المحتوى الرئيسى

قبل الغرق في المستنقع الوهابي

03/28 04:17

وفي المرة الثانية تحالف السادات مع الإسلاميين‏,‏ فانقلب السحر علي الساحر‏,‏ ولم يتمكن الذي حضر العفريت من التحكم في المارد الذي لم يرضي بأقل من رأس السادات‏,‏ وفي الافق تحالف سيعصف بانجاز فكرة الدولة‏,‏ الحديثة التي تعب في إنشائها رفاعة الطهطاوي وحلفائه‏.‏ وقد بدأ التحالف الثالث في صعود ثورة‏25‏ يناير‏,‏ مع النظام القديم‏,‏ ويلوح هذا التحالف الأكثر خطورة‏,‏ لأنه يتأسس علي قواعد دستورية‏,‏ وكله بالقانون يامعلم‏!.‏ ولم تكن الجريمة التي ارتكبها مجموعة من السلفيين في حقمواطن تصادف انه مسيحي إلا قرصة ودن للدولة المصرية‏,‏ واستطيع القول ان المتطرفين فازوا بالجولة الأولي والمسألة باختصار ان متطرفين نصبوا من انفسهم قضاة وجلادين‏,‏ واصدروا حكما بإقامة مايرونالحد الشرعي علي مواطن‏,‏ ونفذوا الحكم بالفعل‏,‏ ووضعوا السلطة والمجتمع في اختبار صعب‏,‏ ثم فازوا بنشر صور المصالحة في الصفحة الأولي للصحف الحكومية‏.‏ ونشر الأهرام يوم الجمعة‏2011/3/25‏ ان جلسة الصلح تمت بحضور القوات المسلحة واسرة الضحية الذي قطعت أذنه‏,‏ وفي جلسة الصلح قيل كلام كثير جميل ورائع لكنه فارغ ومن غير مضمون‏,‏ وبلامعني‏,‏ لانه عند اختبار الكلام كانت الهمجية اسبق‏,‏ وضاعت اذن الرجل لمجرد شبهة اتهام‏,‏ وضاعت هيبة الدولة وفاز التطرف بجولة أولي سيكون لها مابعدها‏.‏ ‏3‏ خطايا وتصادف أن الحظ السيئ اوقعني يوم الجمعة الذي نشر فيه خبر هذه الجريمة‏,‏ معواعظ شاب ارتكب ثلاث خطايا منبرية أولاها‏:‏ تأكيده ان كارثة اليابان هي مجرد جند من جنود الله ضد قوم كافرين‏,‏ ونسي ان الميكروفون الذي يصدع رءوسنا بزعيته من صنع اليابان‏,‏ وأن كثيرا من المخترعات الحديثة لليابان فيها فضل كبير ونعمة من الله‏,‏ والخطيئة الثانية قوله الواثق بتحريم التدخين‏,‏ مستندا إلي فتوي لبعض العلماء عام‏1999,‏ وإن هذه اللجنة تحديدا هي التي يمكن ان تراجع الفتوي وهذا اجتراء علي الدين‏.‏ والأمر الثالث‏:‏ هو المكابرة عن الاعتراف بوجود مسيحيين في البلاد حين قال إن حرب‏1973‏ مثلا‏,‏ شارك فيها المسلمون وغير المسلمين‏:‏ وكأن ذكر المسيحيين وامتداحهم بماهم أهل له يسيء إليه‏,‏ ويقلل من هيبة منبر الجمعة‏,‏ علي الرغم من وجود سورة اسمها مريم وأخري اسمهاآل عمران‏,‏ وهو هكذا يعصي ربه الذي قال في سورة المائدة‏:‏ لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا‏,‏ ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة‏,‏ كما قال القرآن في سورة آل عمران يخاطب عيسي عليه السلام‏:‏وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلي يوم القيامة‏.‏ خطيب الجمعة الماضية الذي ابتليت بالاستماع إليه‏,‏ لايختلف عن المتطرف الذي لايعرف قانون الإجراءات الجنائية الذي ارسي دعائمه عمر بن الخطاب حين بلغته أنباء من يعربدون في حديقه منزله‏,‏ فتربص بهم‏,‏ وانتظر إلي الليل ثم تسلق الجدار وهبط عليهم‏,‏ وضبطهم في ساعة أنس‏,‏ والكئوس تدور ـ حالة تلبس واضحة ـ وقبل ان يوجه اتهامه لصاحب البيت بادره الأخير معترضا‏:‏ لقد اتينا واحدة واتيت ثلاثا ـ قال تعالي‏:‏ وأتوا البيوت من أبوابها وانت لم تأت البيت من بابه‏,‏ والثانية ان الله امرنا قبل الدخول علي الآخرين ان نستأذن‏,‏ حتي تستأنسوا وتسلموا علي اهلها‏,‏ وانت لم تسلم‏,‏ والثالثة‏:‏ ان الله نهي عن التجسسولاتجسسوا‏,‏ وانت تجسس علينا‏,‏ فما كان من أمير المؤمنين إلا ان انصرف في صمت‏,‏ معترفا باخطائه الثلاث‏,‏ مرسيا دعائم قانون الإجراءات الجنائية‏..‏فأين هيبة الدولة‏,‏ وماموقعها من تمثيلية المصالحة بين مجني عليه برئ إجرائيا ومتطرف جعل من نفسه قاضيا وجلادا‏,‏ ثم يتحدث مندوبون عن التسامح والكلام الفارغ الذي يعد من ميراث العهد البائد‏,‏ ومكافأة للمجرم‏.‏ يعني إيه تصالح؟ ثم لماذا التسامح الإسلامي‏,‏ وماموضع هذا المصطلح في كيان دولة حديثة نسعي لتأسيسها؟ ومن يتسامح يمكن ألا يتسامح‏,‏ لتكن القاعدة هي التسامح الإنساني‏,‏ الذي لايرتبط بدين‏,‏ في ظل الاستعلاء بالإيمان الذي يمارسه بعض المسلمين علي البعض الآخر‏,‏ والاستعلاء بالإسلام الذي يمارسه كثير من الخطباء علي المسيحيين‏,‏ يرونهم كفارا خارجين علي الدين ومحرفين للكلم عن مواضعه‏,‏ ناسين قول الله تعالي في سورة المائدة لستم علي شيء حتي تقيموا التوراة والإنجيلولايمكن ان يأمرهم الله ان يقيموا إلا كتابا منزلا من السماء‏.‏ هذه شهادة محمد أسد الذي كان يهوديا وخاض رحلة بامتداد العالم الإسلامي من صداقته لعمر المختار‏,‏ وجولاته في مصر والشام والهند وباكستان‏,‏ وصداقته العميقة للملك عبد العزيز‏,‏ وسجل تجربته في كتاب مهم هوالطريق إلي مكة وإذاكانت طبعة مكتبة الملك عبد العزيز العامة حذفت كل انتقاد كتبه الرجل لابن سعود‏,‏ فقد صدرت الترجمة الكاملة للكتاب الذي ترجمه د‏.‏ رفعت السيد علي وهو يسجل خطورةتحضير‏.‏ العفريت السلفي في طيات الدولة فسرعان مايتسلل من الثياب ويسمم الجسد أو يحرق الثياب ويكون خطرا علي أي تسامح إنساني‏.‏ يقول الرجل‏:‏ تحول الحماس الديني للإخوان وميلهم لخوض الحروب إلي قوة جديدة في يد ابن سعود‏,‏ وبدأت حروبه منذ ذلك الوقت تكتسب شكلا جديدا‏..‏ اكتسبت وجه الحماس الديني الذي يخوض المعارك لا من اجل مكاسب دنيوية بل من اجل إعلاء شأن العقيدة‏,‏ أما بالنسبة للإخوان‏,‏ فقد كانت الولادة الجديدة للإيمان تحتوي علي الأقل علي مضمون اشمل من المضامين الشخصية الذاتية‏,‏ وكانوا يلتزمون بالعقيدة وتعاليمها بلا تهاون أو تحريف ملتزمين بالتعاليم الاصلاحية للمصلح الديني محمد بن عبد الوهاب‏.‏ كانت مفاهيم اغلبهم مفاهيم بدائية‏,‏ وكان حماسهم يتسم بالتعصب الزائد‏..‏ ولسوء الحظ‏..‏ ظل ابن سعود قانعا وراضيا بما هم عليه من مظاهر بدائية وفهم سطحي للدين وابتعادهم عن المعارف الدنيوية‏..‏ لم ير ابن سعود في حركة الإخوان إلا قوة في يد السلطة‏,‏ وفي الأعوام الأخيرة قدر لهذا التصور ان ينقلب ويصبح قوة مضادة تهدد المملكة التي شيدها بجهده‏.‏ شكلها هتقلب إخوان‏!‏ وقد تابعت طوال أيام ثورة‏25‏ يناير منحني الحضور السلفي والإخواني‏,‏ وابديت خوفي بعد موقعة الجمل‏,‏ شكلها هتقلب إخوان‏,‏ ثم لاحظت تراجع الحضور الإخواني‏,‏ حين لوحت السلطة ـ عمر سليمان ـ لهم بالحوار وشطب لقبالمحظورة وخشينا من فراغ ينتج عن سحب كوادرهم من الميدان‏,‏ وسيكون هذا الرصد ضمن كتاب عن الثورة‏,‏ ودور الإخوان والإعلام وتواطؤ كثيرين قيد الاعداد‏,‏ وبلغت الذورة بعد تنحي مبارك في‏11‏ فبراير‏,‏ حين ارتفع شعارالله‏..‏ وحده‏..‏ اسقط النظام‏,‏ بديلا لشعارالشعب‏..‏ يريد‏..‏ إسقاط النظام وكدت اتعرض لما لاتحمد عقباه في نقاشات مواجهات هناك حقيقة أن ثلاثة من الخلفاء الراشدين ماتوا قتلا في أثناء الصلاة أو قراءة القرآن‏,‏ وأن العشرة المبشرين بالجنة قاتل بعضهم بعضا‏,‏ وسقط قتلي في موقعة الجمل الأولي بقيادة ام المؤمنين عائشة‏,‏ وبسيوف المبشرين بالجنان‏,‏ وهناك أيضا التمثيل بجثث أشرف خلق الله وهم احفاد الرسول من ابنته السيدة فاطمة‏,‏ وهم لم يكونوا اقل إيمانا من الموجودين بميدان التحرير‏.‏ صنع شعار الله وحد‏..‏ أسقط النظام بجوار إسلامية ـ إسلامية بجوار الشيخ القطري يوسف القرضاوي‏,‏ بجوار تصريح عبود الزمر واقتراح لجنة للتكفير بجوار غزوة الصناديق‏,‏ تكون النتيجة قص شعر فتاة بالكتر وهو صناعة غير إسلامية ـ وسط الركاب في ميكروباص وقطع إذن مواطن مسيحي واستنكار واعظ صغير السن ان يقول كلمة مسيحيين خشية ان يتلوث المنبر هناك قدر كبير من النفاق السياسي‏,‏ تتراجع فيه هيبة الدولة‏,‏ وسيضع معها مفهوم المواطنة‏,‏ ومعها سيضيع الدين نفسه‏,‏ وأكبر ضمانة للدين وممارسة شعائره هي الدولة المدنية والدستور الذي لاينص علي ان للدولة دينا‏,‏ لأن الدستور المدني سيحترم جميع الأذيان‏,‏ ولن يلاحق مسلما‏,‏ ويجعل له فيأمن الدولة ملفا لأنه يطلق لحيته‏,‏ أو يواظب علي صلاة الفجر‏..‏ المستنقع الوهابي الذي حال دون قيام الدولة في الجزائر زحف إلي مصر منذ أكثر من ثلاثين عاما‏.‏ ويكاد ينجح‏,‏ وبنص الدستور هذه المرة‏,‏ وساعتها سيقول كثيرون‏:‏ نن دولة فاسدة يقودها اهوج مثل جمال مبارك أفضل ألف مرة من دولة دينية ـ سيكون الخروج عليها كفرا‏,‏ فمن يصنع هذا التحالف الشيطاني بين السلفيين ومؤسسات دولة يريد مواطنوها الشرفاء ان تخرج إلي النور؟ أرجوكم لاتسهموا في تحضير العفريت‏!‏  

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل