خالد حريب : كمال ابوعيطة مؤذن الثورة

بعيدا عن كاميرات التليفزيون وملاحقة محرري الصحف يجلس كمال أبو عيطه متربعا على عرش قلوب من عرفوا الشوارع والتظاهر ..يجلس متربعا لا يخشى الأكتاف القانونية التي اعتاد النشطاء السياسيين على ضربها لبعضهم البعض على مدار التاريخ .. وترجع ثقته المطلقة هذه لهدوئه الرائع وصخبه الصادق فلا يمكن أن تمر أحداث ثورة 25 يناير دون أن أكتب واحتفى بكمال ابوعيطة وكمال خليل وصبري السماك ومحمد سعيد وعشرات غيرهم بذلوا دمائهم على الإسفلت ودفعوا من حريتهم الكثير لتولد الثورة .. وإن كنت سأكتفي في هذه الحلقة عن ابوعيطة على وعد بالكتابة عن أبطال الهتاف في مقالات قادمة . التقيت أبوعيطه مساء 25 يناير في ميدان التحرير وكانت القنابل المسيلة للدموع مازالت تفعل مفعولها في أنوفنا ولكنها لم تمس حنجرة ابوعيطة الذهبية . ومن مسافة محسوبة وقفت أتأمل وجه كمال ابوعيطة وتمنيت أن يقف كل الشعب المصري في مكاني ليتأكد أن النصر قادم فيحلو لمحبي كمال أبو عيطه أن يقولوا عنه ” مؤذن الثورة ” وهو في الحقيقة يستحق أكثر فهو الناصري عابر الأحزاب اختار لابنه الأكبر اسم “خالد” اقتداء بفارس الديمقراطية خالد محيى الدين وانتمى إلى حزب الكرامة أملا في العزة والانتصار ولا يتردد في الهتاف بالحرية للإخوان. و أبوعيطة لمن لا يعرفه هو قائد انتفاضة الموظفين ومن شهد الاعتصام الناجح الضرائب العقارية قبل سنوات ونجاحهم في تأسيس أول نقابة مستقلة في مصر عليه أن يرفع يده مساوية لرأسه ويقدم التحية للقائد الذي انتصر ودخل التاريخ من أوسع أبوابه فلم يكن من السهل أبدا في الزمن المبارى أن ينتزع ابوعيطة موقعة كنقيب لأول نقابة مستقلة في مصر وهى نقابة موظفي الضرائب العقارية التي ناضل أعضائها من كل المحافظات بالاعتصام في شوارع القاهرة وبالهتاف والحشد والتفاوض حتى تحقق لهم النصر في بدايات عام 2009. ولأن كمال أبو عيطة مسجل خطر في فن التظاهر فالطبيعي أن يكون هو المعتقل رقم واحد صباح 21 مارس 2003 عندما اختطفه الأمن من ميدان التحرير في تلك القبضة التي طالت أكثر من 800 ناشط كانوا يستعدون للاحتجاج على ضرب العراق. فلماذا رشق الأمن سهم الاعتقال في صدر أبو عيطة ذلك الصباح؟ الإجابة معروفة أبوعيطة محرض كبير ويستطيع بقدرته التحكم في إيقاع الميدان لذلك كان حرصهم على إسكات صوت المتظاهرين باعتقاله.. وليكن أبوعيطة يستطيع هزيمتهم وهذا ما قاله فادى أمين اسكندر على شبكة الإنترنت في قصة لطيفة وهى أن خالد جمال عبد الناصر اتصل يوم وفاة والدته من خارج مصر بالقائد الناصري أمين اسكندر يطلب منه ترتيب جنازة لائقة للراحلة الكريمة وذلك لعدم تمكن خالد من دخول مصر بسبب إدراج اسمه ضمن المطلوبين في قضية تنظيم ثورة مصر. ولم يجد أمين اسكندر وقتذاك أمامه سوى الاتصال بكمال ابوعيطة لإنقاذ الموقف ولكن الأمن كعادته حاصر منزل كمال لمنعه من المشاركة في الجنازة حتى أن أبوعيطة نفسه اتصل تليفونيا باسكندر يبلغه بما حدث معتذرا عن عدم المشاركة وفى الجنازة فوجئ الجميع بابوعيطة على الأكتاف ليحولها مظاهرة وطنية بامتياز هكذا يستطيع القائد اختراق عفاريت الداخلية، وفى مغامرة أخرى يخوض كمال أبوعيطة انتخابات مجلس الشعب 2005 ليس رغبة في مقعد البرلمان ولكن رغبة في وصول هتافات الأمل إلى شوارع وحواري بولاق أبو العلا. إذن أبوعيطة مناضل جذاب تطغى إنسانيته عليك فتؤيده محبة وتبتسم لأنك لم تفكر واتخذت القرار وهكذا كانت الصورة في ميدان السيدة زينب ونحن نعترض على حصار العراق وكانت أسبانيا تلهث وراء أمريكا وإنجلترا في تحالف الشر ضد بغداد وعندما لمح كمال أبوعيطة وسط حشود الفضائيات التي تسجل المظاهرة فضائية أسبانية ارتجل شعارا صاروخيا واضحا وعميقا يدين فيه رئيس وزراء أسبانيا وقتذاك خوسيه ماريا ازنار الذي كان يزحف في ركاب الرئيس الأمريكي جورج بوش فيهتف كمال ( خوسيه .. ماريا .. ازنار عميل .. وكلب.. وحمار) هكذا يصدمك أبوعيطة بشعاراته فترد خلفه حماسة ومحبة. ومن ينسى الشعار الجبهوى الذي أصبح تيمه ثابتة في المظاهرات عندما قال كمال ( قول يا مواطن إيه أفكارك) فترد المظاهرة ( يسقط يسقط حسنى مبارك) ثم يكمل ( قول يا ناصري إيه أفكارك) فترد المظاهرة ( يسقط يسقط حسنى مبارك) ويستكمل ( قول يا تجمع إيه أفكارك) فترد المظاهرة ( يسقط يسقط حسنى مبارك ) ويستمر على هذا الإيقاع حتى يغطى اتجاهات الحركة الوطنية كاملة ومن بعدها أصبح الشعار مألوفا ومفتتحا لأي مظاهرة جبهوية تريد الاحتجاج على الرئيس حسنى مبارك. أستاذ كمال ابوعيطة .. هذه وردة منى إليك عنوان للمحبة و اعتراف بأنك لم تعطى الخصوم ظهرك وقاومتهم وانتصرنا جماعة .مواضيع ذات صلة