ربما يمكن..ثوابت الدولة.. وصلاحيات الحكومة
مبادرتان طيبتان أقدم عليهما وزيرا الثقافة والصحة، فقد وافق الدكتور عماد أبو غازي علي اقتراح الفنان التشكيلي الكبير عادل السيوي، بأن يكون المجلس الأعلي للثقافة هيئة مستقلة، لا يرأسها وزير الثقافة.بينما شكل الدكتور أشرف حاتم من عشرة من وزراء الصحة السابقين وكبار الأطباء اللجنة الاستشارية العليا، التي ستجتمع كل شهر لوضع السياسات الصحية بجميع جوانبها.. خطوتان جيدتان في الاتجاه الصحيح، وهو إيجاد مجالس عليا، من أكبر العلماء والخبراء، تخطط وتضع السياسات الدائمة للدولة.. وإجراء حوار مجتمعي حقيقي حولها.. وتعرض علي البرلمان المنتخب، خططاً وقوانين تطبيقية.. لتقوم السلطة التنفيذية، والحكومات والوزارات والهيئات بتنفيذها.. ولا تخرج عنها، أو تنفذ عكسها.. إلا بشروط تحدد بدقة.. هي ذاتها شروط تغيير أو تعديل الدستور.لقد كتبت منذ سنتين تحت عنوان »ثوابت الدولة.. ومتغيرات الحكومات«، مطالباً بسياسات ثابتة وواضحة تنظم حياتنا.. بعدما لاحظنا جميعاً، نحن الصحفيين، والكتاب والخبراء، أن لا شيء تحكمه رؤية، أو قواعد. وأن كل حكومة تأتي، تفعل بنا ما تشاء. وكل وزير اعتبر، وسمح له، وزارته عزبة تركها والده له.. يفعل باختصاصاتها، وكوادرها ما يريد. وهكذا كانت كل حكومة تأتي، بفكرة أن الكون يبدأ حياته الآن!.. لا استمرارية، ولا تراكم خبرات وإنجازات، يجعلان الوطن في تطور وتقدم مستمرين، وإنما، وياللعجب!.. وبرغم وجود رئيس واحد للسلطة التنفيذية، بل لكل السلطات عملياً، لمدة ثلاثين عاماً متصلة.. وهو الذي يشكل، وحده كل الحكومات.. فقد رأينا كيف كانت كل حكومة انقلاب علي الحكومة التي سبقتها.. توقف مشروعاتها.. وتعصف بقراراتها. وهكذا تنافست حكومات عهد مبارك علي كيفية تبديل ثروات الوطن وأصوله، التي بناها وملكها الشعب، عبر الزمن، بجهده وعرقه ودمه.. بل، والانتقام من هذا الشعب، بناة الحضارة، وصانع المعجزات التي شهد بها العالم، وأحدثها عبور أكتوبر المجيد، وثورة ٥٢ يناير العظيمة.من هنا، أرجو أن نحتفي جميعاً بالمبادرتين اللتين قام بهما وزيرا الثقافة والصحة. وأعتقد أن حكومة الدكتور عصام شرف بتكوينها القوي، والعلمي.. والأهم، بإيمانها العميق بالثورة، ومتطلباتها.. ومن أهمها إرساء قواعد الدولة المصرية الحديثة، بعد الثورة، بعد أن تولي المجلس الأعلي لقواتنا المسلحة المجيدة، تهيئة الأوضاع لدستور جديد ينظم مجمل حياتنا، خاصة نظامنا السياسي.نريد شأن الدول العصرية أن تكون لدينا خطط وسياسات، تستلهم كل تجربتنا الحضارية، وما استفدناه من الخبرة الإنسانية، تضعها مجالس تضم قمم علمائنا وخبرائنا، باستقلالية وموضوعية، تراعي مصلحة الوطن العليا، وحق الشعب في الحياة الكريمة والتقدم المستمر. نريد أن تكون للدولة سياسات ثابتة في التخطيط العمراني، يمنع العشوائيات والعشوائية، في التعليم، لا تسمح لكل وزير أن يضع استراتيجية للتعليم.. نريد سياسة اقتصادية تحقق تنمية إنتاجية شاملة في الزراعة والصناعة والسياحة والخدمات.. تقدم يا دكتور شرف.. وطور مبادرتي الدكتور أبو غازي والدكتور أشرف لتكتملا.. وتمتدان إلي مختلف المجالات.هذا لن يضيف عبئاً علي أعبائك.. لكن سيكون بين يديك، في نهاية الفترة انتقالية، حصاداً هائلاً.. ينظم حياة الدولة والشعب.. الثورة.
Comments