المحتوى الرئيسى

مشوارنا طويل‮..‬ والانتهازيون ماكرون‮!‬

03/29 22:50

احتجنا نحو ست سنوات من المظاهرات والاضرابات والاعتصامات والاحتجاجات والحملات الاعلامية الشجاعة فضلا عن التضحيات الهائلة سواء بالحرية أو بالحياة لكي نتخلص من النظام السياسي السابق‮.. ‬فكم نحتاج من الوقت والجهد والتضحيات لكي نقيم نظاما سياسيا جديدا بدلا من النظام الذي اسقطناه؟‮!‬هذا هو السؤال الذي يفرض نفسه علينا بقوة وإلحاح الآن بعد ان بدأت رومانسية لحظات الفرحة بالانجاز الكبير الذي حققته ثورتنا وهو التخلص من نظام حكم جمع بين الديكتاتورية والفساد،‮ ‬وامتلك أيضا قوة مكنته من ان يظل علي قيد الحياة نحو ثلاثين عاما متصلة‮.. ‬وايضا بعد ان اصطدمنا مع واقع يفرز لنا كل يوم جديد قوي تبغي ان تفرض هيمنتها ووصايتها علي المجتمع وان تطوع مستقبلنا حسب مداها الايدولوجي والثقافي،‮ ‬وتستثمر الثورة في تحقيق اجنداتها التاريخية الخاصة‮.‬وهو ليس سؤالا سهلا‮. ‬تحتاج إجابته شحذ كل الهمم وتجميع كل الجهود المخلصة من اجل ان يكون النظام السياسي الذي نقيمه نظاما ديمقراطيا ومدنيا وعصريا وعادلا‮.‬مشوارنا لتحقيق اهداف الثورة وبناء النظام السياسي الجديد الذي نستهدفه هو مشوار طويل‮.. ‬مشوار وعر مملوء بالعقبات والصعاب،‮ ‬بل والتعرجات والمنحنيات ولن ينتهي بمجرد ان نظفر ببرلمان جديد ورئيس جديد،‮ ‬وحتي ايضا دستور جديد‮.. ‬كل ذلك مهم وضروري ولا‮ ‬غني لنا عنه،‮ ‬ولكن وحده لا يكفي لكي تحقق ثورتنا كل اهدافها،‮ ‬أو لكي نظفر بالنظام السياسي الذي نبتغيه وبالدولة الديمقراطية المدنية العصرية العادلة التي ننشدها‮.‬فالثورة اي ثورة نجاحها مرهون بتغيير علاقات القوي الاجتماعية ومن ثم منظومة القيم السائدة في المجتمع‮.. ‬وذلك لن يتحقق فور انتخاب برلمان جديد أو رئيس جديد أو إعداد دستور جديد ايضا،‮ ‬ولكنه يحتاج لكفاح طويل وعمل شاق لإنصاف الطبقات المظلومة والمضطهدة‮.‬وخلال الأيام الماضية كثر الحديث خاصة من قبل مسئولين في الحكومة عن خطر فلول الثورة المضادة من انصار النظام السياسي السابق الذين يحاربون من اجل الحفاظ علي مناصبهم‮.. ‬وقد برر وزير العدل اصدار مرسوم لتجريم الاضرابات والاعتصامات التي تعطل العمل والانتاج بأن من يحرض علي عدد من هذه الاضرابات والاعتصامات هم من ينتمون لفلول النظام السابق أو الثورة المضادة‮.‬ولا احد يجادل في ان اصحاب المصالح يقاتلون بضراوة للحفاظ علي مصالحهم وحماية انفسهم‮.. ‬ولكنني مع ذلك اري ان هناك قوي اخري تمثل خطرا اكبر علي ثورة ‮٥٢ ‬يناير من فلول الحزب الوطني أو النظام السابق أو الثورة المضادة‮.. ‬انها القوي الانتهازية‮.. ‬وهي قوي لديها الكثير من الادوات والاسلحة والحيل والخطط والمناورات تستخدمها الآن للاستيلاء علي هذه الثورة والسيطرة عليها وابعاد الثوار ومن شاركوا في الثورة عن المشهد السياسي كله أو عن مواقع التأثير في المجتمع‮.‬انها قوي منظمة وفاعلة ومؤثرة وقادرة علي خداع الناس والتغرير بالرأي العام،‮ ‬وليست مجرد فلول انتزعت عنها ورقة التوت التي كانت تستر عوراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية مثل فلول الحزب الوطني أو فلول النظام السياسي السابق الذي تمت الاطاحة به‮.‬الانتهازيون اخطر بكثير علي ثورة ‮٥٢ ‬يناير،‮ ‬وعلينا من فلول الحزب الوطني أو النظام السابق‮.. ‬وهؤلاء هم الذين يتعين أن نستنفر كل ما لدينا من ذكاء ووعي لكي ننجح في مقاومتهم واحباط ونزع الالغام التي يزرعونها في طريقنا الطويل الذي بدأنا نسلكه لتحقيق اهداف الثورة‮.. ‬بالذكاء والوعي واليقظة نستطيع ان نتغلب علي كل الصعاب والعراقيل والألغام التي يزرعها هؤلاء الانتهازيون في طريقنا خلال المشوار الطويل المفروض علينا لاقامة الدولة الديمقراطية المدنية العصرية والعادلة التي ننشدها‮.. ‬فالبناء اصعب كثيرا من الهدم‮.‬الوعي هو الذي سيجعلنا محتفظين بالبوصلة الاساسية التي توجهنا إلي هدفنا المنشود‮.. ‬واليقظة هي التي ستجعلنا منتبهين للمؤامرات التي تحاك لاجهاض هذه الثورة‮.. ‬والذكاء هو الذي سيجعلنا نفرز المخلص من الانتهازي لنستعيد هؤلاء الانتهازيين ونقصيهم بعيدا عن مواقع التأثير والنفوذ والمسئولية‮.‬وفوق ذلك فإننا نحتاج للصبر والاصرار‮.. ‬لانه اذا كنا احتجنا سنوات ستا من النضال المتصاعد الذي مهد لثورة ‮٥٢ ‬يناير فإننا سنحتاج وقتا ليس قصيرا لاقامة نظام سياسي جديد وإقامة دولتنا التي ننشدها‮.. ‬الصبر هو الذي سيبعد عنا خطر الوقوع في براثن التشاؤم‮.. ‬والاصرار هو الذي سيجعلنا نتمسك بهدفنا النهائي وبالتالي نختار الصادقين والمخلصين والاكفاء القادرين علي الاقتراب بنا من هذا الهدف لا الانتهازيين الذين يبعدوننا عنه‮.‬

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل