المحتوى الرئيسى

محدش له وصاية ع الشعب

03/25 09:48

قبل أن تندلع مظاهرات يناير كتبت مقالا أدعو فيه للثورة، ووصفتها قبل «جمعة الغضب» بأنها «ثورة المصريين»، بل إننى انتظرتها وبشرت بها قبل شهرين كاملين من اندلاعها، وقلت بالحرف الواحد فى مقال بعنوان «تحب تعيش فى مصر الجديدة؟»: «إننى أرى ذلك الأمل وسط كل هذا الفساد، ورغم كل هذه الفوضى، ومن لا يصدقنى عليه فقط أن يغمض عينيه عن أوثان العمل السياسى التقليدى من حكومة وأحزاب وطوائف ومماليك، عليه أن يتعمد تجاهل الأجندة الخبيثة المحفوظة والمكررة والمفروضة علينا بلا أى اعتبار للحقيقى والجديد، حينها سيرى مثلى (مصر الجديدة) برعماً صغيراً يتحدى بخضرته ونضارته جرافات الخراب التى تترصد بكل جميل فى هذا البلد»، ونص المقال متاح على موقع «المصرى اليوم» بتاريخ 26 نوفمبر 2010، وفيه أيضا: «مصر ليست الشاذلى وعزمى وشهاب والشريف، ولن تكون عز وكمال وهلال، مصر أجيال جديدة قادمة تحمل وعياً مختلفاً عن أكلشيهات الإعلام الحكومى وترهات المعارضة المصنوعة»، وفيه أيضا: «مصر لم تعد زوجة العسكر، ولا ملك يمين الحزب الوطنى، ولا خطيبة الإخوان، ولا أسيرة معارضة بائسة وعدت ولم تف، مصر صارت إرثاً مستحقاً لناسها، فقط علينا أن نرصد هذه البشائر، وندرك حجم تطور الوعى والممارسات فى هذا الاتجاه، علينا أن نودع مصر السلطوية، وننتظر (مصر الجديدة).. مصر الناس، والعمل الأهلى، مصر التى تستطيع أن تختار حكامها دون وصاية، وتحاكم مسؤوليها دون حصانة، وتجرى انتخاباتها بلا تزوير». هل كانت نبوءة؟.. أنا شخصيا لا أحب مثل هذه الغيبيات، وأفضل أن أنظر لذلك باعتباره رؤية صادقة للواقع، وانتماء حقيقياً للشارع، وابتعاداً متعمداً عن مصادر «الزغللة» والتمويه، وعزوفاً عن الهرولة إلى ولائم المصالح الصغيرة، ولذلك عندما أطلق الشعب «نداء الثورة»، ركزت على مهمة «التوثيق»، وسجلت عشرات الساعات، وآلاف الصور، كنت أدرك أن لحظة التغيير جديرة بالتسجيل، ليس لكى نشهر «قوائم العار» أو «قوائم الشرف»، ولكن من أجل «الرؤية» و «الانتماء»، وإعادة توزيع الأعباء الثورية على مسؤولين جديرين بهذه المسؤوليات، وليس على «مشتاقين للسلطة» أو على «أتباع كل سلطان»، وبعد مهمة التوثيق، غرقت فى مهمة «التحليل»، التى يجب أن تليها مهمة «عرض النتائج»، لمساعدة الشعب على إدراك أوسع واختيار أفضل، وهى خطوات تشكل فى مجموعها ما سميته «ضمير الثورة»، أو مرجعيتها، وقد اكتشفت أن هذه المهمة من الصعوبة أن ينجزها فرد واحد، لأنها مشروع ضخم ومستمر، يحتاج إلى مركز بحثى، ومنابر عرض، وآلية للتواصل مع صناع القرار، بحيث لا نعود مجددا إلى فخ الجدران العازلة بين الشعب ومؤسسات الحكم، وبحيث لا نضطر كل فترة إلى حشد الجماهير فى «ميدان التحرير» لتوصيل صوت الشعب للسلطة، أو تضطر السلطة لاستصدار قوانين تحدٍ، وتحدد التحركات الاحتجاجية، كما اضطرت حكومة عصام شرف لأسباب قد تقنع البعض مؤقتا، بزعم المرور الآمن وسط الظروف المضطربة، لكن مثل هذه المزاعم تزول، وتبقى مصيبة الوصاية على الشعب،  لذلك علينا أن نحتفظ بالروح الثورية الجامحة، لكن علينا أيضا أن نفسح مجالا لهدوء العقل، علينا ألا نفكر فى إقصاء أحد أو جهة، لكن علينا أيضا أن ندرك أفكاره و«نوازعه» و«مصالحه»، لا لكى نحاربه ونستبعده، ولكن لكى يأخذ المركز والمساحة التى تتيح له أفضل أداء للصالح العام، وتعفينا من مساوئه. من هذه البدهيات البسيطة، أتمنى أن نعمل سريعا من أجل أن نسترد نحن الشعب بلدنا كاملاً، ونختار سلطتنا المدنية موظفين أكفاء.. لدينا نحن دافعى الضرائب.. نختارهم ونأتمنهم، نكافئهم إذا أحسنوا، ونحاسبهم إذا أخطأوا، ونعزلهم إذا عجزوا عن رعاية مصالحنا، وحتى يحدث ذلك، يجب ألا نسمح لأى جهة بالوصاية علينا نحن الشعب، ومعاً نكمل المشوار.. [email protected]  

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل