المحتوى الرئيسى

> المخاطر الحقيقية علي الثورة المصرية

03/21 21:19

أكتب هذا المقال صباح الخميس 17 مارس، قبيل الاستفتاء المزمع اجراؤه في أيام، ورغم أنني من أنصار التصويت بلا علي التعديلات الدستورية إلا أنني أعتقد أن الشعب المصري هو الفائز الحقيقي، سواء كانت النتيجة الرفض أو القبول للتعديلات، لأن الفرق بين نعم أو لا هو طول أو قصر المدة الزمنية التي سوف نعد فيها دستورا جديدا، فإذا كانت النتيجة الرفض سوف نشرع في إعداد دستور جديد، وإذا كانت القبول فسوف تطول المدة عدة أشهر لحين إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وكما هو واضح ففي الحالتين سوف يستحق الشعب المصري دستورا جديدا. ما يقلق هو خروج بعض التيارات الدينية عن السياق والنص الديمقراطي الذي سبق التصويت علي التعديلات حيث أصدر البعض فتاوي خلط الدين بالسياسة مثلما أفتي فضيلة الشيخ أحمد المحلاوي، رغم أن الدكتور عصام العريان المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين انتقد ذلك الخلط: إلا أنني حصلت علي منشور من الجماعة يطالب الجماهير بالتصويت بنعم وإلا سوف نحكم بالأحكام العرفية، الأمرالذي نفاه المجلس العسكري كذلك لست قلقا من إجراء الانتخابات البرلمانية للسبب الذي يذكره بعض الثوار، خشية من استفادة فلول الحزب الوطني وجماعة الاخوان المسلمين : كونهما الأكثر تنظيما في هذه المرحلة، وذلك لان فلول الحزب الوطني سوف يهرولون إلي أقرب حزب يعتقدون أنه الأقوي، أما جماعة الاخوان المسلمين فلا أعتقد أن قوتهم في الشارع السياسي سوف تزيد عما حصلوا عليه من مقاعد في انتخابات 2005، حينما عقدوا صفقة مع أمن الدولة السابق والحزب الوطني. الخطر الحقيقي يكمن في القوي القبلية والعشائرية، ويعطي تلك القوي قبلة الحياة النظام الانتخابي الفاسد الذي يعتمد علي الانتخابات الفردية، ولست أدري لماذا لم توص لجنة التعديلات الدستورية التي يرأسها المستشار البشري بإعداد قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية يلغي فيه النظام الفردي ونستبدله بالقائمة النسبية غير المشروطة أو حتي المشروطة؟ خاصة وأن قانون الاحزاب الجديد سوف يجعل تشكيل الأحزاب الجديد بالاخطار.، حينذاك سوف تتمكن كل القوي التي حجبت عنها الشرعية في العهد البائد من تأسيس أحزابها، إذا ما السر في الإبقاء علي النظام الانتخابي الفردي الفاسد؟ نضيف أيضا للمخاطر دور سلاح المال في المعارك الانتخابية دون رقابة قانونية فاعلة، كما تجدر الاشارة الي أن سن الترشح للانتخابات حاليا لا يسمح لمعظم الثوار الشباب بالترشح، هذه الحزمة هي المخاطر الحقيقة وليست جماعة الاخوان وفلول الحزب الوطني. يبقي خطر حقيقي ومسكوت عنه وهو عدم بروز إعلام ثوري حقيقي، لان ثورة 25 يناير أحدثت قطيعة معرفية في الاعلام المصري لم يفطن إليها كثيرون حتي الآن حيث نشهد الآن حالة من التشوه والارتباك الذي يزلزل كيانات إعلامية كبري في مصر، ويتجلي ذلك التشوه في اختلاط المعايير ما بين الإدارات وصالات التحرير، وتلخيص الأزمة في الشخصنة، وفي القيادات بشكل خاص: وليس في تردي وتخلف الرؤي والهيكليات و البني الاساسية والفكرية لوسائل الاعلام المختلفة، خاصة القومية، وغياب الرؤي الاقتصادية والتمويلية ودراسات السوق الإعلامية، وتخلف الأداء المهني لأغلب الصحف الحزبية، وهيمنة رأس المال علي التحرير في معظم الصحف الخاصة، إضافة لاستخدام سلاح الثورة لتصفية الحسابات ما بين الجماعة الصحافية و بعضها البعض، كذلك إنتهاء المشروعية القانونية للمجلس الأعلي للصحافة أو الاتحاد العام للاذاعة و التليفزيون، إضافة لعدم مواكبة القانون 96 لسنة 96 الخاص بإصدار الصحف والمؤسسات الصحافية للحرية التي أحدثتها الثورة، ناهيك عن أنه حتي قانون النقابة الحالي يحتاج إلي تغيير لانه من غير المنطقي أن تحرر الثورة النقابات العمالية ولا تحرر النقابات المهنية. لن يخرج الإعلام المصري من الأزمات الخانقة التي يمر بها بمجرد تغيير الأشخاص دون العلاج الجذري لتلك الأزمات، كما لن يشفع للإعلام المصري تغيير السياسات التحريرية من الهتاف لحكم مبارك إلي الهتاف للثورة عبر مقالات وبرامج وموضوعات عاطفية وحماسية، والتفسير الدائم لكل معضلة أو أزمة تواجه الثورة بوجود الثورة المضادة وفلول الحزب الوطني مع إقراري بوجودهما واستفادتهما من الأزمات الحقيقة وأخشي أن نحول الثورة المضادة إلي (جواد طروادة) الذي نخفي داخله أزماتنا الحقيقة. الحقيقة التي لابد أن ندركها أن القطيعة المعرفية التي أحدثتها الثورة قد كشفت الغطاء عن إنتهاء العمر الافتراضي للرؤي القديمة الشمولية لوسائل الإعلام والصحف المصرية، كما أن الرؤي الجديدة لم تظهر بعد، باختصار وسائل الإعلام والصحف المملوكة للدولة تعيش الآن وفق نظرية القصور الذاتي، لذلك فإن تعامل الدكتور يحيي الجمل مع أزمة الإعلام المصري علي طريقة التعديلات الدستورية مجرد ترقيع الثوب القديم، نحن بحاجة لمؤتمر علمي مهني يبحث مستقبل ومرجعيات الإعلام المصري وينتهي بوضع حلول جذرية، وحتي يحدث ذلك أشفق علي زملائي الأفاضل الذين سوف يلقي علي كاهلهم هذه المهمة الانتحارية وهي محاولة أقرب إلي تسليم مريض يحتضر الي طبيب ماهر حتي نحمله مسئولية موته ثم دفنه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل