الرئيس السوري أساء التعبير وفوت فرصة التغيير !روبرت فيسك " : الأسد هو الأسد قبل الخطاب وبعده : لاتغيير !!
حظي خطاب الرئيس السوري بشار الأسد باهتمام عالمي كبير ، إلا أن المحصلة كانت هجوما لاذعا ، وانتقادا عنيفا ، ولم تكن سخونة رد فعل الخارج ، خاصة المفكرين والكتاب السياسيين المهتمين بشئون المنطقة ، أقل من درجة غليان الداخل إزاء الخطاب ، الذي أتفق الجميع - أمس - علي أنه جاء مخيبا للآمال ، ولا يرتقي لما تتطلبه المرحلة الراهنة ، بل ويقدم وقودا للمؤامرات الخارجية ، التي تحدث هو بنفسه عنها في خطابه ، لأنه - ببساطة - سكت طويلا علي ثورة غضب شعبه ، وعندما تحدث لم يقدم لهذا الشعب ما كان ينتظره منه ! ** كتب البريطاني الشهير روبرت فيسك كبير مراسلي صحيفة " إندبندنت " في الشرق الأوسط مقالا يحلل فيه الخطاب بعنوان " الأسد: الربيع العربي يتوقف هنا ". ويقول مستهجنا موقف الأسد الذي لخصه بقوله : " بينما يطالب المحتجون في سوريا بالحرية ، الرئيس يوجه رسالة صارخة لشعبه مفادها أن لا تغيير "!ويقول : "إن الأسد لم يكن رئيسا متواضعا، ورغم تلميحه أن نيته القيام ببعض الاصلاحات إلا أنهعندما تحدث " في محاولة لتهدئة الأزمة ، التي شهدت مقتل أكثر من 60 شخصا خلال أسبوعين، وهددت حكمه، لم يعط الرئيس السوري بشار الأسد الانطباع بأنه رجل مطارد من شعبه أو تحت الضغط ، ولم يقدم المطلوب . ويتساءل فيسك عما إذا كانت مأساة ليبيا هي التي منحت الأسد القدرة علي الصمود وشجعته علي القول بأن "الإصلاح ليس قضية موسمية"، وإن " سوريا يجب ألا تنحني للثورة المشتعلة في الشرق الأوسط " ، و " أيا كان الأمر، فإن حزب البعث يعتزم المقاومة ".وينتهي فيسك إلي أن معمر القذافي في ليبيا ليس المثل الصحيح الذي يمكن اتباعه من جانب الأسد ، وإن يوم الجمعة ربما يشهد أحداثا يذهب ضحيتها أرواح أخري في درعا واللاذقية ، مؤكدا أن البحث عن الحرية في سوريا مثل البحث عن واحة في الصحراء.الأسد كما أعرفه !أما دبليو ديفيد ليش، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة ترينيتي، ومؤلف كتاب "أسد دمشق الجديد: بشار الاسد وسوريا الحديثة" فكتب مقالا في صحيفة "الجارديان" تحت عنوان "الرئيس السوري الذي أعرفه".وفي هذا المقال يتساءل الكاتب أولا: أين كان الرئيس السوري الاسبوع الماضي؟ ويستطرد ليش: "لقد نظم الالاف من السوريين مظاهرات في جميع أنحاء البلاد ضد الحكومة، وقد تم الإبلاغ عن مقتل عشرات من المتظاهرين علي ايدي قوات الأمن. وتم اعفاء الحكومة يوم الثلاثاء الماضي ، علي الرغم من أن هذه لفتة لا معني لها ما لم يتبعها إصلاح حقيقي. وخلال ذلك ظل الرئيس الأسد صامتا بحيث انتشرت الشائعات التي تقول انه تمت الاطاحة به. ولكن بينما السوريون في حاجة ماسة للقيادة، فإنه ليس من الواضح بعد أي زعيم سيكون الأسد". وتساءل ليش: هل سيكون مثل والده، حافظ الاسد، الذي منح قوات الأمن خلال ثلاثة عقود في السلطة مطلق الحرية في الحفاظ علي النظام ، وممارسة القمع الوحشي ضد انتفاضة اسلامية في مطلع الثمانينيات ، أم أنه سيري في ذلك فرصة لقيادة سوريا في اتجاه جديد، والوفاء بالوعد الذي قطعه علي نفسه عند توليه الرئاسة بعد وفاة والده في عام 2000؟ويمضي ليش قائلا إنه كما هو الحال بالنسبة للقادة المستبدين، بدأ الأسد يساوي بين نفسه والدولة نفسها، وعزز المتملقون من حوله هذه الفكرة. وكان واضحا أنه أصبح رئيسا مدي الحياة. غير أن ليش يستدرك فيقول إننا يجب أن نتذكر حتي مع تصاعد العنف هناك، أن سوريا ليست ليبيا،والرئيس الأسد ليس العقيد معمر القذافي. واذا أخذنا في الاعتبار أن سوريا متنوعة عرقيا ودينيا فإن من الممكن، كما يري الكاتب، أن تنهار مثل العراق. ولهذا تريد إدارة أوباما منه البقاء في السلطة حتي لو انتقدته علي التباطؤ في طريق الإصلاح.ويختتم ليش مقاله بالقول انه يتعين علي الأسد أن يتخذ خيارات صعبة أخري، بما في ذلك وضع حدود لفترة الرئاسة وتفكيك الدولة البوليسية. إلا أن الكاتب يري أن خطاب الرئيس الأسد خلا من ذكر الإصلاحات بطريقة غامضة مخيبة للآمال. نفس المصير ينتظره !أما افتتاحية صحيفة "ديلي تليجراف" فجاءت بعنوان "سوريا تجازف"، وهي تعلق علي الخطاب الأخير للرئيس الأسد. وتقول الافتتاحية "برفضه تقديم أي تنازلات للمتظاهرين، فوت الرئيس السوري بشار الأسد فرصة مهمة لحل الأزمة السياسية المتفاقمة في سوريا". وتقول : " إنه في خطابه أمام مجلس الشعب السوري ادعي بأن موجة الاحتجاجات الغاضبة التي اجتاحت بلاده كانت نتيجة "مؤامرة كبيرة" وراءها أعداء مجهولون " . وقالت الصحيفة منتقدة الأسد : "من السهل بالنسبة للرئيس السوري إلقاء اللوم علي الآخرين بشأن الاضطرابات السياسية التي تجتاح بلاده، بدلا من الاعتراف بأن أسلوب الحكم القمعي هو المسئول عن أخطر تحد لبقاء النظام البعثي من منذ 30 عاما ". أما صحيفة »جارديان« البريطانية فقالت معلقة علي خطاب الأسد بأنه لم يقدم حلولا، وإنما أراد الأسد من خلاله أن يطرح نفسه كجزء من الحل وليس المشكلة وهذه هي المشكلة!!
Comments