أحوال عربية

ليبيا إلي أين ؟ لا يبدو أن الوضع في ليبيا سوف يشهد نهاية قريبة. عمليات الكر والفر بين الثوار وكتائب الزعيم الليبي معمر القذافي ما زالت مستمرة رغم تواصل عمليات القصف الجوي من جانب قوات حلف الناتو. أخشي أن تفلت العملية الحربية التي يشنها التحالف المدعوم بقرار مجلس الأمن الدولي رقم1973 من بين أيدينا إذا ما طال أمدها وإذا ما زادت نسبة القتلي من المدنيين إلي حد لا يقبله المواطن العربي. بل إنني أشعر بالرعب أحيانا خوفا من أن تتحول ليبيا إلي عراق ثان, أو أفغانستان أخري لو أصبحت الغاية من حماية المدنيين هي البحث عن مصالح الدول القائمة علي النفط. ورغم إيماني بأن لكل شيء ضريبته في هذه الدنيا, إلا أنه يصعب علي حقا أن أشاهد هؤلاء الذين كانوا يسكنون بيوتهم لا تراودهم سوي أحلام الحرية وقد بات معظمهم جثثا تحت الركام بعد أن انهالت عليهم القذائف الصاروخية الصديقة, وأحالت بقدرة قادر تلك الأحلام إلي آهات مكلومة لفقدان الأب, والأخ, والأم, وصديق العمر. صحيح أن قوات الناتو قادرة علي سحق القوات الجوية للقذافي والحيلولة بينه وبين استخدام قواته المدرعة ومدفعياته في الأماكن المفتوحة, إلا أن فعالية هذه القوات تقل إلي حد كبير إذا ما قرر القذافي تحريك قواته للتمركز وسط المناطق المدنية, فهنالا تصبح للقوات الجوية قيمة تذكر خصوصا إذا ما تذكرنا أن الهدف من التدخل في الحالة الليبية كان حماية المدنيين وليس الحاق الهزيمة بالقذافي. ولا ينطبق الأمر علي القوات الجوية فحسب, بل إن القوي الغربية تغدو غير قادرة علي استخدام أسلحة الضرب الدقيق من مسافات بعيدة, لأن ضرب القوات المختلطة بالمدنيين يصبح تحديا صعبا في هذه الحالة. من هنا يمكن أن يتحول الصراع في ليبيا إلي صراع طويل الأمد دون أن يقدر طرف علي حسمه. والطبيعة الجغرافية لليبيا تساعد علي تبلور هذا الاحتمال, فنتيجة للامتداد الشاسع والمسافات الكبيرة بين المدن يصبح من الصعب علي أي طرف نقل قواته ومعداته لمسافة كبيرة من دون توفير غطاء جوي. فقوات القذافي لن تستطيع ذلك بسبب عدم توافر الحماية الجوية نظرا لفرض منطقة حظر الطيران, وقوات الثوار لن تستطيع فعل ذلك رغم توافر الحماية الجوية لها من قوات الدول الغربية نظرا لافتقارها للتنظيم وللأسلحة والمعدات الكافية وللدعم اللوجستي اللازم. أرجو ألا أكون متشائما أكثر من اللازم إذا تساءلت: ليبيا إلي أين؟ المزيد من أعمدة عبد المعطى أحمد