المحتوى الرئيسى

فلسطين..عندما تتحرك علا إيقاع الفوضى الخلاقة عربيا بقلم:أبو خالد العملة

03/23 22:50

فلسطين...عندما تتحرك على إيقاع الفوضى الخلاقة عربياً • أبو خالد العملة ليس ممكناً فهم الحدث "جدل حركة الواقع" قبل التمعن في بيئته وفهمها بعمق، لأن أخطر ما يهدد الفهم السوي يكمن في الانحكام للمنطق الصوري أو الشكلي. فالثورات ليست محصلة رغبة، ولا هي محصلة تراكم كمي مجرد من الغرض والهدف، وليس صحيحاً أن انتصار الثورة يمكن اختزاله في إسقاط نظام مستبد و فاسد أو عميل، والذي يشكل جزئيه من أهداف الثورة، وليس صحيحاً أن حركة الشعوب دائماً رافعة تغيير إيجابي أو محصلة لتراكم كمي نضالي يقود بالضرورة إلى تحول نوعي يتحرك باتجاه صاعد وصولاً إلى النصر، دون روافع اجتماعية منظمة ومحددة الأهداف على الصعيد الداخلي والخارجي. إن التحول الأبرز في البيئة الدولية، التي يتحرك بداخلها موضوعياً أي حراك إقليمي راهن، يتجلى من خلال أزمة رأس المال وحالة الركود التي تتوج الآن بحالة كساد شلت الاقتصاد الدولي وأدخلته في حالة تضخم له تداعياته السياسية والاجتماعية بالضرورة في المراكز الرأسمالية كما في الأطراف، والذي قد لا تقل تداعياته عن تداعيات الكساد الكبير عام 1929 الذي كان أحد أسباب نشوب الحرب العالمية الثانية. هذه الأزمة أو ما يسمى "تسونامي التغيير في المنطقة العربية" ليست منتج صراع عسكري أو سياسي بين أقطاب دولية راهناً، بقدر ما هي منتج لتحول كتلة رأس المال من الغرب إلى الشرق، ولامتلاك الصين كتلة نقدية هائلة قادرة من خلالها على شراء سندات الخزينة لمراكز جيوسياسية في أوروبا كما في الشرق الأوسط، ما يسمح لها بالتأسيس لاختراقات اجتماعية في تلك الدول. الأمر الذي استدعى من المركز الرأسمالي الغربي لشن حرب استباقية تتجلى في إحداث تغييرات في المجالات الحيوية حيث يتم إعادة تشكيلها بما يتناسب مع متطلبات مواجهة هذا المركز، الذي يعتبره التحدي الاستراتيجي الأكبر في القرن الحالي. وأبرز هذه المتطلبات يتجلى : في إفقاد هذه المجالات أي مساحة للمناورة السياسية "أي فقدان الخيارات"، عكس ما كان عليه الحال، نسبياً، بعد حروب الاستقلال، بتحويل هذه المجالات إلى هلام سياسي قابل للتشكل حسب الحاجة واللحظة دون المرور بمنعرجات النظم وبيروقراطيتها، ومسميات القرار المستقل والمصلحة الوطنية وشروط بقاء هذه النظم. لعل أبرز مقولة تم تكرارها من قبل أقطاب المفكرين والسياسيين الغربيين خلال المرحلة الماضية كانت المناداة بضرورة مواكبة التحولات الاقتصادية بتحولات سياسية. فإذا كانت التحولات الاقتصادية تستدعي تحرير التجارة والاقتصاد فإن الموازي لها هو تحرير السياسة، ما يعني تحول الدول إلى ولايات طرفية داخل الباب العالي الأمريكي، ويصبح الاستعمار مطلب الثوار؟؟ والحاكم المتنفذ الغربي في المنظومة الامبريالية هو خليفة المسلمين الجدد كما كان عليه حال الخليفة العثماني . وعندما يتمكن المركز الامبريالي من تحويل المحيط العربي إلى هلام سياسي وافتقاد تشكيلاته السياسية المقبلة لأي مساحة مناورة أو خيارات سياسية، سوف يتمكن من حل أي مشكلة في المنطقة بسهولة وعلى الأخص أكثرها تعقيداً والمتمثلة في القضية الفلسطينية. إن تحضير البيئة المؤهلة للحلول الأمريكية الصهيونية يستدعي هلامية وضعف دول الطوق والقوى السياسية الفلسطينية التي في السلطة أو خارجها. هذه الهلامية تم إنجازها في مصر من خلال تسييل النظام السياسي ومنح هذا النظام المسال شرعية شعبية أتت على شكل ثورة مسيطر على مسارها. والعمل جار على تسييل و إخضاع ما تبقى من دول الطوق وفق إستراتيجيتهم المنوه عنها لضمان صياغة المنطقة التي تخدم إستراتيجية المركز الإمبريالي. في ظل هذه الرؤية الامبريالية يصبح إخضاع سورية لهذه الرؤية مقدمة ضرورية لتصفية النهج المقاوم في فلسطين ولبنان والعراق، وهذا ما يجب أن تدركه كل قوى الأمة العربية الحية للمساهمة في إفشال هذا الاستهداف الاستراتيجي لسورية وللمشرق العربي. الأمر الذي يستدعي من القيادة السورية والشعب السوري وكل قواه الوطنية تحصين سورية وتعزيز وحدتها الوطنية بإنجاز برامجها في التغيير والتطوير على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية بما يضمن دورها القومي في تعزيز نهج المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق وعدم تمكين تلك الإستراتيجية من تصفية القضية الفلسطينية وخسارة الساحة اللبنانية. على الصعيد الفلسطيني : في ظل غياب فعالية ذات معنى في الساحة الفلسطينية وعدم وجود البديل الثوري كرافعة للنضال الفلسطيني سيكون التحرك بين قلق الضياع الذي تمثله "السلطة الوطنية الفلسطينية" التي كانت تقاد تاريخياً من خلال حركة فتح ومنظمة التحرير، وبين طموح حركة حماس التي تقود قوى المعارضة الكلاسيكية الفلسطينية، خاصة بعد تجارب القبول الغربي لمشاركة الإسلام السياسي ممثلاُ بالإخوان المسلمين في لعبة التغيير الدائرة في المنطقة، في ظل هذا الواقع يصبح "الحل المنطقي" الذي طالما نادت به الولايات المتحدة الأمريكية والمتمثل في "بنولوكس الأراضي المقدسة" حلاً قابلاً للتطبيق. فهذا الحل هو كنفدرالية تعاون اقتصادي كما هو الحال في دول البنولوكس الأوروبي "بلجيكا، هولندا، لوكسمبرغ" ما يعني أن التسمية غير عرضية أو عبثية بل ذات دلالة حادة ومحددة. فالمثلث المكون من الأردن بعد إحداث التغيير المطلوب وإصلاح النظام كما يحب الغرب تسميته بما يسمح بتحويله إلى مستودع سكاني، والسلطة الفلسطينية بعد إحداث التغيير المطلوب المتمثل في إلغاء الانقسام وتحضير البنية الموحدة للقبول بكيان فلسطيني على ما تبقى من غزة والضفة، والكيان الصهيوني بعد إجباره على إلغاء فكرة يهودية الدولة. هذا المثلث يكون الكيان الصهيوني فيه هو الكيان السياسي الوحيد، أما الباقي فهو حالة من السيولة السياسية تشكل مجالاً حيوياً له، ويمكن أن يتم استرضاء الكتلة الفلسطينية الضخمة فيه، من خلال دور اقتصادي وشبه سياسي دون دولة داخل هلام المساحة المتاحة في الضفة والأردن تحت سطوة رأس المال الصهيوني واستحقاقات حركته داخل البنولوكس. إن هذا الحل يستدعي إعادة تشكيل المناخ السياسي المصري كما السوري كما الأردني وأعتقد أن هذا قيد التشكيل والتغيير لدى الدوائر الامبريالية، لأنه لا يمكن رؤية أي تغيير داخل هذا المثلث خارج تحضير هذه المناخات المواتية. فليس من باب الصدفة أن المصالحة الفلسطينية قد بدأت تتحرك ويتم تسخينها في الضفة وغزة على إيقاع التغييرات الجارية في المنطقة العربية، ومع الأفق الذي بات مفتوحاً على شراكة الإسلام السياسي في المنتج الهلامي المسمى إصلاحاً سياسياً تحت مظلة رأس المال الغربي. فليس مصادفة أن يقوم محمود عباس بتغيير رأيه بعد أن أعلن عن تحديد موعد الانتخابات الفلسطينية ليعود مباشرة عن هذا الموقف بعد أن اتصل به باراك أوباما ويعقد اجتماعاً عاجلاً في اليوم التالي للمكالمة و ليعلن أن لا انتخابات بدون قطاع غزة، واستعداده في وقت لاحق لزيارة غزة بما يعني إمكانية مشاركة حركة حماس وإصلاح السلطة الفلسطينية من خلال إنهاء الانقسام وعلى إيقاع الإسلام السياسي المصري بعد التغيير. لا تعني هذه الرؤية إطلاقاً اعتبار الانقسام الفلسطيني حالة صحية، بقدر ما تعني أنه بقدر ما كان الانقسام حالة صراعية مرضية داخل حل "أوسلو" فإن إنهاء الانقسام في مناخ التغييرات الجاري هو حالة مرضية أخرى بانتظار البنولوكس القادم وبيئته الجاري تحضيرها في دول الطوق والمحيط العربي. الوحدة وإزالة الانقسام من أجل تشكيل الدويلة الوهمية داخل البنولوكس أصبح السقف الأعلى الذي ستتحرك عليه القوى السياسية الفلسطينية بكل أطيافها مهما غلفت ذلك بشعارات براقة، ومهما زايدت على بعضها، فالقوى الفلسطينية جميعها هي جزء من بيئة عربية وإسلامية وهي استطالات لها رسمية كانت أم شعبية. ولعل موقف غالبيتها مما يجري داخل الوطن العربي من تغييرات يؤشر بوضوح على السقف الذي ستتحرك داخله. ما نحن بحاجة له هو ليس الوحدة وإلغاء الانقسام للحصول على دويلة بقدر ما نحن بحاجة إلى وطن محرر داخل أمة. فالكيانات العربية الكبرى كمصر تحت سقف المنظومة الإمبريالية لم يستطع نظامها الدفاع عن نفسه، كما لم يكن قادراً على الدفاع عن أي من قضايا الأمة بقدر ما كان متآمراً عليها فما بالك بأشباه الدول ومؤسسات الحكم الذاتي. إن الدعوة للوحدة وإلغاء الانقسام وبناء الدولة إنما يأتي في هذه المناخات كتساوق وحراك سياسي على إيقاع المشروع الأمريكي المتمثل في تحرير السياسة في منطقة الشرق الأوسط. وهذا ما يجب أن تعيه كل قوى شعبنا وفعالياته وكفاءاته بعيداً عن التضليل والتزييف. كما أن شعار توحيد النظام الفلسطيني وإلغاء الانقسام الذي كان مستحيلاً طوال المرحلة السابقة ليصبح ممكناً على إيقاع "الفوضى الخلاقة" الجاري إدارتها إمبريالياً في الدول العربية، لا يقل خطورة عن اختزال هدف التحرير وبناء متطلباته وقواه بشعار إسقاط النظام السائد عربياً من خلال قناعة الغرب بهذه التغيرات في حدود مشاركة تيارات سياسية بعينها في هذا المنتج أو " المتغير". إن توحيد النظام الفلسطيني وإلغاء الانقسام وبناء الدولة الفلسطينية الموهومة على بقايا الضفة الغربية وقطاع غزة لن يكون أكثر من نصر وهمي يتم تسويقه شعبياً ليصبح القبول بالاحتلال مطلباً شعبياً فلسطينياً كما أصبح استدعاء قوى الاستعمار الغربي مطلباً لكل "الثورات العربية" على مساحة الوطن العربي . أمام هذه الاحتمالات والمواقف يجب التأكيد على أن أمتنا العربية التي واجهت كل أشكال الاستعمار وفي طليعتها الشعب العربي الفلسطيني، لم تستسلم له ولا لوكلائه. وشعبنا الفلسطيني الذي يواجه المشروع الامبريالي الصهيوني منذ أكثر من ربع قرن بمشاركة ودعم أشقائه العرب، في ظل ظروف ذاتيه وموضوعية أكثر صعوبة وتعقيداً، حيث واجه، ولمدة زادت عن ثلاثين عاماً، الانتداب البريطاني بجيوشه ومعه الحركة الصهيونية بشكل مباشر، وبدعم مالي وسياسي وعسكري أمريكي كانت نتيجته إخفاق المشروع المعادي الذي لم يتمكن من وضع يده على أكثر من 2% من الأراضي الفلسطينية (معظمها لملاك عرب). من هنا فإن هذا الشعب مهما خبت قياداته أو أشكال نضاله سيكون قادراً على توليد الأشكال الكفاحية التي تحمي القضية من التصفية. مع العلم أننا نقاتل اليوم بجيش الحاضر، بكل ما فيه من نقاط ضعف وليس بجيش المستقبل الذي سيكون أكثر التزاماً وأكثر وعياً بأهمية تحرير فلسطين من خلال جدلية الحرية والتحرير وعلاقتها مع هدف الوحدة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. كما أننا على ثقة بأن انتفاضات الشباب العربي الجارية اليوم ستحول دون ترويض أو تخدير جماهيرنا العربية، بل ستكون بروفات لثورات منتصرة قادمة لا محالة بإعادة الاعتبار للمشروع القومي الديمقراطي الذي أطلقه القائد الخالد جمال عبد الناصر والذي لم يكتمل، ولكن يمكن البناء عليه وتطويره لمشروع نهضوي عربي ديمقراطي ثوري لتحقيق أهداف الأمة في الحرية والوحدة والتقدم. والمدقق لما جرى ويجري من استهدافات للمراكز الجيوسياسية العربية في مصر العربية وإخراجها من دائرة الصراع واستهداف العراق الأشم المقاوم، وكل أشكال التأمر والحصار والعقوبات على سورية العروبة، وصولاً إلى كشف حقيقة المؤامرة على الجماهيرية الليبية من أجل نفطها وليس دفاعاً عن دماء شعبها العربي الشقيق، يستطيع إدراك حجم الخطر المحدق بحاضر ومستقبل الأمة واستنتاج الاستهدافات الخطرة للبرنامج الامبريالي. وقد تكون السودان والجزائر هي الساحات المنتظرة على أجندة المعسكر الامبريالي وعملائه ليكون كل ذلك تمهيداً لتصفية قضية فلسطين وقتل روح المقاومة لدى الشعب الفلسطيني، لضمان أمن الكيان الصهيوني المرتبط بالإستراتيجية الإقليمية والكونية للولايات المتحدة. الهزيمة لأعداء الأمة والعار للمشاركين العرب ضد أمتهم ومستقبلها. 22/3/2011

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل