المحتوى الرئيسى

اللى ذاكر ذاكر

04/01 01:15

خبر صحفي‏,‏ وإعلان تليفزيوني‏,‏ ورسالة إليكترونية علي المحمول دارت جميعها في نفس الاتجاه‏,‏ فاستوقفوني بشدة خلال الأيام القليلة الماضية‏:‏ أما الخبر‏, فجاء في صدر الصفحات الأولي للجرائد إن لم يكن هو الرئيسي, وكان حول ارتفاع المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية(EGX30) بنسبة5.28% ليبلغ5212.08 نقطة, في حين أغلق مؤشرEGX100 علي ارتفاع بلغت نسبته7.12%, ومؤشر(EGX70) بنسبة8.5% مغلقا عند546.72 نقطة; هذا في الوقت الذي توقع فيه الخبراء انتعاشة في السوق تستهدف مستويات5600 نقطة; وأن التعاملات شهدت طلبات شراء قياسية علي الأسهم الصغيرة والمتوسطة!! أما الإعلان التليفزيوني, فقد جاء في صورة حملة إعلانية شارك فيها عدد من الشخصيات الاقتصادية البارزة وفي مقدمتهم وزير المالية الدكتور سمير رضوان, واستهدفت في مجملها حث الناس ـ عموم الناس ـ علي المشاركة في إنقاذ البورصة المصرية من خلال تبرع المواطنين بمبالغ رمزية لتحريك عمليات التداول!! أما الرسالة الإليكترونية علي المحمول, فقد جاءتني من أحد البنوك تدعوني ـ مثل ما دعت بلا شك كثيرا من الناس ـ إلي دعم البورصة بشراء وثيقة بأقل من100 جنيه مصري في صندوق الاستثمار الخاص بهذا البنك!! وبرغم حسن النوايا وراء النماذج الثلاثة, إلا أن سؤالا ملحا يطاردني بشأنها ويتلخص فيما يلي: ز ز معها؟ بمعني, كم هو عدد الذين يستشعرون في هذا البلد ثمة علاقة مباشرة بينهم وبين مبني البورصة المصرية; بحيث إنه لو حدث إيه في البورصة فإنه سيحدث إيه للمواطن؟ اعتبرني رجلا مجنونا, وارمي بكلامي هذا عرض البحر, ثم اذهب بنفسك لأي مصري يسير علي قدمين في الشارع ـ أي شارع تختاره بطول مصر وعرضها ـ واطرح عليه بالأصالة عن نفسك, وبالنيابة عن المصريين جميعا سؤالا محددا ألا وهو: ما هي البورصة؟ وما هي كيفية الاستثمار بها؟ ورجاء ألا تبرح مكانك من قبل أن تسأله هذا السؤال أيضا: يقولون إن هناك انتعاشا في طلبات الشراء علي الأسهم, فما هي الأسهم أصلا؟ ثم ما هي السندات وما هو الفارق بينهما؟ وما هو الفارق بين الأسهم العادية والممتازة؟ وما هي أنواع السندات المطروحة للتداول أصلا في البورصة المصرية؟! واسأله: يعني إيه وثيقة تباع في صناديق الاستثمار؟ بل ما هي صناديق الاستثمار أصلا؟ وما هو الفرق بين صناديق الاستثمار المفتوحة والمغلقة؟ وما الذي فتحها ـ والعياذ بالله ـ وما الذي أغلقها؟ ثم اسأله: ما هي شركات الوساطة بالبورصة؟ وما هو دورها؟ وما هو التداول داخل المقصورة؟ وما هي شروط سوق التداول خارج المقصور؟ بل ما هي المقصورة أساسا؟ ثم اسأله: ما معني سعر الإقفال والفارق بينه وبين سعري البيع والشراء؟ واسأله: ما هي شهادات الإيداع الدولية؟ وما معني التكويد, لعلنا نفهم قيمة وعظمة قرارات تجميد الأكواد التي تتهاوي علي مسامعنا بعد ثورة25 يناير!! وأمانة تسأله: ما الفرق بين مؤشراتEGX(30 و70 و100)؟ بل وما معني كلمة مؤشرز لقد بح صوتنا وتدلي اللسان حسرة وكمدا من ذكر حقيقة راسخة واضحة وضوح الشمس في كبد السماء ألا وهي أن الناس يا( أخوانا) مش فاهمة!! ومن ثم فكيف يتأتي أن نطلب من الناس( المطحونة أساسا) أن تتفاعل وتخرج عن بكرة أبيها من أجل إنقاذ شيء هي لا تفهمه بالمرة؟ شيء يتمني الناس لو أنهم كانوا يفهمونه, ولكن أحدا في هذا البلد لا يرغب في إفهامهم أي شيء;إذ لا توجد جهة واحدة تود أن تلعب دورا تثقيفيا علي أي مستوي من المستويات!! نطلق علي مسامع الناس مسمي مبهما لا رأس له ولا أرجل, ثم نتصور بالوهم أن الناس فاهمة هذا الكيان الهولامي, ثم سرعان ما نشرع بعد ذلك في الخوض في تفاصيل ما أنزل بها الله من سلطان, نمطر بها عقول الناس, ونظل نلف وندور في هذا التيه جميعا, فكلما استنفدنا رصيدنا من المصطلحات المبهمة, خرجنا علي الناس بطلاسم جديدة, متصورين أنهم قد فهموا الطلاسم الأولي.. والناس أساسا تهيم في واد آخر في جميع الأحوال!! فلما تقع الفاس في الراس ونحتاج فعلا لمساندة الناس, نذهب فنخاطبهم ونحثهم علي التفاعل, ووقتئذ لا حياة لمن تنادي قطعا; ذلك لأن اللي ذاكر ذاكر!! وربما يخرج من بين الناس من يسأل: وما شأن الناس العاديين بكل هذه التفاصيل التي طرحتها حول مصطلحات عمل البورصة في بداية المقال؟ وهنا لابد وأن يغلي الدم في عروقي; حيث أنني لا افهم يقينا كيف يمكن لإنسان أن يقحم بنفسه في أي مجال كان دون أن يلم ببديهيات بديهيات هذا المجال, ما بالك لو كان الأمر متعلقا بالمال, ومن ثم بعمار البيوت أو بخرابها؟ لا أفهم!! فالبورصة ليست جمعية شهرية يتشارك فيها الجيران والمعارف, يتفقون فيما بينهم بالتراضي علي من سيقبض أولا وهم الرابحون جميعهم في كل الأحوال!! ونحن في ذلك لا نطالب عموم الناس بالخوض في تحليلات الرسومات البيانية الصادرة عن البورصة لتوقع تحركات الأسعار في الأمد القصير أو الطويل أو تاريخ هذه الأسعار كمثلBarChart أوLine أوCandlestick, ولكننا نطالب بإتاحة الحد الأدني من المعلومات في الإعلام مقروء كان أم مرئي مسموع; فالمسألة ليست كيمياء يستعصي علي العقل فهمها, وربما يكون فهم الناس في حد ذاته حافزا للمشاركة, فإذا الناس وقود فعال لقاطرة الاقتصاد كمثل ما ثبت أنهم كانوا خير وقود لقاطرة السياسة, وإن كان الشك ما زال يساورني في أن عموم الناس تعي بحق المعني الصحيح لكلمة الديمقراطية!! وتلك مصيبة أخري!! المزيد من أعمدة أشرف عـبد المنعم

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل