المحتوى الرئيسى

دول صناعية تختار الفجيرة مركزا لتخزين النفط تجنبا للمخاطر السياسية

03/22 12:15

دبي – حازم علي تتحرك الدول المستهلكة للنفط بخطى متسارعة لإنشاء منشآت لتخزين النفط في الشرق الأوسط ومناطق أخرى من آسيا في إطار مساعيها لإطفاء عطشها للنفط مع تزايد دورها الاقتصادي. والوجهة المفضلة للتخزين حاليا هي الفجيرة التي تضم أحد أكبر ثلاثة موانئ للتخزين في العالم، إلى جانب سنغافورة وروتردام. وتسعى الإمارات إلى تجاوز الاعتماد على مضيق هرمز لتصدير النفط، لذلك يشهد ميناء الفجيرة عمليات تطوير ضخمة من ناحية سعات التخزين، وستمنح المنشآت في الفجيرة انفتاحاً ملاحياً مباشراً على خليج عمان والمحيط الهندي. وتجري حكومة الفجيرة محادثات مع شركة "بتروتشاينا" العملاقة للنفط لبناء منشآت لتخزين النفط في ميناء الإمارة، تصل طاقتها الاستيعابية إلى مليون متر مكعب. نقطة إستراتيجية ويرى الخبير الاقتصادي الكويتي حجاج بوخضور أن الفجيرة تسير نحو التحول إلى نقطة إستراتيجية في مجال تجارة النفط، وإقامة منشآت تخزين نفطية فيها سيعزز اقتصادها نتيجة أن بناء وإدارة هذه المنشآت يتطلب إنفاق مليارات الدولارات تتحملها الشركات. ويوضح، في تصريحات لـ"العربية.نت"، أن تكلفة بناء المتر المربع الواحد من منشأة تخزين النفط تتراوح بين 4 و6 آلاف دولار، وشركة "بتروتشاينا" تحتاج إلى بناء حوالي 16 مستودعا للنفط تبلغ كلفتها مليار دولار على الأقل. ويسلط بوخضور الضوء على الأبعاد الاقتصادية والسياسية لإقدام الصين وغيرها من الدول على تخزين النفط في الفجيرة، قائلا إنه بعد الغزو العراقي للكويت والتهديدات الإيرانية من إغلاق مضيق هرمز الذي يُعد أهم ممر عالمي لمرور النفط يوميا إلى العالم، حيث تصدر دول الخليج نحو 90% من نفطها عن طريق ناقلات نفط تمر عبر مضيق هرمز، الأمر الذي ساهم في ارتفاع أسعار النفط. ويضيف أن هذه الأسباب الجيوسياسية تمثل بين 20 و25% من مكونات ارتفاع النفط في العقد الحالي، الأمر الذي أثار مخاوف المراكز التقليدية المستهلكة للنفط مثل الولايات المتحدة وأوروبا من توقف الإمدادات فلجأت إلى رفع طاقتها التخزينية، فعلى سبيل المثال رفعت دول منظمة التعاون الاقتصادي (OECD) مخزونها الإستراتيجي ليغطي حاجاتها لمدة 60 يوما بدلا من 30 يوما. البناء خارج الحدود خبراء نفط ووفقا لبوخضور فإن الصين حذت حذو الدول الصناعية الكبرى وبدأت بتجميع مخزونات تكفيها لمدة 45 يوما بدلا من 30 يوما، عدا أنها بدأت ببناء مستودعات تخزينية خارج حدودها الجغرافية، كما أنها تفاوض حاليا حكومة الفجيرة على إنشاء مخازن تمد الصين بالنفط في حال إغلاق مضيق هرمز، وتزايدت الحاجة إلى بناء هذه المنشآت بعد أحداث البحرين والتوتر بين الغرب وإيران على خلفية الأسلحة النووية. ويبدي بوخضور مخاوفه من إستغلال المضاربين لعمليات التوسع في إقامة منشآت لتخزين النفط، خاصة إن ملأ هذه الخزانات بالخام الأسود يزيد الطلب، الأمر الذي يعزز دور المضاربين، وبالتالي ستتجه أسعار النفط نحو مزيد من الارتفاع. بدوره، يفرّق الخبير النفطي وليد خدوري، في حديث لـ"العربية.نت"، بين نوعين من المخزونات النفطية: التجاري والإستراتيجي، الأول تلجأ إليه الشركات والثاني تعتمده الحكومات. ويوضح أن المخزون الإستراتيجي لدى الحكومات لم يستخدم حتى الآن إلا بحالات محدودة، ويوفر مليوني برميل يوميا لمدة 6 شهور. ويضيف أن إنخفاض أسعار النفط يعزز لجوء الدول المستهلكة للنفط إلى التخزين والعكس صحيح، وقد لجأت بعض هذه الدول إلى إقامة منشآت تخزين بالقرب من مراكز الإمدادات. آليات لضمان تدفق النفط ويشير خدوري إلى أن العديد من الدول المنتجة والمستهلكة للنفط تبحث عن آليات جديدة تضمن استمرار تدفقه لمواجهة الطلب المحلي في البلدان المستوردة، في حين سعت الدول المنتجة إلى تطوير آليات للتخزين خارج الحدود للحد من الآثار العكسية للأسعار المنخفضة والمحافظة على حصصها في الأسواق. ففي عام 2009 قامت شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" بتخزين أول شحنة للخام في جنوب اليابان في اطار اتفاق لتخزين النفط أبرم مع اليابان ثالت أكبر مستهلك للنفط في العالم. ويتشابه الاتفاق مع اتفاقات أخرى بين كوريا الجنوبية وشركات نفط أجنبية منها شتات أويل النرويجية وسوناطراك الحكومية الجزائرية وتوتال الفرنسية. وتسعى كوريا الجنوبية لتوسيع تلك الاتفاقات. وفي عام 2006 اتفقت السعودية مع الصين على بناء منشأة تخزين للنفط الخام في جزيرة هينان. وفي عام 2007 وقعت ايران خامس أكبر منتج للنفط في العالم مذكرة تفاهم مع الصين بشأن امكانية بناء منشأة تخزين استراتيجية للخام هناك. كما عقدت الهند محادثات مع منتجين في الشرق الأوسط للتعاون في بناء منشآت تخزين للنفط الخام لضمان استمرار الامدادات. وتبحث قطر تخزين النفط في جزيرة اندونيسية تبعد 45 دقيقة بحرا عن المركز التجاري سنغافورة. ويشير خدوري إلى أنه ليس من المجدي اقتصاديا دائما أن تبني الدول المنتجة للنفط خزانات داخل أراضيها، كون النفط محفوظ في باطن الأرض، لكن التخزين خارج البلاد مفيد جدا للدول المستهلكة التي تتحمل في معظم الأوقات تكاليف بناء الخزانات. وأظهر تقرير لشركة "نفط الهلال" الإماراتية أن الارتفاع المتواصل الذي تسجله أسعار النفط منذ الربع الأخير من عام 2010، يلقي ظلاله على خطط تخزين النفط بالقرب من نقاط التوزيع، ويبشر بانخفاض واضح لجدوى تلك الخطط لأن الأسعار السائدة تخدم أهداف المنتجين بالحصول على أسعار ثابتة على أقل تقدير، لذلك يعني استمرار الارتفاع، انخفاض الاتجاه نحو التخزين، فيما أثبتت الارتفاعات الأخيرة للأسعار بأنها بعيدة عن عوامل العرض والطلب الحقيقي للاقتصادات إذ لم يُستخدم النفط المخزن في تهدئة الأسعار. البعد عن المخاطر ووفقا للخبير النفطي كامل الحرمي فإن الاقبال لا يزال يتزايد على تخزين النفط خاصة من قبل الدول الصناعية التي لا تمتلك مخزونا استراتيجيا. ويشدد على ضرورة قيام الفجيرة ببناء مزيد من الصهاريج وتعزيز دورها في مجال التخزين، خاصة أنها تقع خارج مضيق هرمز وبعيدة نسبيا عن المخاطر السياسية في الشرق الأوسط. وفي تصريحات سابقة، توقع رئيس الموانئ في سلطة ميناء الفجيرة تامر مسعود نمو طاقة تخزين النفط في الميناء إلى أكثر من مثليها بحلول عام 2012. ورجح مسعود أن تبلغ الطاقة الاستيعابية لميناء الفجيرة نحو سبعة ملايين متر مكعب من الخام بحلول 2012 من ثلاثة ملايين حاليا. وأضاف أن الميناء الذي يحوي حاليا 137 صهريجا بطاقة ثلاثة ملايين (متر مكعب) سيصبح مركزا رئيسيا للطاقة ويضم 276 صهريجا بطاقة سبعة ملايين. وتعتبر الفجيرة من أهم الموانئ العالمية في تزويد السفن بالنفط ومشتقاته. وقال وزير البيئة والمياه السابق محمد سعيد الكندي "نخطط حالياً لأن تكون الفجيرة الأولى عالميا في إمداد السفن بالوقود".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل