المحتوى الرئيسى

شرعية مصر الجديدة

03/21 22:01

في شهر يناير من هذا العام تجاوز الزمن حسني مبارك،‮ ‬بعد عقود من حكمه،‮ ‬تم فيها إغلاق الطريق أمام المعارضة للنزول إلي الشارع،‮ ‬وتضييق الخناق علي أنشطة الأحزاب السياسية،‮ ‬وحل الجمعيات والنقابات،‮ ‬والسيطرة علي الاتحادات العمالية بواسطة‮  ‬أذناب النظام،‮ ‬وإحكام أجهزة الأمن قبضتها علي دواوين الحكومة والجامعات،‮ ‬وفرض الأمن السياسي جناحيه علي كل مكان بالبلاد،‮ ‬من خلال الأجهزة البوليسية‮ .‬وكنتيجة لذلك،‮ ‬بات نظام مبارك عاجزا عن مواجهة التحديات،‮ ‬التي تواجه المجتمع المصري،‮ ‬مما جعل ظهور قوي شعبية تطيح به مسألة حتمية‮.‬ومع ذلك،‮ ‬فلكل نظام شرعية‮ . ‬وإسقاط النظام يعني إسقاط الشرعية،‮ ‬التي يقوم أصلا‮  ‬علي أساسها‮. ‬ومن هنا كانت هناك الحاجة لشرعية جديدة،‮ ‬تلبي مطالب النظام الوليد،‮ ‬الذي سيحل محل نظام مبارك،‮ ‬شرعية جديدة تنظم علاقات النظام الجديد السياسية والاجتماعية،‮ ‬وهذا هو السبب الذي جعل صياغة دستور جديد في أعقاب زوال نظام مبارك المُعَمِر ضرورة ملحة‮.  ‬لقد كانت القوي الثورية التي أطاحت بمبارك حركة شعبية‮. ‬لم تكن لها قيادة منظمة أومؤسسية،‮ ‬لتتولي السلطة،‮ ‬وتحل محل نظام الرئيس السابق‮. ‬ولذلك تولي الجيش الأمر‮. ‬وبكلمات أخري،‮ ‬تم نقل السلطة السياسية إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة علي أساس الشرعية الثورية،‮ ‬وليس علي أساس الشرعية الدستورية‮ .‬ولهذا،‮ ‬أعلن الجيش انحيازه إلي الشعب المصري ومساندته له،‮ ‬وقبوله التفويض القانوني له بحكم البلاد أثناء فترة انتقالية،‮ ‬وتصميمه علي حماية مكاسب الشعب،‮ ‬وتحقيق تطلعاته وطموحاته‮ . ‬وأصدر المجلس العسكري بيانا أكد فيه أن اضطلاعه بالسلطة سيكون لفترة محددة بستة أشهر،‮ ‬وأنه سيتم تعليق العمل بالدستور،‮ (‬وليس إلغاءه‮) ‬ثم سيتم تعديله‮ .‬وفي تلك الأثناء،‮ ‬تم حل مصادر السلطة الشرعية‮ .. ‬مجلسي الشعب والشوري‮ .‬وهنا استلزم الأمر إعادة بناء المؤسسات السياسية الدستورية،‮ ‬وفق آليات ديمقراطية‮. ‬وهذه كانت مهمة اللجنة المكلفة بتعديل دستور‮ ‬1971‮ ‬التي أترأسها‮.‬وقد أُجري يوم السبت استفتاء علي التعديلات الدستورية،‮ ‬التي أجرتها اللجنة علي دستور‮ ‬1971‮ ‬حيث تم طرحها أمام الشعب المصري ليقول كلمته فيها،‮ ‬للعمل بها حتي صياغة دستور جديد يعكس الموقف السياسي الجديد‮.‬ولو كانت أغلبية‮  ‬الشعب المصري قد صوتت ب‮ " ‬لا‮ "‬،‮ ‬لكان المجلس العسكري حال ذلك قد بات حرا في اتخاذ القرار الذي يراه مناسبا،‮ ‬واختيار الطريق الذي يسلكه في ضوء ذلك‮ . ‬ولكن أغلبية المصريين قالت‮ " ‬نعم‮ " ‬للتعديلات،‮ ‬وهذا يجعل المجلس العسكري مُلزَما الآن بموجب الإرادة الشعبية باتباع خريطة الطريق،‮ ‬التي اقترحتها التعديلات فيما يتعلق بالفترة الانتقالية،‮ ‬حيث يتعين‮  ‬إجراء الانتخابات البرلمانية خلال شهرين أو ثلاثة أشهر،‮ ‬وبمجرد إجرائها،‮ ‬يتعين علي أعضائها المُنتخَبين اختيار مجلس دستوري يتكون من‮ ‬100‮ ‬عضو لصياغة دستور جديد،‮ ‬ثم تُجرَي بعد ذلك انتخابات الرئاسة،‮ ‬ويلتزم الرئيس المُنتخَب بصياغة دستور يطرح علي الشعب خلال عام للاستفتاء عليه‮. ‬لقد أنتجت الحركة الشعبية التي شهدتها مصر مؤخرا عددا من النتائج المهمة أولها‮ : ‬الإطاحة بمبارك،‮ ‬وأسرته،‮ ‬وكان سقوطه يعني أن نظامه قد سقط،‮ ‬وأن الدولة لا بد أن تخضع لتغيير‮ .‬الأكثر من ذلك،‮ ‬أن معظم الشخصيات القيادية في النظام السابق‮  ‬قد أُطِيحَ‮ ‬بها،‮ ‬بما في ذلك رجال الأعمال الذين ارتبطوا بالنظام،‮ ‬وأعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطني،‮ ‬وباقي مؤيدي جمال مبارك‮. ‬وقد كان هؤلاء هم أنفسهم الذين يحكمون قبضتهم علي النظام السياسي في مصر برمته،‮ ‬علي مدي السنوات العشر الماضية،‮ ‬دون أي معارضة ملحوظة‮.‬النتيجة الثانية لسقوط مبارك،‮ ‬هي انهيار النفوذ السياسي للشرطة‮. ‬ذلك النفوذ الذي جعل‮  ‬الشرطة وعلي مدي عشرين عاما‮  ‬تنحرف عن مسارها،‮ ‬وتتخلي عن مهمتها الأساسية وهي توفير الأمن للمواطنين‮.   ‬ويعرف المصريون جيدا كيف اخترقت أجهزة الأمن التابعة للشرطة كل مكان بمصر وهيمنت عليه وأخضعته لها‮.‬أما النتيجة الثالثة لسقوط مبارك،‮ ‬فهي ظهور جيل جديد من الشباب في مصر يندفع كالأمواج الهادرة ليتبوأ مكانه في قلب الحياة السياسية في البلاد‮. ‬وبينما تجري عملية إعادة بناء المؤسسات الدستورية الآن علي أسس ديمقراطية جديدة،‮ ‬فإن تأثير‮ ‬هذا الجيل من الشباب سيكون واضحا في الشهور والسنوات المقبلة‮.‬عن صحيفة ال‮ " ‬جارديان‮ " ‬البريطانية‮ ‬ترجمة‮ : ‬مجدي كامل

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل