المحتوى الرئيسى

> الديمقراطية تاريخا ونشأة

03/26 21:16

هل بالفعل النظام الديمقراطي نظام له العديد من المحاسن التي تجعل منه أفضل نظام سياسي أنتجه عقل الإنسان؟، وهل بالفعل محاسن النظام الديمقراطي جعلت الشعوب تحلم به وتطلع إليه وتعلق عليه آمالها في حياة كريمة؟، وهل هو النظام السياسي الوحيد ذو الحسنات المطلقة الخالي من السلبيات؟، وهل بالفعل النظام الديمقراطي هو نظام سياسي إنساني عالمي يصلح تطبيقه في أي جماعة بشرية في أي بقعة من بقاع العالم؟. هذه أسئلة مشروعة نطرحها علي فكرة الديمقراطية التي تتغني بها الشعوب دون وعي بالمدلول الحقيقي لمصطلح الديمقراطية، ولكن قبل الجواب عن هذه الأسئلة وغيرها كثير نود ابتداء أن نقف علي نشأة الديمقراطية في موطنها الحقيقي وبين أهلها الحقيقيين الذين هم أول من قام بتخليق هذا المصطلح وأول من أطلقوه علي نظام سياسي وهم أول من قاموا بتطبيقه كنظام سياسي علي أرض الواقع. إن مصطلح الديمقراطية بشكله الإغريقي القديم - تم نحته في أثينا القديمة في القرن الخامس قبل الميلاد والديمقراطية الأثينية عموماً ينظر إليها علي أنها من أول الأمثلة التي تنطبق عليها المفاهيم المعاصرة للحكم الديمقراطي. كان نصف أو ربع سكان آثينا الذكور فقط لهم حق التصويت، ولكن هذا الحاجز لم يكن حاجزاً قومياً ولا علاقة له بالمكانة الاقتصادية فبغض النظر عن درجة فقرهم كان كل مواطني أثينا أحرار في التصويت والتحدث في الجمعية العمومية. وكان مواطنو أثينا القديمة يتخذون قراراتهم مباشرة بدلاً من التصويت علي اختيار نواب ينوبون عنهم في اتخاذها. وهذا الشكل من الحكم الديمقراطي الذي كان معمولاً به في أثينا القديمة يسمي بالديمقراطية المباشرة أو الديمقراطية النقية.وبمرور الزمن تغير معني "الديمقراطية" وارتقي تعريفها الحديث كثيراً منذ القرن الثامن عشر مع ظهور الأنظمة "الديمقراطية" المتعاقبة في العديد من دول العالم. أول أشكال الديمقراطية ظهر في جمهوريات الهند القديمة والتي تواجدت في فترة القرن السادس قبل الميلاد وقبل ميلاد بوذا. وكانت تلك الجمهوريات تعرف بالـ ماها جاناباداس، ومن بين هذه الجمهوريات فايشالي التي كانت تحكم فيما يعرف اليوم ببيهار في الهند والتي تعتبر أول حكومة جمهورية في تاريخ البشرية. وبعد ذلك في عهد الإسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد كتب الإغريق عن دولتي ساباركايي وسامباستايي، اللتين كانت تحكمان فيما يعرف اليوم بباكستان وأفغانستان، "وفقاً للمؤرخين اليونانيين الذين كتبوا عنهما في حينه فإن شكل الحكومة فيهما كان ديمقراطياً ولم يكن ملكياً" معظم الديمقراطيات القديمة نمت في مُدنٍ صغيرة ذات ديانات محلية أو ما يسمَّي بـالمدينة – الدولة. وهكذا فإِنّ قيام الإِمبراطوريات والدول الكبري مثل الإِمبراطورية الفارسية والإِمبراطورية الهلّينية - الرومانية والإِمبراطورية الصينية والإِمبراطورية العربية – الإِسلامية والإِمبراطورية المغولية في العصور الوسطي وفي معظم البلاد التي كانت تضمُّ الديمقراطيات الأولي قد قضي علَي هذه الدويلات الديمقراطية بل علَي فُرص قيامها أيضاً. لكنَّ هذا لا يعني أنَّ تطَوّراً بتجاهِ الديمقراطية لم يحصل في العصور الوسطي. ولكنّ معظم هذا التطوّر حصل علَي مُستوَي القِيم وحقوق الأفراد الذي نتج عن قِيم الليبرالية التي نشأت مع فلاسفة التنوير توماس هوبز وجون لوك وإيمانويل كانط قبل تحقيق تقدم ملموس في الديمقراطية وهو الذي أدي إلي ازدهار نموذج الديمقراطية الليبرالية دون غيرها من الديمقراطيات في الغرب. وقد ساهمت الدياناتُ الكبرَي كالمسيحية والبوذية والإسلام في تَوطيد قِيمٍ وثقافاتٍ ساعدت علَي ازدهار الديمقراطية فيما بعد. ابتداء من الثورة الفرنسية سنة 1789 وإعلانها الصريح لحقوق الإنسان. (البقية تأتي) *باحث اسلامي

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل