قبل الغرق في المستنقع الوهابي
وفي المرة الثانية تحالف السادات مع الإسلاميين, فانقلب السحر علي الساحر, ولم يتمكن الذي حضر العفريت من التحكم في المارد الذي لم يرضي بأقل من رأس السادات, وفي الافق تحالف سيعصف بانجاز فكرة الدولة, الحديثة التي تعب في إنشائها رفاعة الطهطاوي وحلفائه. وقد بدأ التحالف الثالث في صعود ثورة25 يناير, مع النظام القديم, ويلوح هذا التحالف الأكثر خطورة, لأنه يتأسس علي قواعد دستورية, وكله بالقانون يامعلم!. ولم تكن الجريمة التي ارتكبها مجموعة من السلفيين في حقمواطن تصادف انه مسيحي إلا قرصة ودن للدولة المصرية, واستطيع القول ان المتطرفين فازوا بالجولة الأولي والمسألة باختصار ان متطرفين نصبوا من انفسهم قضاة وجلادين, واصدروا حكما بإقامة مايرونالحد الشرعي علي مواطن, ونفذوا الحكم بالفعل, ووضعوا السلطة والمجتمع في اختبار صعب, ثم فازوا بنشر صور المصالحة في الصفحة الأولي للصحف الحكومية. ونشر الأهرام يوم الجمعة2011/3/25 ان جلسة الصلح تمت بحضور القوات المسلحة واسرة الضحية الذي قطعت أذنه, وفي جلسة الصلح قيل كلام كثير جميل ورائع لكنه فارغ ومن غير مضمون, وبلامعني, لانه عند اختبار الكلام كانت الهمجية اسبق, وضاعت اذن الرجل لمجرد شبهة اتهام, وضاعت هيبة الدولة وفاز التطرف بجولة أولي سيكون لها مابعدها. 3 خطايا وتصادف أن الحظ السيئ اوقعني يوم الجمعة الذي نشر فيه خبر هذه الجريمة, معواعظ شاب ارتكب ثلاث خطايا منبرية أولاها: تأكيده ان كارثة اليابان هي مجرد جند من جنود الله ضد قوم كافرين, ونسي ان الميكروفون الذي يصدع رءوسنا بزعيته من صنع اليابان, وأن كثيرا من المخترعات الحديثة لليابان فيها فضل كبير ونعمة من الله, والخطيئة الثانية قوله الواثق بتحريم التدخين, مستندا إلي فتوي لبعض العلماء عام1999, وإن هذه اللجنة تحديدا هي التي يمكن ان تراجع الفتوي وهذا اجتراء علي الدين. والأمر الثالث: هو المكابرة عن الاعتراف بوجود مسيحيين في البلاد حين قال إن حرب1973 مثلا, شارك فيها المسلمون وغير المسلمين: وكأن ذكر المسيحيين وامتداحهم بماهم أهل له يسيء إليه, ويقلل من هيبة منبر الجمعة, علي الرغم من وجود سورة اسمها مريم وأخري اسمهاآل عمران, وهو هكذا يعصي ربه الذي قال في سورة المائدة: لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا, ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة, كما قال القرآن في سورة آل عمران يخاطب عيسي عليه السلام:وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلي يوم القيامة. خطيب الجمعة الماضية الذي ابتليت بالاستماع إليه, لايختلف عن المتطرف الذي لايعرف قانون الإجراءات الجنائية الذي ارسي دعائمه عمر بن الخطاب حين بلغته أنباء من يعربدون في حديقه منزله, فتربص بهم, وانتظر إلي الليل ثم تسلق الجدار وهبط عليهم, وضبطهم في ساعة أنس, والكئوس تدور ـ حالة تلبس واضحة ـ وقبل ان يوجه اتهامه لصاحب البيت بادره الأخير معترضا: لقد اتينا واحدة واتيت ثلاثا ـ قال تعالي: وأتوا البيوت من أبوابها وانت لم تأت البيت من بابه, والثانية ان الله امرنا قبل الدخول علي الآخرين ان نستأذن, حتي تستأنسوا وتسلموا علي اهلها, وانت لم تسلم, والثالثة: ان الله نهي عن التجسسولاتجسسوا, وانت تجسس علينا, فما كان من أمير المؤمنين إلا ان انصرف في صمت, معترفا باخطائه الثلاث, مرسيا دعائم قانون الإجراءات الجنائية..فأين هيبة الدولة, وماموقعها من تمثيلية المصالحة بين مجني عليه برئ إجرائيا ومتطرف جعل من نفسه قاضيا وجلادا, ثم يتحدث مندوبون عن التسامح والكلام الفارغ الذي يعد من ميراث العهد البائد, ومكافأة للمجرم. يعني إيه تصالح؟ ثم لماذا التسامح الإسلامي, وماموضع هذا المصطلح في كيان دولة حديثة نسعي لتأسيسها؟ ومن يتسامح يمكن ألا يتسامح, لتكن القاعدة هي التسامح الإنساني, الذي لايرتبط بدين, في ظل الاستعلاء بالإيمان الذي يمارسه بعض المسلمين علي البعض الآخر, والاستعلاء بالإسلام الذي يمارسه كثير من الخطباء علي المسيحيين, يرونهم كفارا خارجين علي الدين ومحرفين للكلم عن مواضعه, ناسين قول الله تعالي في سورة المائدة لستم علي شيء حتي تقيموا التوراة والإنجيلولايمكن ان يأمرهم الله ان يقيموا إلا كتابا منزلا من السماء. هذه شهادة محمد أسد الذي كان يهوديا وخاض رحلة بامتداد العالم الإسلامي من صداقته لعمر المختار, وجولاته في مصر والشام والهند وباكستان, وصداقته العميقة للملك عبد العزيز, وسجل تجربته في كتاب مهم هوالطريق إلي مكة وإذاكانت طبعة مكتبة الملك عبد العزيز العامة حذفت كل انتقاد كتبه الرجل لابن سعود, فقد صدرت الترجمة الكاملة للكتاب الذي ترجمه د. رفعت السيد علي وهو يسجل خطورةتحضير. العفريت السلفي في طيات الدولة فسرعان مايتسلل من الثياب ويسمم الجسد أو يحرق الثياب ويكون خطرا علي أي تسامح إنساني. يقول الرجل: تحول الحماس الديني للإخوان وميلهم لخوض الحروب إلي قوة جديدة في يد ابن سعود, وبدأت حروبه منذ ذلك الوقت تكتسب شكلا جديدا.. اكتسبت وجه الحماس الديني الذي يخوض المعارك لا من اجل مكاسب دنيوية بل من اجل إعلاء شأن العقيدة, أما بالنسبة للإخوان, فقد كانت الولادة الجديدة للإيمان تحتوي علي الأقل علي مضمون اشمل من المضامين الشخصية الذاتية, وكانوا يلتزمون بالعقيدة وتعاليمها بلا تهاون أو تحريف ملتزمين بالتعاليم الاصلاحية للمصلح الديني محمد بن عبد الوهاب. كانت مفاهيم اغلبهم مفاهيم بدائية, وكان حماسهم يتسم بالتعصب الزائد.. ولسوء الحظ.. ظل ابن سعود قانعا وراضيا بما هم عليه من مظاهر بدائية وفهم سطحي للدين وابتعادهم عن المعارف الدنيوية.. لم ير ابن سعود في حركة الإخوان إلا قوة في يد السلطة, وفي الأعوام الأخيرة قدر لهذا التصور ان ينقلب ويصبح قوة مضادة تهدد المملكة التي شيدها بجهده. شكلها هتقلب إخوان! وقد تابعت طوال أيام ثورة25 يناير منحني الحضور السلفي والإخواني, وابديت خوفي بعد موقعة الجمل, شكلها هتقلب إخوان, ثم لاحظت تراجع الحضور الإخواني, حين لوحت السلطة ـ عمر سليمان ـ لهم بالحوار وشطب لقبالمحظورة وخشينا من فراغ ينتج عن سحب كوادرهم من الميدان, وسيكون هذا الرصد ضمن كتاب عن الثورة, ودور الإخوان والإعلام وتواطؤ كثيرين قيد الاعداد, وبلغت الذورة بعد تنحي مبارك في11 فبراير, حين ارتفع شعارالله.. وحده.. اسقط النظام, بديلا لشعارالشعب.. يريد.. إسقاط النظام وكدت اتعرض لما لاتحمد عقباه في نقاشات مواجهات هناك حقيقة أن ثلاثة من الخلفاء الراشدين ماتوا قتلا في أثناء الصلاة أو قراءة القرآن, وأن العشرة المبشرين بالجنة قاتل بعضهم بعضا, وسقط قتلي في موقعة الجمل الأولي بقيادة ام المؤمنين عائشة, وبسيوف المبشرين بالجنان, وهناك أيضا التمثيل بجثث أشرف خلق الله وهم احفاد الرسول من ابنته السيدة فاطمة, وهم لم يكونوا اقل إيمانا من الموجودين بميدان التحرير. صنع شعار الله وحد.. أسقط النظام بجوار إسلامية ـ إسلامية بجوار الشيخ القطري يوسف القرضاوي, بجوار تصريح عبود الزمر واقتراح لجنة للتكفير بجوار غزوة الصناديق, تكون النتيجة قص شعر فتاة بالكتر وهو صناعة غير إسلامية ـ وسط الركاب في ميكروباص وقطع إذن مواطن مسيحي واستنكار واعظ صغير السن ان يقول كلمة مسيحيين خشية ان يتلوث المنبر هناك قدر كبير من النفاق السياسي, تتراجع فيه هيبة الدولة, وسيضع معها مفهوم المواطنة, ومعها سيضيع الدين نفسه, وأكبر ضمانة للدين وممارسة شعائره هي الدولة المدنية والدستور الذي لاينص علي ان للدولة دينا, لأن الدستور المدني سيحترم جميع الأذيان, ولن يلاحق مسلما, ويجعل له فيأمن الدولة ملفا لأنه يطلق لحيته, أو يواظب علي صلاة الفجر.. المستنقع الوهابي الذي حال دون قيام الدولة في الجزائر زحف إلي مصر منذ أكثر من ثلاثين عاما. ويكاد ينجح, وبنص الدستور هذه المرة, وساعتها سيقول كثيرون: نن دولة فاسدة يقودها اهوج مثل جمال مبارك أفضل ألف مرة من دولة دينية ـ سيكون الخروج عليها كفرا, فمن يصنع هذا التحالف الشيطاني بين السلفيين ومؤسسات دولة يريد مواطنوها الشرفاء ان تخرج إلي النور؟ أرجوكم لاتسهموا في تحضير العفريت!
Comments