المحتوى الرئيسى

خطاب الملك .. كيميا مدهشة بين ثلاثة ممثلين تأخذك نحو الأوسكار !

03/26 12:34

خطاب الملك .. كيميا مدهشة بين ثلاثة ممثلين تأخذك نحو الأوسكار ! كتبه: محمد المصري - (هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط) 165 كُنت قد شاهدتُ للمخرج توم هوبر فيلمه الأول "The Damned United" ، ويروي فيه السيرة الذاتية لمدرب كرة القدم الأسطوري "براين كلايف" ، الذي استطاع أن يحقق إنجازاً تاريخياً لن ينسى بعد أن فاز بالدوري الإنجليزي مع فريق "ديربي كاونتي" إثر صعوده من القسم الثاني بعامٍ واحد ، كَتبت عن الفيلم وقتها .. معتبراً أن هوبر يتجاوز بشكلٍ يستحق التقدير المحور الأساسي المفترض للفيلم (كرة القدم) ويجعله فيلماً نفسياً من الدرجة الأولى يتناول محوري "الصداقة والعداوة" ، إلى جانب كونه يقتطع جزء ليس الأهم من سيرة الرجل .. ولكنه كافي ليخرج منه فيلماً رائعاً يحتفي بالصداقة وبالانتماء وبالرجل الثاني الذي لم يكن ليتحقق من دونه شيئاً ! وفي مشاهدتي لفيلمه الثاني المتوَّج بالأوسكار "خطاب الملك" ، وجدتُ نفس الأمور التي قدرتها : فيلم سيرة ذاتية .. عن شخصية أيقونية في التراث الإنجليزي .. يتجاوز محوره الأهم (الحرب العالمية الثانية) .. ليغوص في قصة أبسط كثيراً .. ليست الأهم في حياة بطله أيضاً ولكنه يحتفي من خلالها مرة ثانية بالصداقة والانتماء والرجل الثاني الذي لم يكن لتحقق من دونه شيئاً !! قصة الملك "جورج السادس" الذي قاد إنجلترا خلال الحرب العالمية الثانية ، الذي يعاني من مشاكل قديمة في النطق ، تجعل صورته مهتزة أمام الأسرة الحاكمة وأمام الشعب الإنجليزي بأسرة ، ورغم فشل كل محاولاته منذ الطفولة لتجاوز تلك المشكلة .. إلا أن قيادته للبلاد أمام جبروت وجنون ديكتاتور مثل هتلر ، تجعل من الحَتْمي أن يُعالج ، ليصبح "المُلهم" الذي ينتظره الشعب ، وهو شيء لم يكن ليتحقق إلا بوجود زوجته إليزابيث وأخصائي معالجة النطق ليونيل لوغ . أكثر ما أقدره في هذا العمل هو قدرته على صنع فيلم بهذه الجاذبية والرونق ، دون امتلاك (مادة) حقيقية تؤهله لذلك ، فالقصة هنا ليست عن الحرب ولا الملك ولا إنجلترا .. ليست عن شخصيات مُعقَّدة أو حبكة استثنائية ، هي أولاً وأخيراً .. قصة عن الصداقة بين الملك جورج ومعالجه .. تتخذ من "التهتهة" – التي هي نقطة فرعية في سيرة الملك نفسه – أساساً لبناءها ، متجاوزاً أحياناً الصورة الأكبر عن تلك الفترة أو شخوصها أو التيمات التاريخية المرتبطة بأحداث الحرب العالمية الثانية ، من أجل جعل الفيلم عن مشكلة أبسط كثيراً من كل هذا .ورغم كون تلك النقطة تحديداً منجت الفيلم الكثير من تميّزه وقوته لكنها أشعرتني أحياناً بوجود فراغ في النص واستهلاكيّة في نقاط التطور الدرامي فيه ، كتلك المرحلة الهشّة التي يستغنى فيها ولي العهد "ديفيد" عن العرش لشقيقه والصورة الكاريكاتيرية التي ظهر عليها هو وعشيقته ، لكن وجود مخرج جيد كهوبر يجعلنا نتجاوز تلك المرحلة وعيوب الفيلم الأخرى ، حيث يبذل كل جهده لينصب تركيزنا وتوحُّدنا مع مشكلة بطله وكيف تضغط عليه وإلى أي مدى يحاول صديق مخلص قبل أن يكون معالج متمكّن كليونيل لوغ مساعدته . النقطة الأهم ، هو أن هوبر يشعرنا على الدوام بأننا نُشاهد (فيلماً أنيقاً) ، يصل إلى درجة تقارب الكمال في كافة عناصره الفنية ، ويُحيي بصرياً هذا الوقت من القرن الماضي ، خصوصاً مع تصوير بديع جداً من المصور داني كوهين يحوّل بعض المشاهد إلى لوحاتٍ مرسومة بأكثر كثيراً من كونها لقطات في فيلم سينمائي ، وأيضاً موسيقى مُدهشة وعظيمة – الموسيقى التصويرية المفضلة بالنسبة لي في العام الماضي – للفرنسي المتميز دائماً أليكساندر ديسبلا ، ونهاية بمونتاج مُتماسك يساهم في تحويل مشهد (خطاب الملك) الختامي إلى نقطة مضيئة وأيقونية لعام 2010 بالكامل . ورغم تقديري الشديد لقدرة توم هوبر على تجاوز (الفراغ) الذي نستشعره في الحدث أحياناً ، إلا أن هذا لا يمنع أن الأصل في ذلك كله هو أنه مخدوم بكيمياء استثنائية ورفيعة المستوى من أبطاله الثلاث : كولين فيرث وجيفري راش ، يصنعون ثنائياً مُدهشاً لعلاقة الملك بمُعَالِجه ، هَشاشة الأول وخوفه وشعوره أحياناً بالضعف وثُقل المسئولية الملقاة على عاتقه ، في مقابل إيمان الثاني بقدراته وأنه قد يصبح ملكاً عظيماً في حال استطاع تجاوز مشاكله مع النطق ، في المقابل تبدو هيلينا بونهام كارتر تماماً كما يجب أن يكون .. قرينة ملك تحاول أن تسانده في تجاوز عجزه الداخلي وقبل ذلك امرأة مُحِبّة تحاول أن تحمي زوجها في وقتٍ عصيب .  بالمُجمل ، ربما وجدتُ فيه بعض العيوب ، ربما ليس فيلمي السينمائي المُفضَّل للعام ، ولكنه بالتأكيد ضمن أفضل إنتاجاته ، وعبر نص ذكي وإخراج متزن وحقبة تاريخية مفضّلة وعمل تاريخي أنيق وسيرة غير تقليدية وزخم فني واضح وثلاث أداءات رائعة .. يعطي الكثير من المنطق لأن يكون (فيلماً أوسكارياً) . التقييم : 8 من 10  

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل