المحتوى الرئيسى

بكل أدبأبشروا‮.. ‬تصويت حلال والثوار في البورصة‮!‬

03/27 23:16

لا أظن أن أحدًا من أركان النظام السابق سيجد الوقت أو راحة البال ليتأمل ما جري،‮ ‬ويفهم لماذا لم يلتفت الشباب إلي الحديث عن ضرورة احترام‮ "‬الأب"؟‮ ‬كان طلب امتيازات‮ "‬الأب‮" ‬للرجل الذي قاد البلاد للانهيار طلبًا مضحكًا بالنسبة لجيل اختلفت نظرته للأب الحقيقي الذي أطعم وسقي وغطي النائم في برد الشتاء‮.‬‮ ‬وليس في تغير نظرة الشباب إلي الأب قلة وفاء،‮ ‬لكن الزمن تغير،‮ ‬وقد نشرت الإنترنت ثقافة المساواة‮. ‬كل ضيوف صفحتك في الفيس بوك هم‮ "‬أصدقاء‮" ‬وبهذه الروح تتناقشون‮. ‬ولم يعد الرجل الذي في البيت ملهمًا لمجرد أنه الأب،‮ ‬كما أن الرجل الذي في قصر العروبة ليس ملهمًا لمجرد أنه الأب الرئيس،‮ ‬والكاتب الذي في الصحيفة ليس ملهمًا لمجرد أنه يسيطر علي تبة إعلامية جعلته كاتبًا كبيرًا بالتقادم‮.‬ولا يعني هذا أن الثوار الشباب بلا آباء من الأجيال التي ضحت قبلهم،‮ ‬لكنهم أخذوا ما آتاهم الآباء علي قاعدة المساواة‮. ‬ولذلك لم تزعزعهم دعايات التليفزيون ضدهم أثناء أحداث الاعتصام‮ (‬حتي لا نقول أثناء الثوره فهي مستمرة‮) ‬ومؤخرًا لم تزعزعهم دعايات التصويت علي أساس ديني في الاستفتاء علي تعديل الدستور‮.‬أكاد أجزم بأن نسبة من شباب الإخوان صوتوا لصالح نعم وفاء لصفة الشباب التي تحترم المنطق قبل الوفاء للتنظيم‮. ‬وقد تابعت وشاركت في نقاشات شباب التيارات الأخري معهم،‮ ‬ورأيت كيف يذكرونهم بالتحالفات الخطرة التي دخلتها الجماعة علي مر تاريخها وخرجت منها مكسورة الجناح‮.. ‬ولكن،‮ ‬في مواجهة وعي الشباب يبقي وعي الأجيال القديمة عرضة للتلاعب من خلال التليفزيون وخطب الجمعة وقداديس الأحد‮. ‬وهكذا جري الحشد الديني الخطير في الاستفتاء،‮ ‬ولو سارت العملية السياسية علي هذا الأسلوب من التضليل في انتخاب الرئيس ومجلس الشعب نكون قد هربنا من رمداء مبارك وفتنة العادلي المزيفة إلي نار الديمقراطية المزيفة والفتنة الحقيقية ليس بين المسلمين والأقباط فحسب،‮ ‬بل بين السلفيين والعلمانيين وبين كل منهما والإخوان‮!.. ‬وقد أصبح واضحًا أن‮  ‬دور المواطن في الديمقراطية أكبر وأهم من مجرد الوقوف في الطابور الطويل للاقتراع‮. ‬واجبه أن يحذر اللعب في دماغه لكي يصل إلي الطابور فاهمًا‮. ‬وعلينا أن نتوقع أن تضع قوي الثورة المضادة علي رأس أولوياتها في الفترة القادمة التلاعب الإعلامي،‮ ‬ومن واجب كل مواطن أن يتدرب علي الشك والتساؤل حول كل ما يتم تقديمه من مواد إعلامية قبل أن يقبلها‮. ‬وهذا الحذر ليس سهلاً،‮ ‬ويحتاج إلي خبرة،‮ ‬لأن عمليات التلاعب تتم بذكاء؛ فهي تحاول تحقيق توازن شكلي بين المعارضين والرافضين لأية قضية مع التلاعب في فرص الكلام بين الجانبين‮. ‬وهناك ما هو أخطر وهو ترك‮  ‬القضية برمتها والضغط علي العصب الحساس للمشاهد‮.‬وقد تم استخدام كل آليات التلاعب قبل التصويت علي مواد الدستور‮. ‬ويمكن تأليف كتاب حول حلقات الحوار الليلية في أسبوع الاستفتاء،‮ ‬وليس في الإعادة إفادة،‮ ‬وباختصار رأينا كيف أزيحت مواد الدستور للخلف وأصبح الكلام حول الواجب الديني للتصويت ب‮ "‬نعم‮" ‬في مواجهة من يريدون‮ "‬لا‮" ‬لكي يلغوا الهوية الإسلامية لمصر‮!‬شغل حواة وأراجوزات تمكن من إثارة مخاوف البسطاء،‮ ‬ومع الخوف يتوقف العقل‮. ‬والطريف أن الشباب الذين كانوا الفرقة الناجية من التضليل الديني في الاستفتاء سرعان ما وقعوا عرضة للتلاعب في تحديد الأولويات الاقتصادية‮.‬وقد فاجأتنا إحدي القنوات باستدراج مجموعة من شباب وشابات الثورة،‮ ‬بينهم إسراء عبدالفتاح وشادي الغزالي حرب للمشاركة في تقديم إعلان عن البورصة قبل إعادة فتحها،‮ ‬يطالب المصريين لدعمها بالشراء فيها حتي لا يتم شطبها من سجل البورصات،‮ ‬باعتبار أن إنقاذها إنقاذ الاقتصاد وهي المهمة الوحيدة الآن‮!‬لا يناقش الإعلان خطورة الشطب،‮ ‬ولم ينتبه المشاهد إلي أن الاقتصاد يمكن أن يكون مهمة أولي،‮ ‬لكن ليس"وحيدة‮" ‬ولا إلي مغالطة اختصار الاقتصاد في البورصة،‮ ‬بينما هي في الحقيقة مجرد جزء من ممارسات اقتصادية تحت مستوي الشبهات‮. ‬نعرف أن النظام السابق أنشأ البورصة لتحتل مكان شركات التوظيف في اصطياد أموال البسطاء وابتلاعها في موجات متتالية من التلاعب بأسعار الأسهم‮.  ‬وأي إصلاح لهذا القطاع لا يجب أن يمر عبر ابتزاز الفقراء عاطفيًا لتوريطهم في دعم نشاط الغلبة فيه لرجال الأعمال والأجانب‮. ‬إن صمدت البورصة فأهلاً‮ ‬بها وإن انهارت يدخل المصريون ليشتروا من الأجانب بأسعار تحقق مصلحتهم لأول مرة بعد عشرات الخوازيق التي جلسوا عليها في مكاتب السمسرة‮. . ‬ولابد في كل الأحوال من فتح ملفات البورصة مثلما فتحنا ملفات تخصيص الأراضي،‮ ‬وإعادة الحقوق إلي أصحابها من المضحوك عليهم‮. ‬ولابد أن يكف الإعلام عن التضليل من خلال الترتيب المغلوط للأولويات‮.‬‮ ‬لدينا قطاعات تستحق الإحياء أهم من قطاع المضاربة‮. ‬وقد كان هتاف‮ "‬ياسوزان قولي للبيه كيلو العدس بعشرة جنيه‮" ‬من أول شعارات الثورة‮. ‬ولم نشاهد برنامجًا وحيدًا يناقش كيفية دعم الفلاح لكي يصبح كيلو العدس أقل من عشرة جنيه،‮ ‬لأن إرادة التزييف تهمل مناقشة أسعار البذور والسماد وسولار الري وتضلل الفلاح مع‮ ‬غيره من فئات الشعب وتوهمه بأن الإسلام في خطر بسبب التعديلات الدستورية‮.‬

Comments

عاجل