المحتوى الرئيسى

من قتل الرقيب بقلم: خيري حمدان

04/02 21:32

من قتل الرقيب خيري حمدان راودني هذا السؤال: من قتل الرقيب في عقولنا وضمائرنا ووعينا؟ لا أحد يا صديقي! لأن الرقيب ما يزال على قيد الحياة، يجلدنا، يحاسبنا على خطواتنا التي لم نقم بها! لا يمكننا استخدام آليات الديمقراطية والحريات بالسرعة المرجوة. شاهدت العديد يركعون فوق صورة أحد دكاترة القرن الواحد والعشرين، لا لله ولكن لرجل لا يختلف في تركيبه العضوي عن أيّ منّا. كان من الممكن الهتاف بطول حياته وبقائه زعيمًا إلى ما شاء الله، دون الركوع فوق صورته وتأليهه بهذه الصورة المهينة للعقل البشري. هل يمكننا التمتع بحرية التعبير عن الرأي دون الركوع هنا وهناك؟ نبدو كأننا كائنات كونية تنتمي لعوالم حجرية لا تعرف معنى الانعتاق من القيود التي ساعدنا نحن في وضعها بأيدينا. الدول الغربية تمهل حكوماتها ثلاثة أشهر فقط لإظهار قدرتها على الحكم قبل أن تسلط المعارضة نارها ضدّها وتضعها في "خانة اليَك" إذا خرجت عن الخطوط التي وضعتها ولم تعمل على تطوير الاقتصاد ومحاربة الفساد والمحافظة على الشفافية في إدارة الحكم، وبالكاد تكمل ولايتها لمدة 4 سنوات فقط لتسقط بعد ذلك وتسلم مقاليد الحكم لحزب آخر دون طرد الطاقم الوزاري من البلاد أو إراقة الدماء. بمعنى من يثبت فشله يتنحى بسلام ويترك الدفة لغيره دون أن يغادر المركب والوطن. لكن إذا ألقينا نظرة عاجلة إلى الرؤساء والملوك العرب لوجدنا بأن الفترات التي يجلسون فيها على كراسيهم ومناصبهم الرفيعة تستمرّ لعقود طويلة، دون حساب أو عقاب. بل يسارعون إلى تأسيس أجهزة أمنية قمعية تسهر ليل نهار على سلامة الحكم والحاكمين، في الوقت ذاته يهدرون مقدرات البلاد ويمتصون دماء الشعب دون مبالاة. مجلس الأمة السوري الذي كان من المفروض أن يمثل الشعب ومصالحه، أظهر للعالم مدى قصوره وانحطاط توجهاته والتصفيق والتزمير للرجل الواحد الأوحد، الذي بدوره تحدى الشعب قائلاً "بأنه لها". لا يمكن لرئيس أو ملك أن يربح السباق مع شعبه مهما بلغ جبروته وقوة أجهزته الأمنية القمعية. وقد رأينا كيف انتفض الشعب التونسي والمصري ضدّ أعتى أجهزة الأمن في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. لا يوجد إنسان وطني يرغب في دعم الفتنة في سوريا أو في أية دولة عربية أخرى، وأعتقد بأن طبقة المثقفين والمفكرين يدعمون دون شك نهجًا إصلاحي يحارب الفساد، واحتكار الاقتصاد وإطلاق سراح السجناء السياسيين والسماح بتعدد الأحزاب، وإنهاء احتكار السلطة لحزب البعث دون غيره. لكن على ما يبدو بأن هذه المطالب الشرعية للشعب السوري تبدو مستحيلة، لأن حاشية الرئيس الشاب والمستفيدين في سوريا تخشى على مصالحها، وتعرف بأنها دون شك ستصبح خارج اللعبة، وسيتوقف نهر العسل المتدفق نحوهم دون غيرهم. سوريا الدولة التي أخرجت للعالم عقولاً متنورة، شعراء، كتاب، مفكرين، ممثلين، أخصائيين في الفلسفة، الاقتصاد، العلوم الإنسانية، العلوم الهندسية والاختراعات وأكثر من هذا بكثير. تقف سوريا اليوم مكتوفة الأيدي بحجة الخوف من العملاء الأجانب "سواد الشعب"، وبصفتها جبهة الممانعة. أي جبهة للممانعة وقد سقطت ورقة التوت يا آل يعرب؟ لم يعد هناك من هو على استعداد لإطلاق رصاص إلى الجنوب أو فتح جبهة تجاه إسرائيل. الجبهة المرشحة هي موجهة فقط نحو الشعب المسكين الذي فقد كرامته وصوته ورَكَعَ ورُكّعَ، وسجن وعذّب وأهين وقتل من رجال أمن يتحدثون بلغته وبلهجته. لا تركعوا بالله عليكم، افعلوا ما شئتم من آيات الخنوع، لكن لا تركعوا واحتفظوا بما تبقى من كرامة الإنسان حتى وإن كان عربيًا، حتى وإن كان سوريًا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل