المحتوى الرئيسى

إبراهيم ربيع يكتب: قالوا "نعم".. لأن مصر تمشى على الحبل!

03/21 17:21

تبدو لى مصر مثل رجل مضطرب ومتوتر مضطر يمشى على الحبل فى عرض داخل سيرك، ووارد أن يصل إلى نقطة النهاية أو يسقط وتفشل محاولته.. وربما جموع الشعب المصرى التى تخلت عن صمتها واكتوت بنار الخوف والرعب خلال الانفلات الأمنى أرادت مكسبا سريعا لا مكسبا كبيرا وهذا فى حد ذاته "منطق" يجب احترامه. هذه الأغلبية التى كانت صامتة دفعها القلق الشديد على المستقبل أن تنطق وتخرج لتقول نعم للتعديلات الدستورية.. فهى بتفكيرها "البسيط" المختلف قطعا عن تفكير النخبة تريد أن تغلب الفطرة على العقل، ولأن تجاربها عميقة جدا مع انعدام الثقة على مدى تاريخ العلاقة بين الشعب وأنظمة حكمه، فهى رأت أن انتظار المكسب الكبير خطر لأن احتمالات تغير الأجواء فى ظل صراع إرادة بين الثورة ومناهضيها وارد جدا.. وكلما طال الوقت وجنحت الأمور نحو الاستقرار النسبى ربما يؤدى ذلك إلى تفكير الجيش فى البقاء حاكما للدولة.. وإذا جنحت إلى عدم الاستقرار فإن المناهضين للثورة، ربما يعودون بأشكال وصور مختلفة وخادعة ليستعيدوا الأرض المفقودة.. ومن هنا يكون المكسب السريع أكثر أولوية من المكسب الكبير الذى قد ينقلب إلى خسارة فادحة. ولأن الثوريين غيروا بأيديهم ودمائهم وبإرادة حديدية هدمت نظاما قويا وعاتيا فإن الثقة لديهم فى الاحتفاظ بهذه الإرادة كانت قوية لدرجة الجرأة فى الانتظار فترة أطول لضمان تغيير شامل ودستور جديد متكامل.. وهم على حق أيضا بمنطقهم المحترم.. وكان بمقدورهم النجاح لو أن شعلة الثورة ظلت متأججة والناس محتشدون على الأرض والشوارع لا تعانى من غياب الأمن والأمان والمستقبل القريب واضح بالنسبة للحالة المعيشية، وخبراء السياسة والاقتصاد لا يحذرون كل ساعة من انهيار الاقتصاد وإفلاس الدولة. إذن مخاوف الشعب كانت حاسمة فى التصويت بنعم أو لا، وليس لأن الشعب فهم الفارق بين التعديل والدستور الجديد، فهناك أعداد هائلة ذهبت ليس للاختيار بين نعم أو لا بل لدرء هذه المخاوف فقط بمنطق عصفور فى اليد ولا مائة على الشجرة.. وفى نفس الوقت لا يجب إغفال مؤثرات أخرى ثانوية أثرت مباشرة على نتيجة الاستفتاء وكان أبرزها على الإطلاق إقحام الدين فى عملية سياسة بشكل علنى ورسمى لأول مرة منذ أن تحرر الإخوان من الحظر.. وكانت شائعة الرغبة فى تعديل المادة الثانية من الدستور حاسمة بما لها من حساسية طائفية فتحول الاستفتاء على التعديل أو الدستور الجديد إلى استفتاء على هذه المادة فذهب كثيرون للتصويت بالإبقاء عليها.. وفى كل الأحوال فقد كسبت الثورة جولة مهمة وكسبت الديموقراطية أول أرض لها فى مصر.. ويمكن الاستفادة من تجربة الاستفتاء فى تجنب مخاطر التأثير السلبى على جموع الناخبين فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل