المحتوى الرئيسى

الكتابة الصحافية بين المحسوبية والانتهازية بقلم:فيصل حامد

03/23 23:19

ليس من الضروري الاستعانة بالمعجم اللغوي للوقوف على المعنى الاصولي لكل من كلمتي المحسوبية والانتهازية , ومعناهما كامن في حروفهما فلا تحتاجان الا التفسير من خبير لغوي نحرير اصلع ورأسه مستدير وبطنه كالزير لا يعرف من قواعد اللغة سوى الجار بالكسرة مجرور والفاعل بالضمة مفعول لو سمعه جدنا سيباويه لوقع مغشيا عليه . فهذه مقالة قصيرة عملا بمساحة النشر, وتقيدا بحرية القول , والفكر, لكنها تختصر مختزلة الكثير من الابحاث الطويلة والدراسات الاكاديمية المملة لتقدم للقراء وهم قلة وعلى طريق التلاشي سائرون, وجبة سخية ودسمة غير مدفوعة الثمن على اطباق جميلة وبسيطة ونظيفة مليئة بالمعلومات المتنوعة التي قد تزود القارئ بجزء صغير من المعرفة الفاضلة من غير ان يبذل جهدا مضنيا للتفتيش عنها في بطون الكتب والمراجع المكدسة والمهملة على الارفف الصدئة المتهالكة بالسراديب المعتمة الرطبة النتنة يكسوها الغبار القذر وتتأكلها القوارض والازمان والتسيب. والكاتب الصحفي الحر الملتزم غالبا ما يجهد عقله وذهنه ويتعب نفسه وفكره, وهو يبحث عما يعتوروطنه ومجتمعه من امراض اجتماعية لحالات نفسية وثقافية تؤثر سلبا وانحدارا على النهوض والتمدن والارتقاء, فقد يضطرالكاتب الصحفي وفي احيان كثيرة الى اللجوء الطوعي للتورية والضبابية في طرحه للموضوعات الجادة والمتعمقة خشية من تعرضه للمساءلة الزجرية او الى التهديد والمضايقات المتنوعه التي قد تلحق به الاخطار والاضرار وربما يصار الى تكفيره وتلعينه والمطالبه بتعزيره وتسفيره الا بلاد الصين حيث السارس والتنين من قبل اللذين لا يستقون مواردهم الا من مستنقعات الجهل والتعصب لإفتقارهم لأبسط قواعد الحماية والرعاية الادبية والمادية في مجتمعات تتنامى فيها جهات لا تعير وزنا او تأخذ قيمة واعتبارا للفكر الحر او الكلمة الحية الصادقة, ويضيق صدرها بالرأي والرأي الاخر حتى وان كان صائبا وله حق في التوصيف والتعليل والتحليل . والكتابة الصحفية تعتبر من ارقى الفنون الانسانية وأكثرها مباشرة ومواجهة ان تناولت فيما تطرح من موضوعات مرتبطة بالحياة الاجتماعية والمواطنية للإنسان والتحدث عن اسباب تخلفه وفرديته وقعوده عن مواكبة عوامل التطور والتحضر والارتقاء وحثه على النهوض من عثاره وعساره لكن هذه الشرطية ليست عامة وشمولية بالتأكد والمشاهدات العينية والقراءات , فكثير من الكتاب الصحافين المؤللة اسماؤهم وكنيهم خاصة في دول مجلس التعاون الذين تخصص لهم الزوايا والاعمدة وكأنها ملك لهم لا يجوز الاقتراب منها او التحرك حولها ,لا يحفلون فيما يكتبون ويطرحون من اراء وأفكار بالمواضيع المجتمعية الاساسية الا نادرا وبفوقية واستعلاء وسطحية لجهة الموضوع والتحليل والمصداقية ويفضلون وهذه حالة قائمة بذاتها الملامسة عن المماسكة ويستسيغون الممادحة والمماحكة عن المصارحة والمكاشفة ويبحثون عن الشهرة والجلوس في الصفوف الامامية حيث كبار الضيوف والمناسف والدفوف .ان هذه الحالة المرضية الخارجه عن فن الكتابة وروحها واصالتها اخذت تستشري شيئا فشيئا حتى تكاد ان تصبح عرفا سائدايخلومن الموضوعية والامانة الصحافية التي هي ارقى درجات الفكر والقلمية في معترك الحياة النهضوية الانسانية ضمن الدوائر المجتمعية المتحدية .لكن المؤسف والمعيب معا ان كثيرا من وسائلنا الاعلامية العربية المرئية والمسموعة والمقروءة رهينة للمحسوبية والانتهازية , فنراها تقترب من محاسيبيها ومحازبيها وتفضلهم على سواهم في استضافاتهم ببرامجها واذاعتها وصحفها من غير الاخذ بموضوعية الموضوع او بنوعية المادة المطروحة للحوار والتحليل وبهذا تسود روح الانتهازية والشللية والفئوية الهدامة في ارقى المحطات الاعلامية نهضوية في وقت نلملم في ما تبقى من كرامة مهدورة وحق مفقود . فيصل حامد كاتب وناقد صحفي سوري (مقيم) بالكويت [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل