المحتوى الرئيسى

مجرد رأيالجميع يسعي لاختطاف‮ »‬توكيل‮« ‬الدين

03/22 23:20

توجهت،‮ ‬شأني شأن الملايين للمرة الاولي في حياتي،‮ ‬مع أسرتي في الثامنة من صباح يوم السبت الماضي إلي صناديق الاستفتاء،‮ ‬وسط انقسام في الرأي داخل الأسرة،‮ ‬وإن كانت الاغلبية لمن قالوا لا وأنا منهم‮.‬واظن ان وسائل الاعلام المختلفة أفاضت في وصف ذلك العرس الديمقراطي الذي شهدناه جميعا،‮ ‬وعلي الرغم من أنني أعطيت صوتي لصالح رفض التعديلات الدستورية،‮ ‬إلا أنني أمتثل للنتيجة،‮ ‬وأدعو الرافضين للامتثال،‮ ‬والبدء فوراً‮ ‬في مواجهة الاستحقاقات المرتبة علي نتيجة الاستفتاء،‮ ‬وهو ما يعني الانخراط فورا في تشكيل الاحزاب واصدار الصحف والعمل داخل الاحياء والقري والمدن البعيدة،‮ ‬فنحن شعب أسقط النظام في ثمانية عشر يوما،‮ ‬ونستطيع مواجهة الاستحقاقات المشار اليها دون أي تفاؤل كاذب أو محاولة لتهوين من شأن ما ينتظر الرافضين للتعديلات‮.‬ومع هذا فإن ماجري بشأن الاستفتاء خطير ويدعو للتأمل،‮ ‬لأن الاخوان والسلفيين وجماعات الاسلام السياسي حولوا الاستفتاء إلي شأن ديني،‮ ‬كما أن هناك استغلالا سياسيا من جانب بعض الاقباط جري وتصويتهم لصالح رفض التعديلات‮. ‬هناك مثلا منشور منسوب للاخوان تم توزيعه يعتبر التصويت بنعم واجبا شرعيا،‮ ‬وهو‮ »‬سقطة‮« ‬لاتغتفر لأن الدين ليس‮ »‬توكيلا‮« ‬تتنازعه الأطراف المختلفة،‮ ‬ومن بينها حتي لاننسي النظام السابق الذي تم اسقاطه،‮ ‬وما يردده مشايخ السلفية في خطبهم ولقاءاتهم ومقابلاتهم الصحفية خطير،‮ ‬فهم‮ ‬يعتبرون التصويت بنعم تصويتا علي الاسلام،‮ ‬ودعوا‮ - ‬شأنهم شأن الاخوان والجماعات التي سبق لها ان وافقت علي المراجعات ونبذت العنف‮ - ‬هؤلاء جميعاً‮ ‬دعوا الناس إلي الموافقة علي التعديلات دفاعاً‮ ‬عن المادة الثانية،‮ ‬وهو خطل وخطيئة متعمدة‮.‬أود أولا أن أؤكد علي الدور الحيوي الذي لعبه الاخوان،‮ ‬وعلي الاخص شبابهم في ملحمة الصمود في الميدان،‮ ‬وإن كانوا تأخروا بضعة أيام،‮ ‬لكنهم دافعوا بضراوة باعتبارهم فصيلاً‮ ‬وطنياً،‮ ‬جنبا إلي جنب الفصائل الاخري عن الحرية،‮ ‬وقاتلوا دفاعاً‮ ‬عن الميدان،‮ ‬وجاءوا بأسرهم كاملة ليحتلوا الميدان ويتعرضوا للاخطار،‮ ‬أما السلفيون فلم يظهروا مطلقا إلا بعد نجاح الثورة وخلع الرئيس،‮ ‬ثم انهم سبق لهم ان ملأوا الدنيا صراخا بعد إغلاق قنواتهم التليفزيونية في عهد مبارك أنهم أولاد أمن الدولة،‮ ‬مطالبين بفتح القنوات‮.‬وهاهم الصوفيون دخلوا علي الخط ويدعون لمسيرة مليونية دفاعاً‮ ‬عن اضرحة اولياء الله،‮ ‬بالطبع في مواجهة السلفيين،‮ ‬والفتنة بين المسلمين والاقباط تطل برأسها بين الحين والآخر،‮ ‬والاخوان سبق لهم أن اتهموا الرافضين للتعديلات بحصولهم علي تمويل أمريكي وما شابه‮.‬والحال أن الجميع يسعي لاختطاف توكيل الدين والتحدث باسم الله والنبش في الصدور،‮ ‬بينما صاغت الثورة علي مدي ثمانية عشر يوماً‮ ‬مجيدة ملحمة مذهلة تطهر فيها وانصهر الاقباط والمسلمون والشباب والشابات،‮ ‬ملايين في كل ميادين الحرية في طول بلادنا وعرضها‮.‬أهداف الثورة واضحة للجميع،‮ ‬فإلي جانب اسقاط النظام ورحيل الرئيس،‮ ‬تحقيق الديمقراطية والعدل الاجتماعي‮.  ‬والآن رحل الرئيس وسقط الكثير من رموز النظام،‮ ‬وباقي أن تعمل كل القوي السياسية من اجل تحقيق اهداف الثورة‮. ‬أتمني وأدعو أن تنجو بلادنا من التنازع حول توكيل الدين،‮ ‬ولا مشكلة في بقاء المادة الثانية مع اضافة تتيح لغير المسلمين التمتع بحقوق المواطنة،‮ ‬لنتفرغ‮ ‬جميعا لتحقيق ما تبقي من أهداف الثورة‮.‬علينا أن نتقي الله فدماء الشهداء لم تجف بعد،‮ ‬والثورة المضادة تستعد للانقضاض علي مكاسبها،‮ ‬علينا أن نخوض المعارك القادمة باعتبارها معارك سياسية،‮ ‬الانتخابات والاستفتاءات القادمة،‮ ‬وهي كثيرة،‮ ‬سوف تعيد بناء بلادنا إذا خضناها باعتبارها معارك سياسية،‮ ‬فالدين لله والمواطنة حق للجميع،‮ ‬وتشكيل الاحزاب بمجرد الاخطار،‮ ‬والحريات السياسية التي انتزعناها بعد الثورة وتحرير النقابات العمالية والمهنية،‮ ‬و الفرصة المتاحة أمام قوي المجتمع المدني من شباب الثورة الذين فجروا شرارتها الاولي مهما كانت قصيرة،‮ ‬إلا أنها مازالت متاحة،‮ ‬والمطالب الفئوية والاقتصادية المشروعة ينبغي البدء فورا في تلبيتها‮.‬الاخوان كما عبر أحد عقلائهم الدكتور سليم العوا في أحد البرامج التليفزيونية‮ »‬فصيل سياسي‮« ‬والاستفتاء لاعلاقة له بالشرع،‮ ‬بل وحمل بشدة علي من كذب قائلا إن التصويت بنعم واجب شرعي‮.‬ولو تحلت كل القوي السياسية بالمسئولية واشتغلت بالسياسة والتزمت بقواعد اللعبة الديمقراطية،‮ ‬وسارت في الشوط إلي نهايته،‮ ‬فسوف تنجح الثورة وتحقق اهدافها دون ان يركبها أحد أو يختطفها‮.‬

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل