المحتوى الرئيسى

شهادة عمرو موسي.. والميزانية

03/29 11:50

أحسن السيد عمرو موسي قولاً حين ذكر في حواره مع مني الشاذلي في برنامج العاشرة مساء أن تمويل حملته الانتخابية للرئاسة سوف يعتمد في المقام الأول علي تبرعات مؤيديه من جنيه إلي ألف.. ثم علي ما سيدفعه هو شخصياً من ماله الخاص.. أي أنه لن يعتمد علي عطاء من الدولة.. ولن يمد يده ليأخذ مليماً من الميزانية العامة لهذا الأمر.. حتي ولو عرض عليه افتراضاً.وبالتأكيد سوف تعتمد حملات منافسيه ايضا علي التبرعات.. وعلي ما سيدفعه هؤلاء المنافسون من مالهم الخاص.. مثلما يحدث في الانتخابات الأمريكية.. وهذا تقليد ديمقراطي جيد نقلد فيه الأمريكيين.. ولا يعيبنا ذلك في شيء.ولا يعيبنا أن نقلد الأمريكيين في ضرورة إثبات ثروة المرشح للرئاسة قبل أن يجلس علي الكرسي المهيب حتي يمكن محاسبته علي ما أضيف إليه وهو يغادر الكرسي بعد مدة رئاسية أو مدتين.صحيح أن هذا التقليد العادل والرادع للفساد والمفسدين بدأه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب صاحب قانون "من أين لك هذا" منذ أكثر من 14 قرنا لكننا نسينا التقليد ونسينا القانون ونسينا المحاسبة.. فكانت النتيجة أن وصل الفساد إلي الحلقوم.المهم في الموضوع أن ميزانية الدولة لن تقدم من اليوم - ويجب ألا تقدم - مليماً واحداً لدعم مرشحي الرئاسة.. ولن تقدم من اليوم رشوة لهذا المرشح أو ذاك مثلما حدث في انتخابات الرئاسة عام 2005 عندما قدمت 500 ألف جنيه لكل رئيس حزب يقرر خوض الانتخابات ليقوم بدور الكومبارس في زفة الرئيس المخلوع.لم يعد لدينا ترف لتبديد أموال الميزانية في مخصصات غير مجدية.. من أجل رشوة هذا أو ذاك.. بينما يتم التقتير علي أوجه الانفاق الضرورية التي تتعلق بالاحتياجات الأساسية للمواطنين.من اليوم.. يجب أن تحاط ميزانية الدولة بسياج حديدي صلب تحرسه يقظة الشعب ووعيه لحماية أموالنا العامة من أن تبدد في مجالات بعيدة عن مصالح الجماهير.. ومن اليوم يجب ألا يخرج من الميزانية مليم إلا بموافقة ممثلي الشعب في البرلمان المنتخب بحرية ونزاهة.. ومن اليوم يجب ألا يصرف مليم من الميزانية إلا فيما يخص الخدمات الجماهيرية والمرافق الأساسية كالصحة والتعليم ومياه الشرب والصرف الصحي ورغيف الخبز والسكن والغاز والكهرباء والطرق والمواصلات وما إلي ذلك.وحين يتوقف تبديد ميزانية الدولة علي أهل الثقة والمحاسيب والأصدقاء والمستشارين سوف نجد في الميزانية ما يكفي لسد احتياجات محدودي الدخل والعاطلين وكل من ليس لديه مورد للرزق.وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإنه قد آن الأوان لاتخاذ القرار المناسب في مسألة الدعم السنوي الذي يوزع علي الأحزاب.. هذا الدعم يجب أن ينتهي فوراً.. وأن تعتمد الأحزاب علي تبرعات أعضائها فقط إذا كنا نريد أن نؤسس فعلاً لحياة سياسية سليمة.. منزوعة الفساد.ويقيناً إذا توقف شريان الدعم عن الأحزاب فسوف تختفي الأحزاب المزيفة والأحزاب الكرتونية والأحزاب التي أنشئت لتكون مشروعاً استثمارياً و"سبوبة" للتكسب المالي.. ولن يبقي في الساحة غير الأحزاب الحقيقية الجادة التي تمول نفسها بنفسها.. وتمارس العمل السياسي عن قناعة وإيمان بأهداف معينة وليس لمصلحة ذاتية ووجاهة اجتماعية.وكم كنت أتمني أن تتضمن التعديلات الدستورية إلغاء مجلس الشوري.. ذلك الكيان الشائه الذي يستهلك جزءاً من الميزانية في غير فائدة.. ومع ذلك فإن الفرصة مازالت قائمة.. حيث يمكن إجراء انتخابات مجلس الشعب ثم الشروع في إعداد الدستور الجديد دون أية إشارة فيه إلي مجلس الشوري.. وبالتالي يسقط من تلقاء نفسه.. وتسقط معه كيانات أخري شائهة ننفق عليها بلا جدوي مثل المجالس القومية المتخصصة والمجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة والمجلس القومي لحقوق الإنسان وغيرها.. وغيرها.حين يمنع التمويل عن هذه الديكورات الزائفة سوف يتوافر لدينا ما يكفي من المال لدعم الفلاح ورفع مرتبات العاملين وإنقاذ المتسولين وأطفال الشوارع حتي يشعر المصري بكرامته في وطنه.. وهذه هي قضية القضايا في المرحلة المقبلة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل