المحتوى الرئيسى

تأثر أوروبا بالعالم المتغير وردود فعلها أثناء الأزمات والكوارث بقلم: خيري حمدان

03/27 21:47

تأثر أوروبا بالعالم المتغير وردود فعلها أثناء الأزمات والكوارث ضمن سلسلة محاضرات "كابوتشينسكي" نسبة للصحفي والكاتب البولندي المتوفى كابوتشينسكي، الذي قضى حياته بمتابعة الأحداث والانقلابات والكوارث، وشهد شخصيًا 28 انقلابًا وحربًا أهلية. نظمت جامعة صوفيا محاضرة للمفوضة الأوروبية كريستالينا غيورغييفا مسؤولة الأزمات والكوارث البيئية في الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين الموافق 07.03.2011. المحاضرة نظمت قبل عدة أشهر، عندها لم تكن الأحداث قد اندلعت في ليبيا، لكن الآن حضرت السيدة غيورغييفا مباشرة من مكان الحدث لتلقي بمحاضرتها وتدلي بالمعلومات الميدانية التي حصلت عليها بعد زيارتها الأخيرة للمناطق الحدودية ما بين ليبيا وتونس. بدأت غيورغييفا حديثها قائلة بأن الأزمات تحدث حين ظهور أسئلة لا يمكن الإجابة عليها. هناك مناطق واعدة متطورة في العالم تتجاوز نسبة النمو الاقتصادي فيها 6% من معدل الدخل القومي للبلاد سنويًا، وهناك مناطق متقوقعة على نفسها ومنغلقة ولا تشهد تطورًا على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، وذلك في القارة الإفريقية وآسيا. كما توجد دول لا تملك مؤسسات للدراسة والإحصاء، ويصعب الحصول على أية بيانات بخصوص تطور اقتصادها كليبيا على سبيل المثال. الدول الإفريقية تعاني من شح المياه والفقر وانتشار الأوبئة والأمراض، أما الدول الغنية بالموارد الطبيعية والنفط والتي كان من المتوقع أن تحرز تقدمًا، تفاجئ المجتمع العالمي بأزمات اجتماعية وكوارث إنسانية وانقلابات غير متوقعة، ما ينجم عن ذلك هجرة واسعة وتغير في توزيع السكان. غيورغييفا تناولت في حديثها ما يحدث على الحدود الليبية التونسية، قالت بأن هناك مخيمات كبيرة لمهاجرين وصل تعدادهم إلى 100 ألف لاجئ، كما أن الليبيين أنفسهم بدؤوا بالهجرة من بلادهم أيضًا. من الملاحظ بأن عنصر الرجال والشباب هو الطاغي على اللاجئين في الوقت الحالي، وتساءلت عن مستقبل النساء والأطفال الذين بقوا في بيوتهم؟ كما أوضحت بأن الموجة التالية ستشهد نساءً وأطفالاً. أما الأوضاع في هذه المخيمات فصعبة للغاية وهناك حاجة لتمويل متواصل لتقديم البطانيات والمياه النظيفة خوفًا من اندلاع الأمراض والأوبئة، تشهد هذه الحدود هجرة حوالي 20 ألف مواطن يوميًا وهي نسبة كبيرة للغاية. أما استمرار القتال في ليبيا فإنه عمليًا يعني اشتعال حرب أهلية قاسية في البلاد. أشارت السيدة غيورغييفا إلى أنه تم قصف مستشفى البريقة ما يعني ارتفاع عدد الجرحى والمصابين من المواطنين المدنيين، وقد سارعت الحكومة البلغارية بتوظيف الطائرة الحكومية لنقل اللاجئين إلى أوطانهم ونقل الغذاء والمساعدات إلى الأماكن المتضررة والمنكوبة. القارة الإفريقية شهدت في الآونة الأخيرة هجرة 213535 مواطن إفريقي من ليبيا، النيجر، تونس، مصر والجزائر. ارتفاع موجات الهجرة إلى حد كبير ستؤدي دون شك إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأدوية وازدياد نسبة البطالة والبؤس لدى هذه الفئة من الشباب. وقد بلغت كلفة العمليات الإنسانية لمساعدة المتضررين في ليبيا إلى 50 مليون يورو قدم الاتحاد الأوروبي منها حوالي 30 مليون يورو، وما تزال الحاجة مستمرة للمزيد من المساعدات المالية والعينية. يعيش في ليبيا حوالي 10 آلاف أوروبي لكن أعدادً كبيرة منهم غادرت البلاد ولم يبق هناك سوى 200 مواطن أوروبي رفضوا مغادرة البلاد. أوروبا بالطبع لم تسلم من الأزمات والكوارث خلال السنوات الأخيرة خاصة الفيضانات، أما الكوارث البيئية العالمية فقد بلغت 950 كارثة خلال العشر سنوات الماضية. لهذا فإن موازنة دائرة الكوارث التي ترأسها ارتفعت إلى مليار ومائة ألف يورو للعام 2010. يعود السبب في الخسائر الكبيرة التي تنتج عن الكوارث إلى تمركز أعداد كبيرة من المواطنين في المدن العالمية، لهذا فإن الكارثة حين تحل في مدينة ما فإنها تلحق أضرارًا هائلة لازدحامها بالسكان كما حدث في هاييتي والمكسيك. بلغت قيمة الخسائر التي لحقت بهاييتي حوالي 9 مليار يورو، بينما بلغت قيمة خسائر التشيلي 30 مليار يورو لأن التشيلي دولة متطورة صناعيًا وقد تضرر قطاع كبير من البلاد نتيجة للكوارث البيئية التي حلت هناك. أما على الصعيد الأوروبي فقد تجاوزت الخسائر الناجمة عن الفيضانات 150 مليار يورو وقتل حوالي 100 ألف شخص خلال العشر سنوات الماضية. تلوث المياه وشحه يعتبر مشكلة كونية ستطال حوالي ملياري مواطن مع حلول العام 2030 حيث سيبلغ عدد سكان الكرة الأرضية 9 مليار إنسان، تشير البيانات إلا أن 7 أطفال يموتون كل دقيقة نتيجة للأمراض والفقر وشح المياه النظيفة حول العالم. قضية أخرى تعاني منها الإنسانية وهي ازدياد معدلات النمو السكاني في مناطق محددة في العالم، أهمها آسيا وإفريقيا خلافًا للقارة الأوروبية، لهذا نجد بأن 60% من سكان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من فئة الشباب، كما أن معدلات البطالة هناك عالية جدًا، حتى في ليبيا الدولة النفطية حيث بلغت نسبة البطالة حوالي 40% من نسبة السكان. من جهة أخرى ارتفع معدل المتعلمين الجامعيين والمثقفين، فعلى سبيل المثال ارتفعت هذه المعدلات في مصر من 14% إلى 28%، ما يعني بأن هذه الفئة باتت قادرة على التواصل الاجتماعي عبر الفيس بوك والتويتر وغيرها من وسائل الإعلام، وتعرف جيدًا كيف يعيش المواطن الغربي ومدى التقدم الذي أحرزته المنظومة الأوروبية، لهذا فهي تطالب أيضًا بالحصول على فرص عمل لتطوير حياتها نحو الأفضل، ثورة المعلومات أدت إلى تنظيم الفئات الشبابية التي بات همّها الأول استعادة حياتها المسروقة من الأنظمة الشمولية. غيورغييفا قالت بأن ليبيا قد تتحول إلى دولة غير مستقرة كالصومال وأفغانستان والسودان إذا استمر سوء الأوضاع والقلق والقتال في البلاد. أضافت بأن الاتحاد الأوروبي سيعمل جاهدًا للحيلولة دون تردّي الأوضاع في المنطقة لكن القرار يجب أن يكون بالإجماع حتى لا يؤدي إلى أزمات دولية بين الشرق والغرب، كما يمكن للغرب أن يسمح باستقبال مجموعات من اللاجئين بما في ذلك بلغاريا إذا اندلعت حرب أهلية لإنقاذ المدنيين من موت محقق. لمواجهة كافة هذه التحديات لا بدّ من تنسيق الجهود ما بين دائرة الأزمات التي تديرها غيورغييفا وهيئة الأمم المتحدة والصليب الأحمر والهلال الأحمر، من جهة أخرى يجب توحيد الأجهزة وأنظمة التدخل حتى يسهل استخدامها في كلّ بؤرة توتر أو كارثة داخل القارة الأوروبية أو خارجها. كما إن الوقاية وتجنب وقوع الأزمة أو إبعاد المواطنين عن المكان المتوقع إصابته في الوقت المناسب يقلل من قيمة الأضرار والخسائر الكبيرة التي من الممكن أن تحدث نتيجة لذلك. سايمن مكسويل المدير السابق لمعهد تطوير الأقاليم ودول ما خلف البحار قال بأن هناك ضريبة تقتطع من المواطنين البريطانيين لمساعدة المناطق المنكوبة، من جهة أخرى أوضح بأنه يجب تدويل دائرة الأزمات حتى تتمكن الجهات المعنية من مواجهة الأزمات وتخفيف وقعها ونتائجها المحتملة. أضاف بأن خطر الإرهاب العالمي ما يزال قائمًا، خاصة وأن موجات الهجرة قد تعصف بالمنظومة الأوروبية نتيجة للأحداث في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. المفوض الأوروبي الدكتور أندريه كوفاتشيف قال بأن هناك ضرورة لإعادة الثقة بالدولة البلغارية على الصعيد الأوروبي والعالمي وأشار إلى الحقبة الماضية، حيث كانت تقتطع بلغاريا جزءًا من دخلها القومي لمساعدة حركات التحرر الوطني، وقدمت قروضًا لدول شرق أوسطية ذهبت مهبّ الرياح، لكنها حقبة وانتهت بحسناتها وسيئاتها، بلغاريا تواجه الآن عالمًا جديدًا، فهناك مخاطر ناتجة عن تدويل الإرهاب وتهديده للعديد من دول العالم. أما على صعيد المساعدات تقدم بلغاريا 0.17% من دخلها القومي لمساعدة الدول المنكوبة خاصة في البلقان ومنطقة البحر الأسود. السيد كوفاتشيف ركز على ضرورة حل الأزمات العالمية بطرق سلمية وتجنب حلّ النزاعات الدولية بالسلاح. أضاف بأن الاتحاد الأوروبي يمتلك إرادة قوية لمواجهة الأزمات القائمة في شمال إفريقيا لكنه يتمهل ويتحفظ حتى تتضح الصورة السياسية والإنسانية للأوضاع في هذه المنطقة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل