المحتوى الرئيسى

المراجعات لمواجهة الافتراءات

03/31 23:17

الفرق هائل بين علماء أجلاء يتناقشون،‮ ‬وبين أدعياء جهلاء يتناقرون،‮ ‬بل إن الأكثر صحة هو أن المقارنة بين الجانبين لا تجوز أصلاً،‮ ‬إذ لا يمكن تصنيفهما في خانة واحدة لا من حيث النوع ولا من حيث الدرجة‮.‬إنني أرجع بين حين وآخر إلي أمهات الكتب العربية الإسلامية،‮ ‬وكلما احتد الخلاف والشقاق بين أبناء الأمة الواحدة عربية كانت أم إسلامية،‮ ‬وجدت في تلك الكتب ما يجبر الكسور ويسد الثغرات ويقطع الطريق علي كل من يحاولون إشعال نيران التمزق ويزكون روح التعصب وينضحون جهلاً‮ ‬وجهالة‮.. ‬ولا أدري ونحن في أوج مسار ثورة شعبية جاءت‮ "‬سلمية‮.. ‬سلمية‮"‬،‮ ‬ومتسامحة واعية لا تفرق بين مسيحي وبين مسلم،‮ ‬ولم تنزلق إلي التصنيف الطائفي داخل كل ديانة،‮ ‬لماذا يخرج علينا من يريدون الارتداد إلي المناخ البائس والبائد الذي كان يحلو فيه للبعض نفاق الحاكم الفاسد الطاغي بأن يترجموا مواقفه السياسية المتهالكة المشبوهة إلي رؤي فكرية أو ثقافية أو حتي إلي عبارات تدعي العلم والمعرفة والتفقه في الدين،‮ ‬وكان من أبرز تلك المحاولات ما دأب البعض علي كتابته تجاه إيران الشعب والثورة والمعتقد المذهبي،‮ ‬حتي وصل الأمر بأحدهم أن يصف رجلاً‮ ‬مثل الإمام الخميني بأنه‮ "‬مجوسي‮".. ‬وهو ما جاء منذ يومين في يوميات الأخبار‮!‬آلمني واستفزني هذا النكوص إلي مرحلة ظننت أن مصر ودعتها باللعنات،‮ ‬وأن النخبة المصرية وخاصة من أهل القلم والرأي صاروا أحرارًا يكتبون ما يمليه عليهم ضميرهم الوطني المستند إلي العلم والفكر والثقافة‮.‬رجعت إلي كتاب من أهم المصادر العلمية الفكرية الموثوقة في شأن العلاقة بين المسلمين السنة والمسلمين الشيعة،‮ ‬وهو كتاب المراجعات الذي يحتوي علي مساجلات في أصول الدين وأصول الفقه بين علمين من أبرز وأجل علماء الأمة وهما الشيخ سليم البشري شيخ الأزهر الشريف والشيخ شرف الدين الموسوي العالم اللبناني المرموق‮. ‬ومن الصعب أن ألخص المراجعات في هذه المساحة لأنها أولاً‮ ‬لا يمكن أن تلخص لأهمية كل كلمة فيها،‮ ‬وثانيًا لأنني أدعو كل شبابنا الذين جسدوا طموح مصر في فكر مستنير وروح حضارية سمحة لقراءة الكتاب الذي هو متاح علي الإنترنت،‮ ‬وسأقتصر في هذه المساحة علي ما يتميز به العلماء الأجلاء من أدب في الحوار ومن تقدير للعلم‮.. ‬لقد بدأت فصول الكتاب بما سمي‮ "‬تحية المناظر واستئذانه في المناظرة‮"‬،‮ ‬وفي هذا يبدأ الإمام الأكبر الشيخ سليم البشري شيخ الجامع الأزهر آنذاك سنة‮ ‬1329‮ ‬هجرية أي منذ حوالي مائة وثلاث سنوات هجرية فنحن الآن سنة‮ ‬1432ه‮: "‬سلام علي الشريف العلامة الشيخ عبدالحسين شرف الدين الموسوي ورحمة الله وبركاته‮.. ‬إني لم أتعرف فيما مضي من أيامي دخائل الشيعة،‮ ‬ولم أبل أخلاقهم إذ لم أجالس آحادهم ولم أستبطن سوادهم وكنت متلعلعًا إلي محاضرة أعلامهم،‮ ‬حران الحوائج إلي تخلل عوامهم بحثًا عن آرائهم وتنقيبًا عن أهوائهم فلما قدر الله وقوفي علي ساحل علمك المحيط وأرشفتني ثغر كأسك المعين شفي الله بسائغ‮ ‬فراتك أوامي،‮ ‬ونضج عطشي وألية بمدينة علم جدك المصطفي،‮ ‬وبابها أبيك المرتضي،‮ ‬إني لم أذق شربة أنقع لغليل ولا أنجع لعليل من سلسال منهلك السلسبيل‮.." ‬إلي أن يقول الشيخ البشري رحمه الله‮: ".. ‬فإن أنت أذنت‮ ‬غصنا علي دقائق وغوامض تحوك في صدري منذ أمد بعيد،‮ ‬وإلا فالأمر إليك،‮ ‬وما أنا فيما أرفعه بباحث عن عثرة،‮ ‬أو متتبع عورة،‮ ‬ولا بمفند أو مندد،‮ ‬وإنما أناشد ضالة،‮ ‬وبحاث عن حقيقة،‮ ‬فإن تبين الحق،‮ ‬فإن الحق أحق أن يتبع‮".. ‬وللحديث صلة لأستكمل تجليات أدب الحوار بين العلماء‮.‬

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل