المحتوى الرئيسى

أهو تضارب فى الرؤى؟

03/25 08:20

بقدر ما كانت رؤية الشباب الذين فجروا ثورة 25 يناير واضحة، بقدر ما تبدو الآن رؤية من يلبون مطالبهم ملتبسة، لا تشير إلى طريق محدد، حتى بات السؤال الذى على كل لسان هو: إلى أين تتجه البلاد؟! وهو سؤال يتضمن فى طياته عدداً لا يحصى ولا يُعد من الأسئلة الفرعية، منها على سبيل المثال: هل ستتم الانتخابات الرئاسية أولاً أم الانتخابات البرلمانية؟ ومنها: هل سيتم أولاً وضع الدستور الجديد أم سنظل بلا دستور دائم إلى أن يقوم مجلس الشعب؟ ومنها أيضاً: هل سيتم عمل الانتخابات البرلمانية فى شهر سبتمبر، كما أعلن، أم سيتم انتظار تعديل قانون الأحزاب وتشكيل أحزاب جديدة قبل الانتخابات؟ ثم هل ستكون الانتخابات فى هذه الحالة بالنظام الفردى أم بالقائمة النسبية؟ وقد تبدو كل هذه الأسئلة طبيعية ومشروعة فى وقت مازال فيه كل البدائل متاحة، لكن ما يقلق حقاً هو أن هناك خطوات متضاربة يتم اتخاذها فى كل من هذه الاتجاهات بلا سبب مفهوم، وهو ما يحول هذه الأسئلة الطبيعية والمشروعة إلى مؤشرات على وجود بلبلة وعدم وضوح رؤية، على الأقل لدى الرأى العام. ومن بين الخطوات المتضاربة ما يتصل بذلك الإعلان الدستورى الذى سيمثل، بلاشك، إطاراً دستورياً تستطيع من خلاله البلاد أن تمضى قدماً فى طريق إعادة بناء النظام الجديد الذى طال انتظاره، لكن السؤال هنا هو: طالما أننا بصدد إعلان دستورى فلماذا كان الاستفتاء.. ولماذا كانت تلك اللجنة التى شغلت الرأى العام بأكثر مما ينبغى بتعديلات أولية كان متفقاً عليها سلفاً ولم تكن بحاجة لتشكيل لجنة لوضعها بعد اجتماعات طالت وتعددت وفسرت الماء فى نهاية أعمالها بالماء.. لماذا لم يتم تضمين تلك التعديلات التى أجهدت اللجنة نفسها فى صياغتها فى الإعلان الدستورى منذ البداية؟ ففى الوقت الذى مازال فيه بعض الجهات الأجنبية تقول إنه لم يصلها رسمياً من مصر طلب حتى الآن بحصر وتجميد أرصدة المسؤولين السابقين، وفى الوقت الذى نسمع فيه كل يوم عن محاولات تقوم بها فلول الحزب المسمى «الوطنى الديمقراطى» لإعادة تنظيم نفسها استعداداً للانتخابات المقبلة، شغلنا الناس باستفتاء لا قيمة له فى حد ذاته بالنظر للإعلان الدستورى الذى يتضمن كل ما تم الاستفتاء عليه من مواد وما يزيد، إضافة لما تكلفه ذلك الاستفتاء من أموال ومن تعطيل لعشرات الآلاف من القضاة، فى وقتٍ تعانى فيه ساحات المحاكم من تأجيل متتالٍ لجلسات التقاضى بشكل لم يسبق له مثيل. يضاف إلى ذلك أن المواد التى جرى عليها الاستفتاء هى تعديلات على دستور تم إسقاطه ولا إمكانية لإعادته، ناهيك عن تعديل مواده، فلماذا كان الاستفتاء عليها؟ إن التعديل لا يكون إلا على دستور قائم. ومثال آخر لما يبدو من تضارب فى القرارات، هو أن جميع المواد التى تم استفتاء الشعب عليها فى الأسبوع الماضى تتعلق بموضوع واحد وهو الانتخابات الرئاسية، مما يوحى بأننا سنجرى تلك الانتخابات أولاً، ثم تليها الانتخابات البرلمانية حين يتم تعديل الإجراءات الخاصة بها هى الأخرى، لكن العكس هو الحادث، حيث مازال الالتزام المعلن حتى الآن هو إجراء الانتخابات البرلمانية أولاً التى لم تتعدل قواعدها بعد، ثم بعد ذلك بثلاثة أشهر، أى فى نهاية العام، يتم إجراء الانتخابات الرئاسية التى تم الاستفتاء على تعديل قواعدها أولاً «!». والحقيقة هى أن الاستفتاء الذى جرى يوم 19 مارس لم يكن فى حقيقة الأمر حول قبول أو رفض التعديلات الدستورية الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية، وإنما كان بين من قالوا «نعم» للعمل بهذه المواد لانتخاب رئيس جديد ومَن يفضلون وضع دستور جديد تماماً، ومع ذلك وجدنا أنفسنا نضرب عرض الحائط برأى الأغلبية التى قالت «نعم» لانتخابات الرئاسة وقلنا إننا سنجرى الانتخابات البرلمانية أولاً «!». إن المرحلة الحالية التى تمر بها البلاد هى من أدق وأخطر ما نواجهه وهى تستلزم قدراً كبيراً من وضوح الرؤية توازى وضوح الرؤية التى كانت لدى شباب الثورة الذين حددوا مطالبهم منذ البداية ولم يحيدوا عنها، وهى إسقاط النظام بكل أدواته وإقامة نظام جديد لم تظهر له بادرة فى الأفق السياسى حتى الآن.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل