المحتوى الرئيسى

واقف فى الطابور

03/20 09:01

بقلم: فهمي هويدي 20 مارس 2011 08:50:21 ص بتوقيت القاهرة تعليقات: 0 var addthis_pub = "mohamedtanna"; واقف فى الطابور  ذهبت فى الثامنة والنصف صباحا أملا فى أن أدلى بصوتى وأنصرف قبل الزحام، لكنى فوجئت بطابور بطول أكثر من كيلو متر يقف أمام مقر اللجنة. أخذت دورى مستاء. ولم ينقذنى سوى اتصال هاتفى أخبرنى بأن ثمة لجنة أخرى فى نفس الحى الزحام عليها أقل. أسرعت إلى المكان الذى دلونى عليه فوجدت المشهد مكررا. سلمت أمرى إلى الله ووقفت أنتظر دورى. بعد دقائق لاحظ واحد أن الشرطة لا وجود لها. وقعت عيناى على سيدة عجوز تحاول جاهدة الصعود فوق الرصيف للاصطفاف مع الواقفين. فقال واحد إن المنظمين كان ينبغى عليهم أن يخصصوا طابورا لكبار السن. تململ صبى كان واقفا مع أبيه وقال له بصوت مرتفع إنه تعب من الوقفة ويريد أن يرجع إلى البيت. فرد الأب قائلا إنك أنت الذى طلبت الخروج معى فتحمَّل، ثم أضاف: اعتبره طابور المدرسة واصبر. رد الصبى المناكف قائلا: إن طابور المدرسة ليس بهذا الطول. التفت الأب ناحيتى وقال إنه أخبر أسرته بأنه سيشارك لأول مرة فى حياته فى استفتاء تجريه الحكومة، فتعلق ابنه برقبته وألح على أن يذهب معه لكى يشاهد معه التجربة العجيبة. سكت الأب لحظة ثم قال إنه شجع الابن على القدوم ليرى بعينى رأسه وهو فى السابعة من العمر ما حرم هو منه طوال عمره الذى يتجاوز 40 عاما.لم أقل له إننى منذ نصف قرن لم أدلِ بصوتى فى أى استفتاءات أو انتخابات عامة، ولم أصوت إلا فى انتخابات نقابة الصحفيين والنادى الذى أشارك فيه. تدخل شخص ثالث وقال إنه بدوره لم يصوت فى أى مناسبة، ثم استطرد قائلا إنه فى عهد مبارك كان يترك صوته عهدة لدى الحكومة ويستريح فى بيته طوال يوم الانتخابات، ولم يكن يشغل باله بالإجابة على السؤال نعم أو لا، ولكنه هذه المرة ظل يتجادل طوال أسبوع هو وأبوه وزوجته وشقيقها. بعدما انقسموا فريقين أحدهما يؤيد التعديلات والثانى يرفضها. وحين حل يوم الاستفتاء أيقظته زوجته فى السابعة صباحا لكى يصحبها إلى لجنة التصويت. ثم أردف قائلا إن ما يحيره أن زوجته لم تهتم فى حياتها بالسياسة، وكانت الكلمات المتقاطعة هى الشىء الوحيد الذى تطالعه فى الصحف، أما شقيقها فلم يكن يعرف شيئا فى الدنيا سوى مباريات كرة القدم، ولا يتحمس لشىء إلا لنادى الزمالك.طالت وقفتنا وطال الطابور. وبدأ المنظر مدهشا. الأعداد الغفيرة من البشر التى زحفت على مقار اللجان منذ الصباح الباكر. وقد توزعت على مختلف الأعمار ومختلف طبقات المجتمع. وذلك الحماس الجارف للتصويت، والجدل الذى لم يتوقف فى مختلف الأوساط حول التعديلات والمستقبل. وغير ذلك من القرائن التى تشهد بالميلاد الجديد للشعب المصرى الذى أدركت جماهيره أنها استردت وطنها من غاصبيه واستردت وعيها الذى كان مغيبا. ومن ثم أصبح الجميع فى قلب السياسة وأصحاب رأى فيها،.خلال الساعتين والنصف التى قضيتها منتظرا دورى فى التصويت كان السؤال الذى ظل يلح على هو: هل من الممكن أن يخدع هؤلاء فى الانتخابات المقبلة؟ ــ كانت فى ذهنى التصريحات والكتابات التى ما برحت تعبر عن القلق من إجراء الانتخابات التشريعية، محتجة بأن الساحة ليس فيها الآن سوى الإخوان المسلمين وفلول النظام السابق.واستوقفنى فى ذلك الخطاب تجاهل هؤلاء لحقيقة الوعى والميلاد الجديدين اللذين طرآ على المجتمع المصرى. واستغربت شكهم فى أن الناس يمكن أن تنساق وهى مغمضة الأعين وراء شعارات الإخوان أو إغراءات تلك الفلول المدعومة من بعض رجال الأعمال القادرين على شراء الأصوات ببعض الملايين التى نهبوها. ذلك أن بين أيدينا ما لا حصر له من القرائن والشواهد الدالة على أن الذين يطرحون مثل هذه السيناريوهات إما أنهم لا يثقون فى وعى الناس الذى بات مختلفا على كل ما سبق، أو أنهم يدركون ذلك جيدا، لكنهم يروجون لهاتين الفزاعتين لتخويف الناس وحثهم على المطالبة بعدم إجراء الانتخابات فى موعدها المفترض (شهر يونيو القادم).لقد كان نظام مبارك فى السابق يخدع الناس من خلال تسويق فزاعة الإخوان. وشاءت المقادير أن يستمر ذات النهج فى ظل النظام الجديد بعد إضافة الفلول كفزاعة أخرى، والقاسم المشترك بين العهدين هو أن الخطاب ينطلق فيها من فكرة عدم الثقة فى وعى الجماهير وتقديرها. ومن المفارقات أن نظام مبارك كان يروج لفزاعة الإخوان فى غش المجتمع، فى حين قام نفر من المثقفين بمحاولة الغش ذاتها مستخدمين فى ذلك فزاعتين وليس واحدة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل