المحتوى الرئيسى

ماذا وراء الإسلاموفوبيا؟

04/03 04:17

خالد القشطيني أثارت البارونيس سعيدة حسين وارثي، العضو في مجلس اللوردات ورئيس حزب المحافظين، ضجة في الأيام الأخيرة بقولها إن الجمهور البريطاني أصبح معتادا في كلامه على الإساءة إلى المسلمين. وجرت الضجة إلى التدقيق في موقف الأوروبيين عموما تجاه الإسلام والمسلمين. تبين أن معظم الأوروبيين أخذوا يتخوفون وينزعجون من المسلمين. الموضوع في رأيي لا يتعلق بالإرهاب بقدر ما يتعلق بالسلوك. فنحن جئنا من عالم معتاد على الفوضى وتجاهل النظام والقانون وحقوق الآخرين. نتصرف من هذا المنطلق في محيط مختلف قائم على احترام النظام والقانون والآداب العامة وحقوق الآخرين. وبتصرفنا هكذا نزعج مضيفينا ونثيرهم ضدنا. أبسط مثال على ذلك، قيام بعضنا بقتل بناتهم أو ضربهن ضربا شديدا أو اضطهادهن لوقوعهن في حب أحد، ولو من ملتها. أنا شخصيا احتجت لسنوات طويلة لأتأقلم على سلوك الغربيين. وما زلت أقع في كثير من الإساءات التي أرتكبها عفويا أو جهلا مني. ولكنني أصبحت أشارك هؤلاء القوم في انزعاجهم من سلوكياتنا. شعرت بهذا القرف في الأسبوع الماضي عند مراجعتي للعيادة الطبية المسجل لديها. كل أطبائها ومرضاها إنجليز. أنا العربي المسلم الوحيد بينهم. ولكن انضم إلي مؤخرا نفر من الآسيويين. لهذه العيادة موقف مخصص لسيارات الأطباء والإسعاف. كلنا نعرف أنه موقف خاص فلا ندخله. والأطباء والإسعاف يحتاجونه لعملهم وخاصة للتحرك السريع عند الطوارئ. أنا أذهب بالبايسكل أو بالباص للعيادة. ودفعت غرامة كبيرة عندما جئت بسيارتي وتركتها في الشارع. كنت جالسا في العيادة عندما رأيت نفرا من الآسيويين المسلمين يقتحمون الموقف الخاص، لا بسيارة واحدة وإنما بسيارتين؛ واحدة للمريض والأخرى للأصدقاء المشجعين! تركوا السيارتين في الموقف حتى انتهاء الفحص والمراجعة. سيلومني أحد إذا شعرت بالتقزز والتفتيش عن عيادة أخرى لا يوجد بين مراجعيها مسلمون آسيويون؟ هذه هي المشكلة السلوكية التي تجعل الغربيين يكرهوننا. والمطب هنا أن الإنجليز أيضا يتحملون مسؤوليتها. فأدبهم يمنعهم من تنبيه المقصر وتعليمه. «اسمع يا ولد، هذا مكان يحتاجه الأطباء والإسعاف لسياراتهم. و(يا غريب كن أديب)!». المغترب الآسيوي يأتي لأوروبا من دون أي أحد يوجهه ويعلمه. ويستقر ويتجنس من دون أي توجيه. ويستمر على سابق ما تعلمه من سلوك في وطنه الأصلي، ويجلب لنفسه ولقومه وملته الملامة ثم الكره ثم الاضطهاد. المفروض أنه بمرور الزمن يلاحظ كيف يسلك الآخرون ويتعلم منهم، عملا بالمثل اللاتيني: «في روما افعل ما يفعله الرومان!»، ولكن ذلك قلما يحصل. هذه هي الرسالة التي ينبغي أن يتلقاها المغترب المسلم من الوعاظ في المسجد، والمعلم في المدرسة، والموظف في سفارته. الأدهى من كل ذلك، أن كثيرا من الدبلوماسيين العرب يقضون سنوات في الغربة ولا يتعلمون شيئا من سلوك الغرب، ويتصرفون كما لو كانوا في أحيائهم الشعبية في علاوي الحلة أو العجوزة، بل وأكثر من ذلك، يستغلون حصانتهم الدبلوماسية في تجاهلهم لكل الأنظمة والمتطلبات القانونية للبلد الذي يعملون فيه. * نقلا عن "الشرق الأوسط" السعودية

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل