المحتوى الرئيسى

الفلسطينيون والمفاوضات بقلم:علي أبو سرور

03/22 00:46

الفلسطينيون والمفاوضات نسمع ونقرأ ونرى يوميا في وسائل الإعلام المختلفة العربية والأجنبية عن الدعوات المستمرة للفلسطينيين للاستمرار في المفاوضات مع الجانب الاسرئيلي بشكل مباشر أو غير مباشر, وكأن المحادثات بين الطرفين التي بدأت في بداية التسعينيات من القرن الماضي وحتى تاريخه لم يسمع بها احد , أو كما لو أن هذه المفاوضات كانت تحصل على كوكب أخر غير كوكبنا , بل والأغرب من ذلك كله قيام البعض بتحميل فشل هذه المفاوضات للفلسطينيين وخاصة أمريكا التي تعتبر نفسها الراعي الأول والاهم للمفاوضات , وكأن الفلسطينيين هم من يحتل إسرائيل ويمتلكون الأسلحة النووية والجرثومية . إن المهتمين في السياسة والمتابعين للملف الفلسطيني يعلمون كل العلم بأن إسرائيل الدولة المغتصبة للأرض الفلسطينية ليست جادة في عملية السلام , وإنما تقوم بتوظيف المفاوضات للاستفادة من عامل الزمن الذي يخدمها في استكمال عملية نهب وتهويد ما تبقى من الأرض وفرض الأمر الواقع على الفلسطينيين , حتى يصبح السلام امرأ مستحيلا لا يستطيع أي فلسطيني القبول به . إن السلام لمن يؤمن به ويملك الإرادة الحقيقية لتحقيقه ليس بحاجة للبحث عن حلول ,ذلك لان ما يسمى بالمجتمع الدولي ممثلا في مؤسساته الدولية ابتداء من الأمم المتحدة وحتى الجمعية العمومية أصدرت من القرارات الخاصة بهذه القضية ما يملأ مجلدات رغم عدم عدالة وإجحاف هذه القرارات بالفلسطينيين, وبالرغم من ذلك فجميعها يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية. وعليه فان طريق السلام واضحة المعالم والمسالك والمطلوب من إسرائيل فقط تنفيذ هذه القرارات. ولان إسرائيل لا تؤمن بالسلام فهي تستغل المفاوضات لتمكينها من كسب مزيد من الوقت, الأمر الذي يتيح لها الاستيلاء وتهويد ما تبقى من الأرض الفلسطينية . إن المجتمع الدولي " وخاصة أمريكا " يدرك ذلك تماما ولكنه يقف موقف المتفرج حيال ذلك, في حين لا نسمع من أوروبا وخاصة بريطانيا وفرنسا التي أوجدت هذا الكيان الغاصب إلا أصواتا خجولة وخافتة لا تزيد عن التأنيب والشجب والاستنكار. وأما دولنا العربية الشقيقة فهي تكرر الاسطوانة الأمريكية, ناهيك عن قيام العرب بالضغط المتواصل على الفلسطينيين ( الطرف الأضعف ) للاستمرار في المفاوضات مستخدمين لغة التخويف والوعيد من انهيار عملية السلام وضياعها , مع علمهم الكامل بان هذه المفاوضات هي مضيعة للوقت بل وتوظفها إسرائيل في إقناع الرأي العالمي بأن الجانبين يسيرون في عملية سلام وإنها لم تمت بعد. إننا في العالم العربي نعرف السبب الذي أدى إلى قيام الدول الاستعمارية بإيجاد دولة إسرائيل وجعلها حقيقة واقعة و بسرعة فائقة في قلب العالم العربي , ونعلم أيضا لماذا تجاهلت هذه الدول تنفيذ الشق الثاني من قرار الجمعية العمومية القاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين ,الأولى اسرئيلية والأخرى فلسطينية. ولكننا نتساءل لماذا لا تجبر هذه الدول إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة منذ العام 1967, رغم أن هذا الانسحاب لا يشكل الحد الأدنى من متطلبات الشعب الفلسطيني؟ إن شعبنا ما زال القسم الأكبر منه مهجرا ومشردا في أصقاع الأرض يعاني كل إشكال التمييز والتنكيل والاهانة والظلم , بينما تقوم إسرائيل بسلب وتهويد ما تبقى من أرضه, مطبقين على هذا الوطن سياسة الإحلال, وعلى عكس ذلك تماما تنعم إسرائيل وشعبها بالرخاء وبدعم سياسي واقتصادي وعسكري أمريكي وغربي ليس له نظير في التاريخ. إن أمريكا والغرب ما زالوا يقومون بتسليح وبناء هذا الكيان وإمداده بحبل سري يغذيه بكل ما يحتاج من سلاح وعتاد وتكنولوجيا ومساعدات اقتصادية لا حصر لها منذ إعلان ولادته وحتى يومنا هذا. إن المطلوب من هذه الدول التكفير عن ذنوبها وظلمها للفلسطينيين والعرب, ولتحقيق ذلك فهي مطالبة اليوم أكثر من أي يوم مضى بوقف الحبل السري الذي يغذي هذا الكيان حتى ينصاع لقرارات الأمم المتحدة ويقوم بإعادة الحقوق إلى أصحابها. إن إسرائيل ليست بحاجة إلى حرب نووية أو جيوش جرارة لكي تجبرها على الإذعان لقرارات الأمم المتحدة , وإنما هي بحاجة فقط إلى قرار واحد يتمثل في وقف هذا الحبل السري وفرض حصار عليها مثلما عملت مع العراق وكوبا وكوريا الشمالية وإيران ودول أخرى. إن تجاربنا علمتنا بان إسرائيل لا تتحمل حروب استنزاف أو حروبا طويلة وإنما هي أسد من كرتون تريد من الغرب خوض حروبها. من تابع حربها الأخيرة في لبنان يصل إلى حقيقة هذا الأمر , فقد هرب معظم الإسرائيليين إلى أوروبا وأمريكا ودول العالم الأخرى وخاصة أصحاب رؤؤس الأموال , وهجر قسم كبير من الشعب الإسرائيلي المدن الساحلية والقريبة من الحدود اللبنانية إلى داخل مستوطنات الضفة الغربية, في حين فقد الجيش الإسرائيلي توازنه وأصاب الجبهة الداخلية حالة من الفوضى والهلع, علما بأن المقاومة اللبنانية خاضت مع الإسرائيليين حربا غير متكافئة من حيث عدد الجيش ونوعية الأسلحة وخاصة في مجال الجو . كيف لو امتلك حزب الله أسلحة شبيهة بأسلحة إسرائيل أو مضادات لسلاح الجو تشله عن القيام بعمله فوق الأرض اللبنانية ؟ ترى هل سيبقى إسرائيلي واحد في فلسطين المحتلة ؟ كيف لو تمكن حزب الله من تدمير البنية التحتية للكيان الصهيوني ؟ ومن يراجع وقائع حرب العام 1973 بين مصر وسوريا من جهة وإسرائيل من جهة أخرى لوصل إلى نفس النتيجة , وهي أن إسرائيل دولة من كرتون, فلولا تدخل أمريكا المباشر في هذه الحرب وإمدادها بجسر جوي لأصبح هذا الكيان نسيا منسيا . نحن نؤمن بأن إسرائيل لم تخض يوما حربا متكافئة حتى اللحظة, وإنما حروبها كانت عبارة عن حروب خاطفه تعتمد فيها على تفوقها في سلاح الجو الذي يتفوق على أسلحة الجو العربية مجتمعة والتي تزوده بها أمريكا وتحرص على بقائه كذلك. إن الشعب الإسرائيلي يعيش أزمة قيادة لأن معظم هؤلاء القادة جاؤوا من بيئة عسكرية بحته إلا في بعض الحالات القليلة, الأمر الذي جعل العسكر هم من يحكمون ويرسمون سياسة إسرائيل منذ نشأتها وحتى اللحظة. لقد استطاع هؤلاء القادة إقناع شعبهم بأنهم يعيشون في محيط عربي معاد وهم مهددون بالإبادة , لذلك يجب على الشعب الإسرائيلي أن يكون دائما في حالة حرب واستنفار كامل ولا مجال للسلام مع هذا المحيط الذي يريد أن يقتلعه مما يدعى بأرض الميعاد . ولكننا نريد أن نطرح على الشعب الإسرائيلي بعض الأسئلة ومنها:إلى متى سيبقى هذا الشعب مستنفر وفي حالة حرب ؟ وهل سيبقي العالم العربي يحكمه موظفون أمريكيون يدافعون عن هذا الكيان ؟ ماذا لو أنتجت الثورات العربية الحالية قيادات وطنية تستجيب إلى تطلعات شعوبها التي تنادي جميعها بتحرير فلسطين من البحر إلى النهر وبالحرية والاستقلال وعدم التبعية للأجنبي وخاصة أمريكا ؟ إن على الشعب الإسرائيلي أن يراجع نفسه قبل فوات الأوان بأن يبحث عن قيادة تهتم به وبمستقبل أبنائه, تكون قادرة على تخليصهم من هذا الوهم الذي يعيشونه, وهذا لا يتم إلا بتحقيق السلام مع الفلسطينيين واستغلال الفرصة الموجودة ألان. إن السلام على طريقة حكام إسرائيل لن يكون ولا بأي شكل من الإشكال , فمن يقول بأنه لن ينسحب من غور الأردن ,ولا من القدس , ولا من المستوطنات , ولن يوافق على ممر امن يربط شقي الوطن ( الضفة الغربية وقطاع غزة ) , ويطالب بان تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح ومملوءة بالنقاط الأمنية الإسرائيلية, ولا يؤمن بقضية عودة اللاجئين وتعويضهم لا يسعى إلى السلام , وإنما هدفه هو التعجيز والمماطلة واللعب في الوقت, لأنه يعلم تماما انه لا يوجد فلسطيني ولا عربي عاقل يملك الموافقة على مثل هذه الشروط .وما يقوم به حكام إسرائيل هو فقط لخدمة مصالحهم الشخصية المتمثلة في البقاء على كرسي الحكم إلى أطول مدة ممكنه على حساب دماء شعبهم. وأما أمريكا والدول الاستعمارية الأخرى فهي توظف حكام إسرائيل لخدمة مصالحها في المنطقة, ومسألة الدفاع عن إسرائيل وأمنها مرتبط بمدى قدرة إسرائيل على القيام بخدمة هذه الدول. إن هزيمة إسرائيل تعنى انتهاؤها وزوالها للأبد, ذلك لان الدول الاستعمارية تبحث دائما عن من يخدمها ليس إلا. أما آن الأوان للشعب الإسرائيلي أن يبحث عن قادة قادرين على إنقاذه من حالة الخوف والاستنفار والحرب والقتل والدمار , وينقله إلى عالم أكثر أمنا واستقرارا؟ وهل يأتي يوم على هذا الشعب ان يصبح فيه أكثر واقعية , فيجبر حكامه على إنهاء المفاوضات على أساس إعطاء الشعب الفلسطيني حقه بإنهاء الاحتلال والمعاناة ليعيش حرا كريما في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف بأسرع وقت ممكن , وقبل فوات الأوان ؟ فهل يا ترى ينقلب الشعب الإسرائيلي على حكامه كما يحدث ألان في عالمنا العربي ؟ بقلم علي أبو سرور 18/3/2011

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل