألا يكون ذلك على حساب كرامة الشعب السورى. ولا ينبغى أن نخير بين الاثنين ليس فقط لأن الشعب هو الثابت والنظام ومواقفه بطبيعتها متغيرة، ولكن أيضا لأن الانحياز إلى الشهامة لا يعنى بالضرورة التفريط فى الكرامة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل