المحتوى الرئيسى

محمد حماد يكتب: حتى لا يتحول حوار الجمل إلى حوار طرشان

04/02 16:17

أرجو ألا يتهمني أحدكم بالتشاؤم إذا عرف أنى لا أعول كثيراً على الحوار الذي يقوده الدكتور يحيى الجمل، ليس لعيبٍ في الداعي للحوار، ولكن لعيوبٍ كثيرةٍ في أسلوبه، وفي تصوره لهذا الحوار، وهو تصور "مصطباوي" لا ينتج أثراً حقيقياً، ولا ينتظر منه غير المزيد من الكلام، الذي هو بضاعة هذه الأيام.وقد أبدى كثيرون، حتى من المشاركين في حوار مصطبة مجلس الوزراء، تشككهم في جدية الحوار، ونحن معهم، ونقول إذا أردتم حواراً جاداً فتعالوا نتفق على قضايا الحوار، لأنها هي التي تستدعي المتحاورين عليها، وهي التي تضع جدول أعمال الحوار حسب الأهمية والضرورات الملحة.ثم أرجو أن نتفق على أن لجنة الحوار التي تحاور نفسها لن يكون لها قيمة تذكر، ولن يكون لها دور حقيقي وفعال، إلا إذا حددت من أول يوم أنها لجنة لإدارة الحوار المجتمعي، وليست لجنة حوار داخلي بين أفرادها أو بين المنضمين إليها بحكم معرفتهم بصاحب المصطبة أو معرفته هو بهم.نحن في حاجة إلى حوار واسع حول قضايانا المهمة والعاجلة، حوار منظم عن طريق لجنة للحوار تدعو له وتتابع تفاعلاته وتستخلص نتائجه وتطرحها من جديد على الحوار الموسع حتى يحدث التوافق العام.قضايا الحوار المهمة، حسبما نرى، تبدأ أولا بأي نظام سياسي نريد لمصر في العقود الخمسة المقبلة؟، هل نريد أن تحكم مصر على غرار ما جرى في الخمسين سنة الماضية؟، هل نريد لها نظاماً رئاسياً متسلطاً مستبداً؟، أم هي اليوم تتطلع إلى نظام برلماني يفتح آفاق الديمقراطية الحقيقية، يقوم على تداول السلطة، عبر صندوق انتخابات شفافة ونزيهة ومحايدة؟، أم هل نتجه إلى المزاوجة بين الشروط الأفضل في النظامين لتحقيق الديمقراطية؟هذا سؤال كبير لا يجب القفز عليه إلى قضايا أخرى، لأن الإجابة التي سنختارها هي التي تحدد لنا الكثير من المهمات المترتبة على اختيارنا.وهناك قضية النسب التي أدخلت على دساتيرنا في الخمسين سنة الماضية في تكوين مجلس الشعب، مثل نسبة الخمسين في المائة للعمال والفلاحين، ونسبة المرأة، وما إذا كنا في حاجة حقيقية لمثل هذه النسب، والكوتات، أم نعود إلى مبدأ عدم التمييز مطلقاً بين أبناء الوطن على أساس من الدين أو الجنس أو العمل.القضية الثالثة التي تستلزم فائق العناية من الحوار الوطني تخص الجدل القائم حول المادة الثانية من الدستور، ولست أقصد هنا نص المادة، أو التفكير في الحذف منها أو الإضافة عليها، ليس هذا فيما أرى هو جوهر القضية، القضية الحقيقية هي أي دولة نريد؟، هل نريد لمصر في المستقبل أن تكون دولة دينية أم دولة مدنية؟، وهي قضية تستلزم التوافق والرضا والقبول المجتمعي عليها، بدون فرض من طرف، ومن دون تعنت من طرف آخر.كما أن هناك العديد من القضايا التي يجب أن نعمق الحوار عليها الآن، وقبل أن يمضي بنا الوقت في غير صالح التغيير الذي نشدته الأمة طويلاً، أولها القضايا التي أضعها تحت بند الاستقلال، وثانيها القضايا التي أضعها تحت بند القضاء.مطلوب على وجه السرعة فتح حوار حول كيفية القضاء على فلول النظام السابق، وكيفية القضاء على منظومة الفساد والفاسدين، وكيفية القضاء على فوضى القوانين، كما هو مطلوب بنفس السرعة أن نفتح حواراً واسعاً حول سؤال: كيف نؤسس لاستقلال الأزهر واستقلال الجامعات واستقلال القضاء، وكيف نضمن استمرار هذا الاستقلال.وإن كنت أدعي أن هذه القضايا هي الأولى بالرعاية وبالحوار المعمق والعاجل، فلست أنفي إمكانية أن تكون هناك قضايا أخرى تحوز الأهمية نفسها أو ربما أهمية لا تقل عنها، فتعالوا نتفق عليها جميعاً، ونرتبها في جدول أعمال الحوار، هذا إذا أردنا أن يكون حوارنا جاداً وموضوعياً، وحتى لا ينقلب إلى حوار مصاطب، لا قيمة له، أو يبقى حوار طرشان يتكلمون ولا يسمعون.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل