المحتوى الرئيسى

شباب 24 آذار في مواجهة مع الخائفين من التغيير في الأردن ..بقلم: بسّام عليّان*

03/30 17:16

موقعة « دوار الداخلية » كمفترق طرق في مسار الاحتجاجات شباب 24 آذار في مواجهة مع الخائفين من التغيير في الأردن بقلم: بسَّام عليَّان* ثمة إشارات متناقضة تطبع المشهد السياسي والمؤسسي والتشريعي الأردني الراهن. فيما استنكرت بعض القوى الوطنية الأردنية؛ الاعتداءات الهمجية غير المشروعة وغير المبررة والمدبرة أصلاً والتي قامت بها الحكومة وأجهزتها الوحشية وبلطجيتها على الأردنيين العزل السلميين الأبرياء من شباب وشيوخ وأطفال ونساء، الذين أعلنوا اعتصاماً مفتوحاً في دوار كبير وسط العاصمة الأردنية، والتعرض لأعراضهم، وقيام رجال الأمن والبلطجية باحتفالات ورقص في الشوارع ومن على آليات الأجهزة الأمنية فرحاً بإراقة دماء زكية وإهدار لكرامة وحقوق وحريات الأردنيين والأردنيات. وطالب (شباب 24 آذار) الملك عبدالله الثاني بـ «القيام بمسؤولياته في حماية الشعب ومعاقبة المعتدين في أقرب وقت»؛ ما تزال بعض النقابات والأحزاب ومنظمات تدعي أنها حقوقية؛ تتخذ جانب الصمت إزاء ما حدث في «الجمعة الدامية» على دوار جمال عبد الناصر. حركة شباب 24 آذار في ما يتسم به شباب التغيير في الأردن، بالاندفاع الحركي والرغبة الجامحة في التغيير، رغم غياب المنزع الإيديولوجي الواضح؛ وفي خطوة هي الأولى في الأردن، بعد ثلاثة أشهر تقريبا من المسيرات السلمية والتظاهرات، اعتصم مئات من الشباب في الأردن يوم 24 آذار في ميدان جمال عبد الناصر، المعروف شعبيا باسم «دوار الداخلية» وسط العاصمة الأردنية عمان، وذلك لمطالبة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بتحقيق جملة من الإصلاحات، التي قال الشباب ـ في وقتها ـ أنهم «لن يفضوا الاعتصام إلاّ بعد تحقيقها». وأطلق المعتصمون على أنفسهم حركة «شباب 24 آذار» وقاموا بتوزيع بيان حمل اسمهم، ومطالبهم، حيث انتقدوا، وبشدة، «استشراء الفساد في مختلف مرافق الدولة, وتغول جهاز المخابرات العامة في الحياة المدنية، وتزوير إرادة الشعب والهيمنة على السلطة التشريعية». وطالب المعتصمون الملك بزيارة اعتصامهم وتحقيق مطالبهم، وهي «أن تكون الأمة مصدر السلطات، وأن تكون هناك إصلاحات محددة للملك كقائد أعلى للقوات المسلحة ورأس السلطات، ومجلس نواب منتخب وفق الكثافة السكانية، ومجلس أعيان منتخب، وتشكيل محكمة دستورية وحكومة أغلبية برلمانية، ورفع القبضة الأمنية عن الحياة العامة». وكان لافتاً سقف الهتافات في الاعتصام، حيث هتف المعتصمون بقوة وبشكل متكرر لحل جهاز المخابرات العامة، الذي يتحكم بالتوظيف والاجتماعات، وله صولة وجولة في كل المؤسسات والدوائر الرسمية والخاصة، يسمح بالذي يريده، ويمنع الذي يتحفظ عليه أو لا يريده، ويكرس الإقليمية، والتفرقة بين فئات المجتمع. وهتف المعتصمون، الذين رفعوا العلم الأردني فقط، مرددين شعارات مثل: «الثورة بتلف وبتدور يا أردن عليك الدور»، و«الشعب يريد دستور جديد»، و«مطالبنا شرعية بدنا كرامة وطنية». ورفعت لافتات تطالب بإسقاط معاهدة وادي عربة، كما هتفوا ضد رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت، مذكرين أنه كان يشغل منصب «سفير سابق للأردن في إسرائيل». وعقد المعتصمون (ظهر 24/3) العزم على المبيت في الميدان حتى تتحقق مطالبهم، حيث نصبوا الخيام، وأعدوا العدة لاستمرار اعتصامهم حتى تحقيق مطالبهم، مشددين أنهم «لا يطالبون بإسقاط النظام كما طالبت شعوب أخرى، وأنهم يوجهون رسالتهم للمك بأن يستجيب لمطالبهم ويصلح الأمور قبل فوات الأوان». ورغم أن غالبية المشاركين بالاعتصام كانوا من الشباب، وخاصة من طلاب الجامعات الأردنية، فإن عدداً من القيادات الحزبية والنقابية ومثقفين وكتاباً وصحفيين تواجدوا في الاعتصام. وتحدث مراقبون ـ في حينها ـ عن أن إعتصام 24 آذار المفتوح، هو تعبير صريح عن «سقف جديد من المطالب الشعبية» وأشاروا إلى ان هذا السقف «يرتفع يوماً بعد آخر في ظل الحركة البطيئة لقطار الإصلاح الأردني». وكان الملك عبد الله الثاني، وجه (22/3) رسالة للحكومة انتقد فيها بطء قراراتها الإصلاحية ووجهها لاتخاذ قرارات سريعة في عدد من المجالات. من أبرزها منع أي جهة من التدخل في الجامعات بعد أن تعالت مطالب شبابية بإغلاق المكاتب الأمنية في الجامعات، ومنع المخابرات من التدخل بشؤونها. نهاية دموية للاعتصام لم يرق للحكومة والأجهزة الأمنية، التي نالها الانتقاد من المعتصمين، ومن رسالة الملك، هذا المشهد السلمي للمعتصمين في الميدان، فقامت الجمعة (25/3)، بفض الاعتصام بطريقة همجية، ودموية، استخدمت فيها قوات الدرك الأردنية الهراوات، والضرب المباشر المبرح، ورش المياه الساخنة، والركل، والغاز المدمع، بطريقة عدوانية شرسة حيث قامت باستحضار رجال أمن بلباس مدني، وبأسلوب المباغتة، ويحملون في أيديهم الحجارة، حيث قاموا برشق المعتصمين بها، مما أوقع شهيدا بين المعتصمين، وأكثر من مائة جريح، بينهم سبعة في حالة خطرة، نتيجة الاعتداء المباشر على المواطنين المعتصمين. ويقول مراقبون، إن الشهيد خيري سعد (57 عاما)، لفظ أنفاسه الأخيرة في المستشفى بعدما ضربته الشرطة ضربا مبرحا على رأسه وصدره، بأكعاب أحذيتهم، والعصي والحجارة. وأخلت «قوات الدرك» وقوات «مكافحة الشغب»، ميدان جمال عبد الناصر (الذي يقع ما بين مدخل وسط البلد الشمالي ومنطقة العبدلي وجبل الحسين والمدينة الرياضية وشارع الاستقلال)، من المعتصمين بالقوة، مستخدمة «البلطجية» الذين أحضرتهم بباصات خاصة ليفتعلوا اشتباكات مع كل من يتواجد في تلك المنطقة، حيث فرضت القوات الأمنية، التي قدرها المراقبون بالآلاف، طوقا أمنيا على المنطقة والجسور التي ترتبط بها مع استمرار وصول تعزيزات أمنية للمكان. وحسب المراقبين، فإن قوات الأمن الأردنية اعتقلت أكثر من مائة وخمسين شابا من الذين شاركوا في الاعتصام، وحولتهم إلى مراكزها الأمنية المتعددة، فيما لم تبدِ أية مساءلة مع مجموعات البلطجية التي تسببت بالهجوم، وضربت وأحرقت وخربت!!؟ تداعيات أول التداعيات السياسية، جاء من لجنة «الحوار الوطني»، التي أعلن 15 من أعضائها استقالتهم ـ بعد أقل من أسبوعين على تشكيلها ـ احتجاجا على فض الاعتصام بالقوة. وأعلن الأعضاء الـ15 استقالتهم في مؤتمر صحفي (25/3)، وقالوا في بيان صدر باسمهم إن استقالتهم من اللجنة جاءت احتجاجاً على «الاعتداءات الآثمة التي حدثت الجمعة، بتواطؤ أمني وتحريض رسمي واضح، ما نسف أية إمكانية لأي حوار وطني حقيقي من جذوره». واعتبر بيان (المستقيلين) أن ما حدث الجمعة (25/3)، «ليس صداماً بين المتظاهرين المؤيدين وحركة 24 آذار، بل هو عمل منظم من قبل أجهزة الدولة، وهي المسؤولة أولا وأخيرا عن الدماء التي سالت، وما قد نتج عن هذه المجزرة من شهداء». وُيذكر أنه كان أربعة من اللجنة ـ التي تناقص عدد أعضائها من 52 إلى 33 ـ أعلنوا استقالاتهم بعد تشكيلها مباشرة. «ثقافة القمع» ومستقبل المشهد السياسي الأردني وبرأي المعارضة البارزة توجان فيصل فإن ما جرى الجمعة يعتبر «قفزة في الفراغ من قبل أشخاص غير مؤهلين يتولون إدارة الأمر في البلاد على كافة المستويات». واعتبرت فيصل أن هتافات الشباب من مختلف التيارات في الميدان بسقوط مدير المخابرات وحل هذا الجهاز القمعي «يؤكد أن النظام وأجهزته يواجهون جيلاً جديداً يختلف عن القيادات التي اعتاد على احتوائها وشرائها». ويرى المراقبون أن ما شهدته عمان (25/3)، سيؤدي إلى نقلة نوعية في المطالب والحالة الشعبية، والحكومة سجلت سقوط أول شهيد للحرية في الأردن، ولا تعرف أنها تواجه ملايين الأردنيين الذين لا يمثلهم مئات من البلطجية الذين تحركهم الأجهزة الأمنية هنا وهناك. وقد نددت أحزاب المعارضة الأردنية، وشخصيات أردنية وطنية، ومؤسسات مدنية بقمع الاعتصام المفتوح، وطالبوا حكومة معروف البخيت بالاستقالة، واعتبروا ما جرى دليلا واضحا على تدخل الجهات الأمنية في الحياة السياسية. وقرر نشطاء وطنيون، تغيير اسم الميدان الشهير بـ«دوار الداخلية» نسبة إلى وزارة الداخلية التي كانت قبل سنوات على جانبيه، وأصبحت الآن قريبة من مداخله، إلى اسم «ميدان الكرامة والتغيير». ويظل مستقبل المشهد السياسي في الأردن، محكوما بمدى قدرة كل من الطرفين، السلطة التنفيذية وأجهزتها الأمنية (القمعية)، وأجندتها مع واشنطن وتل أبيب من جهة، وحركة شارع ومعارضة من جهة أخرى، على المبادرة وافتكاك مساحات لصالحه. فكلما اشتد الضغط الشعبي (الجماهيري) وارتفع صوت المعارضة اضطرت السلطات الأردنية إلى تسجيل تنازلات لصالح أصحاب التغيير السلمي والاستجابة لمطالبها، وكلما سكنت الأمور وعادت وتيرة الحياة الطبيعية التقطت السلطة التنفيذية أنفاسها وعادت إلى الإمساك بخيوط المعادلة السياسية على النحو الذي ترغب فيه اعتمادا على قوة النفوذ الإداري والسياسي والدعم الخارجي الذي تتمتع به. الأردنيون الحريصون على الحرية وكرامة الإنسان والديمقراطية قطعوا نصف الطريق بفرض مطالبهم، إلا أن عملية تغيير الدستور والوضع المؤسسي والتشريعي الجديد الذي يطالبون به يخيف الحكومة وأجهزة الأمن والمخابرات التي ستتدهور أجندنها الخارجية وارتباطاتها المصلحية. إلا أننا نقول: الطريق للحرية طويل وشاق؛ ولن يكون _بالطبع_ معبدا بالورود، ومن شأن مشاركة قوى المعارضة والتأثير في الأردن، أن يعطي زخما قويا لعملية التغيير والإصلاح المنشود. • بسّام عليّان ـ كاتب وباحث عربي/فلسطيني [email protected] www.nice1net.jeeran.com http://nice1net.jeeran.com/Page_2.html

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل