المحتوى الرئيسى

> علي طريق محاربة الفساد

03/23 21:46

تعد المطالبة بمحاربة الفساد والقضاء عليه من المطالب الأساسية التي كانت محور اهتمام العديد من المثقفين والمحللين بل ومن جانب بعض السياسيين خاصة علي جبهة «المعارضة» وفي ظل درجة الحرية التي كانت معطاة من جانب النظام السابق والتي لا يمكن انكارها، تزايدت الكتابات والتحليلات والحديث عن الفساد والتي لم تجد أذنا صاغية من جانب ولاة الأمور في كل المجالات وعلي كل المستويات وكان مبدأ «دعهم يقولون ما يشاءون» هو السائد والمهيمن إلي أن قامت الثورة المصرية الشعبية في الخامس والعشرين من يناير وكان من أهم شعاراتها القضاء علي الفساد بكل ألوانه وصوره ومع سقوط النظام بدأنا نقرأ ونسمع عما كان موجودا من فساد وبصورة غير مسبوقة وبالدرجة التي يصعب علي أي عقل مهما كانت كفاءته تصديقها وأصبح الكل يضرب كفاً علي كف متسائلاً وفي استغراب: معقولة؟! علي أي حال لنترك كل قضايا الفساد للقضاء المصري الشامخ والنزيه خاصة بعد أن اختلط الحابل بالنابل وانتشرت ثقافة الاتهامات وتصفية الحسابات ولكن تظل قضية الفساد وفي كل المجتمعات لها وجودها وأسبابها وتأثيرها وإن اختلفت حدتها وشيوعها وخطورتها من مجتمع لآخر لاختلاف الظروف والعوامل. ومن المتفق عليه بين مختلف التحليلات لقضية الفساد أنها قضية معقدة ومتداخلة الظروف والأسباب المؤدية إليها اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا قانونا وإدارة ثقافة وأخلاقا ومن ثم وكما يقول العالم الجليل المرحوم دكتور إبراهيم شحاتة في سفره الخالد وصيتي لبلادي يجب علينا التعامل مع كل هذه الأسباب والظروف في محاربة الفساد وتخفيض مستواه تمهيداً للقضاء عليه بمختلف صوره وألوانه وأشكاله ولابد أن نأخذ في اعتبارنا أيضا القيم والأخلاقيات والثقافة السائدة. ونذهب مع عالمنا الجليل د.إبراهيم شحاتة في أن محاربة الفساد والقضاء عليه لا يمكن أن يتحقق بين يوم وليلة، كما أن القيام بهذا العمل النبيل لا يمكن أن يكون مسئولية أي نظام مهما كانت كفاءة هذا النظام، وإنما هي مسئولية كل المجتمع باعتبار الفساد مشكلة مجتمعية، سياسية، ثقافية، اقتصادية، ومن ثم لا يمكن مواجهته والقضاء عليه دون المشاركة الحقيقية الفعالة من جميع الأفراد والجماعات، الهيئات والمؤسسات إلي جانب تفعيل القانون، ومحاربة كل الفاسدين مهما كانت مستوياتهم. ويطرح لنا العديد من الآليات التي يمكن من خلالها محاربة الفساد، تمهيدا للقضاء عليه، والمستمدة مما هو مطبق في العديد من الدول المتقدمة، ومنها ما يتعلق بالبيئة والخصوصية المصرية، ويأت في مقدمة هذه الآليات والوسائل: - حظر التعامل مع النفس، بمعني ألا يقوم الشخص المسئول بإدارة عمل يحقق منه مصلحة شخصية، كما حدث لدينا من تولي رجال الأعمال السلطة، وفي المجالس الذي يدير به شركاته وأعماله. - منع المسئول من تلقي أشياء ذات قيمة علي سبيل الهدية، أو ما شابها. - منع المسئول من التعامل مع الحكومة لتحقيق مصالح خاصة. - منع المسئول العام من التأثر في عمله بانتماءاته الحزبية. - القيام بعمليات إصلاح قانون شامل لضمان وسلامة الإجراءات والضوابط القانونية السليمة. - القيام بعمليات إصلاح قضائي يستهدف تحقيق الكفاءة والنزاهة. - القيام بعمليات إصلاح اقتصادي يستهدف تحقيق العدالة الاجتماعية وتنمية المجتمع، والارتفاع بمعدلات النمو. - ويرتبط بكل هذا الإصلاح السياسي وإعادة هيكلة الجهاز الحكومي تدريجيا. - إنشاء أجهزة للدفاع عن مصالح الجماهير، وتشكيل الجمعيات والهيئات القادرة علي مواجهة الفساد. - إعادة الوعي لدي الجماهير بحقوقهم وما عليهم من واجبات. - نشر ثقافة النزاهة والشفافية والمحاسبية والمسئولية وقيام مؤسسات بناء الفرد بعمليات إعداد من خلال نشر القيم والأخلاقيات الرافعة للعمل والإنجاز والصالح العام ويأتي في القلب من هذه المؤسسات التعليم والإعلام والمؤسسات الدينية. عشرات الآليات والأساليب التي يمكن القيام بها للحد من الفساد ومحاربته والقضاء عليه وهو أمر بات يفرض نفسه في ظل الثورة المصرية الشعبية وتحقيقا لغاياتها وأهدافها النبيلة ونختم هذا المقال بمقولة خالدة لمفكرنا د.إبراهيم شحاتة حيث يقول: «وكما يمكن أن يؤدي سلوك الناس إلي فساد الأنظمة السياسية فإن الأنظمة الفاسدة كثيرًا ما تؤدي إلي إفساد الناس» وصدق الله العظيم «وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون» «سورة البقرة الآيتان 11، 12».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل