المحتوى الرئيسى

محمود صالح: بيانات مبارك .. ورسائل الظواهري

03/22 10:33

صباح يوم الاستفتاء على التعديلات الدستورية كانت مصر في بداية الطريق . تضع نقطة على أول سطر في جملة ” الحرية و الديمقراطية ” التي تنتهي بعد أن يقولها الشعب كله بمصر جديدة قويه قادرة على التخلص من الفساد و بقايا الاستبداد. ساندتنا السماء فكما قال الله كلمته في ” ميدان التحرير” و تنزلت سحائب الحب و الرحمة و الجسارة و أذهل المصريون العالم بشجاعتهم و تنظيمهم فكذلك في يوم الاستفتاء بدت الشمس مشرقة و انقشعت موجات الصقيع و امتدت يد الله لنشاهد المصري يبعث من جديد. الآلاف يقفون أمام لجان الاستفتاء و لا تقل لي المواطن الأمريكي و لا الفرنسي في الحماس و احترام النظام الموضوع لتجرى عملية الاستفتاء بتحضر و رقى و كانت المشكلة في قله عدد اللجان مقارنه بعدد المواطنين حتى أنني لم أتمكن حتى الآن من الإدلاء بصوتي – اكتب هذا المقال في الرابعة عصرا- . و عندما جلست للكتابة على أحد المقاهي لم أكن طالعت صحف اليوم بعد و عندما وصلت إلى ” المصري اليوم ” كان في حقيبتي عدد الأمس ” 18 مارس” و لم أكن قرأته بدقه كما أفعل دائما ووجدت ” مبارك” نكد الله عليه يطالعني من خلال خبر أرسله ” مكتب الرئيس السابق” إلى هذه الصحيفة دونا عن سواها و في متن الخبر تحذير من أسرة مبارك إلى وسائل الإعلام بعدم نشر أخبار تسئ إلى الرئيس السابق و أسرته .حمل البيان لغة تهديد صارخ لوسائل الإعلام و استعلاء و غطرسة لا تليق أبدا بديكتاتور قضى عليه فساده بأن يقضى أخر أيامه مختبئا في قصر محاصرا لا يجرؤ على الظهور باي صورة في بلد حكمها 30 عاما و أعتقد أنها ملك له و للسيدة قرينته و لأبنائه . لنترك جانبا السؤال حول إصرار ” المصري اليوم ” على نشر مثل هذه الرسائل التي تبدو مثل رسائل الظواهري من كهوف أفغانستان “إرهابية و غبية و خارج العصر” لأن الجريدة مشهورة بالكثير من الغموض و المواقف المريبة و لا يمكن طبعا لأصحاب الجريدة الاحتجاج بأن مبارك له الحق في إبداء رأيه والدفاع عن نفسه طالما لم يقل القضاء كلمته و يحدد مصيره. و لنتساءل عن الطريقة التي صاغ بها ” مكتب الرئيس السابق ” هذه الرسالة..ما هذه الغيبوبة يا سيادة الرئيس السابق ؟ لقد شاهدناك و عرفناك و هاجمناك في عز استبدادك و كان من ضمن أسبابي الشخصية للهجوم على مبارك ليس فقط لفساد عصره بكل معاني الفساد و إنما أيضا للطريقة البليدة التي أدار بها مبارك هذا الفساد. تميز مبارك طوال حكمه البائس بمدرسة جديدة في الأداء السياسي قائمة على ” البرود الكامل ” و يمكنك أن تراجع خطبه المنحوتة من ثلج و عبارته الميتة في أخطر القضايا لتدرك أن مبارك ابتدع مدرسة ” التناحة السياسية ” و هي مدرسة تفرد بها و اعتمدت على إن يقول دائما خليطا متنافرا من الكلمات و المعلومات التي تعتمد بالكامل على ” الكذب ” و ” التعامل مع المصريين باعتبارهم بلا عقول ” و ” الاستهانة الشديدة بقيم الكرامة و الحرية و المواجهة ” و أيضا ” تمرير خطاب إسرائيل السياسي ” تحت وهم عاشه طويلا و هو أنه ” راعى السلام في الشرق الأوسط” و في كل خطبه و حواراته كانت المشكلة أن مبارك يبدو فعلا و كأنه يعانى ” غيبوبة مزمنة” و بمرور الوقت و مع ظهور جمال و علاء على الساحة انتقلت هذه الغيبوبة من الأب الديكتاتور إلى الأبناء الطامحين إلى أكبر استفادة من ” جمهورية مبارك للفساد العظمى” و قد تعامل كلاهما فعلا مع مصر باعتبارها ملكيه شخصية لهما بأرضها سماءها و ثرواتها و أثارها و ناسها و هو ما شكل – بعد الثورة – وقائع أضخم عمليات فساد و نهب قام بها ديكتاتور و أبناءه في أي بلد . في الرسالة التي نشرتها المصري اليوم كنت أتوقع أن يكون مبارك قد شفى من هذه ” الغيبوبة ” التي لازمته طيلة الثلاثين عاما لكنه على العكس بدا مثل أخر خطاب له قبل تنحيه لا يعرف بدقه ما يدور حوله و يتكفل عبيد القصر بطمأنته بأن المصريين ينتظرون كلمه منه و كما كانت خطبه في أخر أيامه في الحكم متميزة جدا في تخلفها عن الحدث كذلك جاءت رسالته في توقيت بالغ السوء فأخر شئ يمكن أن يلتفت له المصريون و هم يتأهبون ليوم الاستفتاء أن يقرأوا ما يريد أن يقوله الطاغية المخلوع ثم إن الرسالة صيغت بطريقة ” نازية ” جدا و ” كوميدية ” في نفس الوقت خاصة و من صاغها بدا و كأنه يتحدث عن رجل أخر تماما لا تلاحقه اتهامات الفساد المالي و لا كشفت مئات المعلومات عن ثرواته في الداخل و الخارج فضلا عن عمليات النهب المنظم التي قام بها رموز نظامه و معظمهم الآن في السجون بعد عرضهم على النيابة التي فوجئت بأطنان من المستندات والوثائق عن فساد كان يملأ كل مكان في مصر . و إذا صح ما نقله البعض أن مبارك ” مصدوم ” أكثر في الصحف ” القومية ” التي زايدت على الجميع في الهجوم على فساد عصره ففي هذه الحالة لا ينبغي على مبارك أن يلوم أحدا إلا نفسه الست أنت يا مبارك من جئت بعبد المنعم سعيد و أسامه سرايا و بقية فريق رؤساء التحرير المستعدين لرفعك إلى مصاف الآلهة .. هؤلاء كانوا يعرفون كما كنت تعرف أنك كنت رائدا و قائدا في تخريب مصر و ليس غريبا أن من بحث عن مكانه و رزقه و مكانته بهذه الطريقة إن ينقلب عليك في لحظه بعد أن شاهد زوال دولتك. ثم ما هي القوه التي تهددنا بها أيها الطاغية المخلوع ؟ كيف تطلب من الإعلام المصري ألا يكشف فساد عصرك بأكمله ؟ إلا تدرك يا طاغية أن الصحفيون أصلا يعانون و هم يفعلون ذلك ففساد عصرك ممتد و متوغل و متجذر و لا يمكن لروبرت فيسك و لا هيكل معا أن يحيطوا به .. لقد مضى على تنحيك شهر و أسبوع لماذا لا تتركنا يا رجل نعمل و لماذا لا تدرك أن العمل الصحفي في عصرك كان جحيما بعد أن سلمته لصفوت الشريف الهارب و مهندس الإفساد الإعلامي و السياسي .. إلا تدرك يا مخلوع أن الثورة لن تتم إلا بمحاكمتك أنت و كل رموز عصرك ؟.. هل يقول لك جمال مثلا أن لديه ميلشيات ممكن أن ” تؤدب ” من يواصل كشف ملفات فسادك.. هل علاء مثلا يقول لك بأن الهجوم أفضل وسيله للدفاع و إن ” إرهاب ” الإعلاميين من الممكن أن يجعلك لا تصحو من نومك على عناوين الفساد الكبرى في عهدك و تحت رعايتك ….إذا كنت لا تدرك أن بياناتك على طريقة ” كهوف أفغانستان” لن تخيف أحدا فدعني أقل إن الطريق لا يزال في أوله و أن الثورة ستكتمل حين تتخلص أرض مصر من قوم لا يتطهرون! مواضيع ذات صلة

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل