فتنة دوت كوم : الفتنة الطائفية تشتعل في الإنترنت قبل اشتعالها علي أرض الواقعمواقع إسلامية وقبطية متشددة تزرع بذورها والجهلاء يهتمون برعايتهاخبير اتصالات: ثورة مواقع الفتنة تحتاج لثورة مضادة محلل نفسي:
حادثة بسيطة كالتي يمكن أن تحدث بين مسلم وآخر أو بين قبطي وآخر، تتحول إلي نار تشعل فتيل الفتنة الطائفية بمصر، لأن الصدفة جعلت طرفيها مسلما وقبطيا!.. في الواقع كان يمكن أن تسير الأمور، كما كانت تسير في الماضي حادثة بين مصري ومصري، لكن هناك من ينتظرها ليلبسها لباسا طائفيا لتتحول إلي حادثة بين مسلم وقبطي.. من هذا الذي ينتظرها؟..الإجابة علي هذا السؤال تجدونها واضحة وجلية في مواقع إسلامية وقبطية متطرفة، لا تريد لهذا البلد أن ينعم بالأمن والاستقرار، والمفاجأة أن أحد هذه المواقع الذي ارتدي ثوب الإسلام يمول إسرائيليا.نبدأ من موقع نصب نفسه مدافعا عن محاولات تنصير المسلمين، واختار لنفسه اسم " المرصد الإسلامي لمقاومة التنصير " ، ووضع الآية القرآنية : " ولن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتي تتبع ملتهم " تحت اسمه، كإشارة إلي الهدف الذي ينطلق منه الموقع، دون الإشارة بالطبع إلي السياق الذي ذكرت فيه هذه الآية.في الصفحة الرئيسية لهذا الموقع أنت لست بحاجة لأن تضغط علي العناوين لتقرأ التفاصيل، ذلك لأن "الجواب باين من عنوانه"، كما يقول المثل.فالموقع يتضمن أقساما للأخبار والتقارير والدراسات ومكتبة صوتية، وكل ذلك بهدف معلن هو الدفاع عن الإسلام، وخفي هو زرع بذور الفتنة.لن نصحبك إلي التفاصيل، ذلك لأنها لا ترقي أن تستهويك لأن تقرأها، لكن سنكتفي بعناوين تدل علي أن كاتبها لا يريد لهذا البلد خيرا، ومنها : "عودة مظاهرات النصاري أمام ماسبيرو تحت إشراف الكنيسة .. شنودة يحذر القساوسة من سقوط زوجاتهم بالفخ واعتناق الإسلام .. يا سيادة المشير: هل ساويرس فوق القانون .. 166 مليون دولار لضحايا الانتهاكات الجنسية للقساوسة في أمريكا .. أكاديمية البحث العلمي تتجاهل التحذيرات وتنوي إصدار كتاب لمؤلف مسيحي يسيء للإسلام ".. هذه العناوين لا تحتاج إلي تفصيل، بل أن هدفها المشبوه واضحا ويمكن لأي عاقل أن يدركه، لكن هناك من يبث السم في العسل، وهذا واضح في موقع يطلق علي نفسه اسم " قرآنت".. هذا الموقع لا ينكر انه إسرائيليا، لكنه يقدم نفسه في ثوب جميل خادع، وتحت غطاء هذا الثوب يقدم أفكاره المسمومة التي تسيء للإسلام.ويقول هذا الموقع انه يحول القرآن الكريم إلي أداة معاصرة وعملية تحت تصرف كل والد وكل معلم، حتي يستخدم القرآن الكريم توجيهاته العظيمة في خدمة جميع البشر. كما يمزج الموقع ، كما قال في صفحته الرئيسية، بين القرآن الكريم و نظريات علم النفس الحديثة، وبذلك يكوّن جسرًا للتفاهم ثنائي الاتجاه بين العالم الإسلامي والعالم الغربي، حيث يتعرف المستخدم المسلم من خلاله علي الجوانب التربوية الحديثة التي تنطوي عليها الآيات القرآنية الكريمة، في حين يطّلع المستخدم الغربي علي الدلالات التربوية التي تنطوي عليها الآيات.. والمفارقة انك بعد أن تقرأ هذا الكلام، يقال لك في التعريف بالموقع أنه تم اختياره لتمثيل إسرائيل في مؤتمر بالقدس عام 2008 وهو ما يجعلك تسأل عن دوافع إنشاء هذا الموقع.غزوة الصناديقليس هذا الموقع وحده وال26 موقعا آخر هم المتهمين بالإساءة للإسلام، بل أن هناك شيوخا آخرين يقومون بهذه المهمة بحسن نية أو لأغراض ما لا يعلمها إلا الله، لكن النتيجة واحدة وهي أنهم يعطون لدعاة التشدد من الأقباط مبررا لزرع بذور الفتنة.وليس ببعيد محاضرة "غزوة الصناديق" للشيخ محمد حسين يعقوب، التي قال فيها أن نتيجة "نعم" التي جاء بها الاستفتاء علي الدستور انتصارا للإسلام، ومع أن ما جاء بهذه المحاضرة تطوع المسلمين للرد عليه وبقسوة، بل أن الشيخ نفسه تراجع عنها، إلا أن المواقع القبطية المتشددة ما كان لها لتترك الموضوع يمر مرور الكرام، فهو مادة خصبة وثرية جدا لتحقيق هدفها الذي وجدت من أجله وهو زرع بذور الفتنة الطائفية.ففي موقع "الأقباط متحدون" تشير العناوين التي اختيرت في الصفحة الرئيسية إلي هذا الهدف، فهذا أحد رجال الدين يكتب معتبرا غزوة الصناديق ترجمة لسلسلة من الغزوات التي بدأت كما أدعي هذا الرجل، بهدم كنيسة الشهيدين بصول، وحرق البيوت، والإصرار وقتل عشرة أقباط في المقطم، وإقامة الحدود، وقطع الآذان، وتكرار التهديدات، والقتل القطّاعي علي الهويّة (لشابة في الطريق العام بحلوان، وشاب بالسينما في القاهرة، وصيدلانية بدير مواس) ثم الاحتفاء الإعلامي بالمتطرفين القتلة وخِرّيجي السجون.وكتب آخر تحت عنوان " الصناديق المؤمنة " منتقدا هذه المحاضرة بأسلوب يفسد أكثر مما يصلح.(الأقباط متحدون) تنفرد بنشر فيديو يحرّض فيه إمام مسجد "صول" المسلمين علي الصلاة بالكنيسة ". وفي موقع آخر اسمه "الأقباط دوت كوم" أطلقته منظمة تسمي نفسها "منظمة أقباط الولايات المتحدة" صال الموقع وجال في تفسير حادثة قطع الأذن الشهيرة في قنا تفسيرات طائفية.واختار هذا الموقع تلك الحادثة في عنوان رئيسي ثابت اسمه " حادثة الأسبوع " ، ونشرها تحت عنوان " سلفيون يطبقون الشريعة الإسلامية " .. واللافت للإنتباة هو العنوان الثابت، الذي يشير إلي حرص الموقع علي وجود حادثة صالحة للنشر بشكل أسبوعي.»أم القيح«هذه الحادثة التي ينتظرها " أقباط دوت كوم " يمكن أن تقع بين قبطي وآخر أو بين مسلم وآخر، لكن " أمهات القيح " الموجودة في مصر تلبسها لباسا طائفيا، كما أكد المحلل النفسي د.أحمد عبد الله.و"أم القيح " هو لفظ شعبي يشير طبيا إلي البؤر الصديدية التي توجد في الجسم وتقف حائلا أمام شفاء أي خراج، فكلما بدأت الأمور تتجه للتعافي، ترسل هذه البؤر جراثيمها التي تعود بالأوضاع إلي ما كانت عليه من سوء.. ويصف د.عبد الله الجهود التي تبذل لاحتواء الحوادث التي يكون أطرافها مسيحيين ومسلمين بالأدوية التي يأخذها المريض لعلاج " الخراج "، وهذه الأدوية لا تحقق الهدف المنشود منها لأن البؤرة الصديدية أو " أم القيح " موجودة وتبعث بجراثيمها.. و" أم القيح " في هذه الحالة هي الأمية والفقر واضطراب الأوضاع الاجتماعية في القري المصرية .. ويدعو د.عبد الله إلي تطبيق هذه النظرية علي كل حوادث الفتنة الطائفية، حيث ستجد كل أطرافها يعانون من أمهات القيح.مواقع مضادةعلاج أمهات القيح هو العلاج الجذري الذي يقطع المشكلة من جذورها، لكن العلاج الوقتي الذي ينبغي السعي في تنفيذه بشكل عاجل هو تدشين مواقع مضادة تزرع بذور الفكر الصحيح.و إذا كنا نقول دائما أن الثورة المضادة التي حاول فلول النظام السابق تنفيذها لن تنجح في تحقيق مخططها لأنها ليست بنفس القوة، فإن السبيل لتحقيق نجاح هذه المواقع- كما يؤكد خبير الاتصالات المهندس حاتم زهران- أن تكون أقوي من مواقع الفتنة، عملا بالقاعدة التي تقول: " لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومضاد له في الاتجاه " .
Comments