المحتوى الرئيسى

عندما ينصر الغرب "الثوريين" ماذا نسميهم؟ بقلم: زياد ابوشاويش

04/02 22:19

عندما ينصر الغرب "الثوريين" ماذا نسميهم؟ بقلم: زياد ابوشاويش لم تعد نغمة القاتل والديكتاتور تطرب المستمع العربي فيما يخص مجريات الأحداث في ليبيا، وقد اختلطت هذه النغمة التي كانت سائدة قبل قرار بعض العرب المستعربة باللجوء للخارج بأصوات القذائف الصاروخية وأزيز الطائرات الغربية الكافرة وهي تدك مدن ليبيا وتقتل شعبها الشقيق، ولا نعرف في تاريخنا العربي من يدل العدو على أهدافه في بلده سوى الجواسيس والعملاء، وحتى هؤلاء لا يتباهون بالطلب علناً باستثناء إخوتنا "الثوريين" في الجماهيرية الليبية الذين يستجدون القصف والقتل لأشقائهم في مناطق سيطرة السلطة الشرعية. نحن هنا لا نلوم دويلة قطر التي شذت باعتراف متهور لهؤلاء المعارضين أو مشيخة الإمارات التي نترحم على مؤسسها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ذلك أن اللوم يقع على الراشدين والذين عرف عنهم الحكمة واحترام الانتماء للأمة العربية، أما هؤلاء فقد ضلوا السبيل أو هم في الحقيقة يعملون لدرء الخطر القادم على أنظمتهم المتهرئة وممالكهم الآيلة للسقوط. نحن نلوم هؤلاء الذين يعرفون جيداً (وجلهم كانوا من صبيان العقيد القذافي) أن اللجوء للأمريكيين للانتصار على معلمهم في طرابلس لا يستقيم مع كل ما زعموه عن حفظ الكرامة وحياة الليبيين، إلا إن كانوا يعتقدون أن الذين يؤيدون العقيد و القاطنين في طرابلس وغيرها ليسوا أشقائهم أو أبناء عمومتهم. كيف يمكن فهم السلوك الذي مارسوه منذ البداية حين حولوا الثورة المحقة والسلمية إلى نزاع مسلح ليستدرجوا لغة الدم والعنف في بلد طابعها قبلي وتمتلئ بالسلاح في كل مكان؟ كيف يمكن فهم هذا السلوك في كل مظاهره الغريبة والتي أدت إلى استنجادهم بأعداء الأمة تحت وطأة القتال الذي باشروه فور مقتل بعض المحامين في المظاهرة الاحتجاجية الأولى ببنغازي؟، وهل كانوا يجهلون نتائج لجوئهم للسلاح في مواجهة سلطة القذافي المتوطنة في بلدهم على امتداد أربعين عاماً ونيف؟ هم يعرفون كل النتائج وأقدموا على ممارسة القتال واستدرجوا الآخرين له مع سبق الإصرار والترصد، وكانت فضائيات بعينها قد كلفت من جانب أنظمة الردة وأسيادهم في الغرب بتهييج الناس وجرهم للقتال مع إثارة فزاعات المجازر التي لم نر منها أي مجزرة حتى الآن باستثناء مجزرة القوات المتحالفة في قصفها لطرابلس وقتلها للمدنيين. بالطبع نحن لا نتحدث عن عمليات القتل التي مارستها سلطات القذافي التي أدناها وشجبناها بكل وضوح وأدنا كل طلقة أطلقها القذافي على جموع الناس المتظاهرين ضد حكمه الظالم في كل مكان، وطالبنا برحيله على أساس رؤية تقول أن مغادرة القذافي للسلطة وتسليمها للشعب الليبي سيجنب البلد حرباً أهلية طاحنة كنا نرى نذرها منذ بداية المشهد الغريب في بنغازي وتلك الأعلام التي رفعت بكثرة من اليوم الأول للاحتجاجات، وهي أعلام قديمة عفا عليها الزمن. إن رحيل الرجل في قناعتنا سيريح الليبيين من عقابيل التدخل الأجنبي في بلدهم ويمنع احتلالها والتحكم في نفطها وأرضها وسمائها، لكن رحيله الآن وبعد اتضاح حجم الخطة الإجرامية للغرب وعملائه لن يحل المشكلة، لأن بقاء القذافي من عدمه لم تعد هي المشكلة، بل إن المشكلة اليوم تتلخص في درء مخاطر الاحتلال والتقسيم عن ليبيا كما الحفاظ على عروبتها قبل أن تلتحق بالعراق وتترسخ روح العداء والبغضاء بين أبنائها وتواصل الحرب الأهلية عملها في ربوع ليبيا وبين أبنائها، ناهيك عن تدمير كل مقدرات الوطن الليبي العسكرية والتقنية بخلاف النزيف البشري الذي تسعى له دوائر الغرب وتغذيه كما حدث في العراق الشقيق. إن المتابع لمجريات الوقائع اليومية للحدث الليبي المرير يدرك بشكل لا لبس فيه أن الدول الاستعمارية لا ترغب في انتهاء الحرب بين طرفي النزاع الليبي الداخلي، وكان بإمكانها أن تنهيه عبر ترك الصراع ليبياً والحل عربياً، أو عبر ضرب القذافي بطريقة مختلفة تمزق جسد النظام وتبعثره في بضعة أيام، لكنها لم تفعل هذا ولا ذاك بل لجأت لطريقة تؤدي لإنهاك الطرفين وترسيم التقسيم وجعله واقعاً ملموساً ولو إلى حين حتى تضع حلفاءها "الثوريين" في موقف لا يملكون فيه سوى التسليم بكل الرؤية الاستعمارية الأمريكية الفرنسية البريطانية للحل في بلدهم، هذه الرؤية التي تحدد ليس فقط طريقة إعادة البناء في ليبيا بل كيف تتعامل الجماهيرية مع قضايا الاقتصاد والعلاقات الدولية كما موقعها العربي كذلك. لقد أشار عدد من المعارضين الليبيين الليبراليين إلى هذا الموضوع وإن بصورة غير مباشرة حين استهجنوا عدم قصف قوات التحالف الغربي- العربي الرجعي للقوات الليبية التي استعادت زمام المبادرة لهذا السبب (من وجهة نظرهم) ونجحت بالتالي في إلحاق الهزيمة بالمتمردين واستردت مدن بن جواد ورأس لانوف والبريقة وتقترب مرة أخرى من اجدابيا. إن كل مواطن عربي يتمنى أن تتوقف هذه الحرب العبثية ويستعيد الشعب الليبي عافيته برحيل الغرب الهمجي عن أرضه وسمائه وبعدها يرحل القذافي عن سدة الحكم بطريقة سلمية تحفظ ليبيا من ارتدادات تغيير نوعي في بلد حكم بطريقة خاصة ومختلفة على امتداد اثنين وأربعين عاماً وللتحالفات القبلية فيه اليد الطولى. لقد بات معروفاً تواجد عدد لا يستهان به من رجال المخابرات الغربية (أمريكية وفرنسية وبريطانية) في مناطق ليبيا الشرقية التي يسيطر عليها المعارضون بتلاوينهم المختلفة وهم يقومون بدور لا يمكن إلا أن يكون في غير مصلحة الشعب الليبي ومستقبله، لذلك من غير الممكن والمقبول أن نطلق على من يستعين بالعدو الخارجي صفة الثوريين، وحتى يستعيد هؤلاء الإخوة توازنهم ويوقفوا توفير الغطاء للعدوان على بلدهم فإن موقفنا منهم سيبقى على حاله، إنهم في قناعتنا مجرد مخلب قط لحصار مصر وتونس ليس إلا، وهم كذلك مجرد أدوات رخيصة يستخدمها الغرب للسيطرة على مقدرات ليبيا. [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل