آثار مصر.. ليس لها »صاحب«!الأثريون يطالبون د. شرف بسرعة تعيين وزير للآثار
طالب عدد من الأثريين بسرعة تسمية وزير لشئون الآثار، وتحديد الموقف النهائي سواء بأن تكون الآثار وزارة قائمة بذاتها أو أن تتحول إلي مجلس يتبع مجلس الوزراء، ويرأسه شخص بدرجة وزير.وحذر الأثريون من أن استمرار هذا الوضع أدي إلي حالة شلل تام داخل المواقع والقطاعات المسئولة عن آثار مصر، فلا يوجد من يتخذ القرار، وتوقفت المعارض الأثرية الخارجية، والبعثات الأثرية أصبحت مهددة.كما تسبب هذا الوضع في استمرار حالة التردي الأمني الذي انعكس في سرقات شبه يومية لآثار مصر، كان آخرها فجر أمس بسرقة تمثالين، لأول مرة، من مخزن البعثة الأثرية الألمانية بالأقصر.آثار وتراث مصر ليس لها صاحب.من يريد أن يفعل شيئاً في أي منطقة أثرية علي طول البلاد وعرضها، فلن يردعه رادع.تجارة الآثار التي سرقت منذ اندلاع الثورة وحتي اليوم أصبحت شبه مشاع، يتداولها الناس في »كليبات« علي أجهزة الموبايل مثلها مثل أي بضاعة تبحث عن مشتر.بعد ٨٤ ساعة سوف يأتي وفد من منظمة »اليونسكو« ليبحثوا مع المسئولين المصريين آثار الكارثة التي ألمت بأهم بقعة أثرية في العالم.ولكن مع من يتحدثون؟ مع رئيس الوزراء أم مع رؤساء قطاعات لا يملكون القرار.وكأن قرار د. عصام شرف بالاستجابة لطلبات الأثريين الذين خرجوا في مظاهرة يطالبون بعدم ضم الآثار إلي الثقافة كان نذير شؤم، فلا هو استجاب واستقر علي من سوف يشغل المنصب، ولا السرقات توقفت، وكان آخرها وأحدثها كارثة سرقة مخزن بعثة أثرية في الأقصر.الكثير من الأثريين لم يعد يغريهم أن تكون لهم وزارة يفرحوا بها، فالأهم هو حماية الآثار التي تتعرض صباح كل يوم لكارثة جديدة.نبدأ بأحدث كارثة التي دارت تفاصيلها في الأقصر هذه المرة، حيث اقتحمت عصابة مسلحة مخزن آثار البعثة الألمانية برئاسة د. هوريك سورزيان التي تقوم بأعمال حفائر بالقرب من معبد أمنتحتب الثاني بالبر الغربي بالأقصر.د. محمد عبدالمقصود مدير آثار الوجه البحري، وأحد قيادات المجلس الأعلي للآثار يري أن تكرار حوادث سرقة الآثار كل يوم يأتي لأن ضعاف النفوس واللصوص أدركوا أنه في حالة عدم وجود مسئول عن الآثار وأن الدولة أصلاً غير مهتمة بحماية الآثار، فهذا أفضل وقت لكي يحققوا ما يريدون.الأقصر هي قمة الخطورة بالنسبة للأثريين، والاعتداء علي مخزن بعثة أثرية معناه أخطر لأنه سيؤدي في النهاية إلي توقف عمل كل البعثات الأثرية العاملة في مصر، ورقمها يتجاوز ٠٠٢ بعثة.يضيف د. عبدالمقصود: كيف يمكن حراسة آثار مصر في الأقصر، ولدينا ٠٠٦ حارس، ٥٣ فقط منهم يحملون السلاح.. نحن في كارثة حقيقية منذ الإعلان عن قيام وزارة للآثار، ثم إلغائها ثم إعلان د. عصام شرف عن نيته إعادتها وحتي الآن لايوجد وزير، ولا مسئول يتحدث باسم آثار مصر، وهذا أدي إلي غياب الرؤية، والعمل المركزي، وإلي غياب الرؤية الأمنية.الأمر يتطلب حلاً فورياً من رئيس الوزراء سواء بتعيين وزير أو رئيس للمجلس الأعلي للآثار أو الاكتفاء بتكليف القيادات المركزية، التي تعمل بصلاحيات قانون الآثار الجديد.القضية، في رأي د. عبدالمقصود، لم تعد في شخص الوزير، ومن هو، فالحل الفوري لابد أن يصدره رئيس الوزراء بدلاً من الوضع الحالي الذي انتهي بإدخال قيادات الآثار سواء في المجلس الأعلي للآثار أو كليات الآثار في صراعات، فالكل يريد أن يقفز إلي مقعد الوزير، والضحية وراء كل ذلك هي آثار مصر، التي ينهب منها كل يوم قطع.ويري مدير آثار الوجه البحري أنه مع الرأي القائل أن تواصل هيئة الآثار أداء رسالتها بدلاً من أن تتحول إلي وزارة يتولاها وزير يبقي في موقعه عشرات السنين بدلاً من تكون هيئة، ويتم تجديد الدماء، ويتم محاسبة القائم عليها.. لأنه من الصعب محاسبة وزير وهو في كرسيه.ويشخص د. محمد عبدالمقصود الوضع الحالي في الآثار بقوله: كل شيء متوقف، وفي حالة شلل تام، الاتصالات مع الجهات الخارجية مؤجلة والمعارض الخارجية ألغيت، ومن يرافق معرض في الخارج لا يستطيع العودة لعدم وجود قرار بعودته، أو بسفر آخر مكانه. وفي هذا الجو توقف الجميع لإدارة معارك وحروب اليكترونية ضد قيادات مرشحة.. وكل أستاذ له تلاميذ يتشيعون له ويجرحون في الذي يرشح نفسه أمامه.. والضحية كما قلت هي آثار مصر.ويتساءل د. عبدالمقصود عمن يتصدي لنقل آثار الأقصر الآن بعد هذا الحادث الخطير؟ هل الشرطة أم الجيش أم كلاهما معاً؟ بل الأهم من يتخذ القرار.نداء عاجلعالم الآثار د. عبدالحليم نور الدين رئيس هيئة الآثار الأسبق، ورأس العديد من الهيئات المحلية والعربية والدولية لحماية الآثار، وعندما يتحدث، فمن الطبيعي أن نستمع لما يقول..يقول د. عبدالحليم نور الدين: القضية ليست في رأي، من القادم علي رأس الآثار في مصر، سين أو صاد، ولكن القضية الأخطر هي الآليات التي يجب أن تبحث لحماية آثار مصر، وأنا هنا أتوجه من خلال »الأخبار« بنداء سياسي لرئيس الوزراء لسرعة التدخل لحماية آثار مصر، لأنه خلال شهر علي أقصي تقدير سوف تخترق كل بقعة أثرية في مصر.يضيف د. نور الدين: وأنا لست من المستريحين لقدوم اليونسكو لكي تساعدنا في حماية آثارنا لأن هذا يجب أن يكون دورنا ونحن أولي به، واليونسكو ليست لديها الخبرة، ولا الكفاءة سوي لمتابعة المناطق الموضوعة علي قائمة التراث مثل الأهرامات.بشيء من التحديد، ووضع النقاط علي الحروف يقول د. عبدالحليم نور الدين: إذا كان للخبز أولوية وللأمن أولوية، فإنه يجب أن تكون للآثار نفس الأولوية، وربما أكثر، لأنه من الممكن أن تعيد المسروقات، وتعوض البنك الذي سرق وتعوض غياب الشرطة بالجيش، ولكن إذا فقدت آثارك، وتراثك فلن يعود.ويطرح د. نور الدين تصوراً بضرورة تواجد حماية مسلحة للآثار المصرية، عن طريق تسليح ما يقرب من ٥ آلاف إلي ٦ آلاف أثري أعضاء في جمعية الأثريين المصريين وأعضاء في أمن المجلس الأعلي للآثار، وأثريين لا يحملون سلاحاً وتدريبهم علي حماية الآثار حتي يأتي اليوم الذي تعود فيه شرطة الآثار وتقوم بدورها لحماية آثار مصر التي تنتشر من شمال مصر، إلي جنوبها فوق الأرض، وتحت الأرض وتحت مياه البحر، وفي المتاحف.ويتساءل د. نور الدين عن الأولوية مثلاً في الاستعانة بالطائرات لمطاردة تجار المخدرات في الصحراء، أو للحفاظ علي آثار مصر في الوادي الجديد ومطروح وسيناء والبحر الأحمر.ويطالب أيضاً بسرعة تقييم الوضع الأمني لمتاحف مصر، وما يحتاج منها لمزيد من التأمين، وما يعاني منها من ثغرات، فما حدث مثلاً مع اقتحام المتحف المصري بالتحرير يضعنا في دائرة تساؤلات: كيف تم اختراق المتحف، وكيف تم القفز علي سطحه، وهل كانت هناك حراسة داخلية أم لا، ومن كان هناك ثم خرج، ولماذا خرج، ويحذر من استغلال البعض لهذه الفوضي التي نعيش فيها، وتبدأ في سرقة الآثار الغارقة قبالة سواحل الاسكندرية لأنها علي أعماق ليست كبيرة.من القادم؟وأسأل د. نور الدين عن القادم؟ يقول: من يأتي لابد أن يكون شخصاً يتسم بالشجاعة والقوة، والدراية بالمواقع الأثرية، ويدرك بالمؤامرات التي تحاك.. وللأسف سقط الأثريون في فخ التنازع حول شخصية من يأتي لقيادة السفينة، وانزلقوا إلي دوامة شتائم وسباب علي شبكة الانترنت.. ولابد لرئيس الوزراء أن يسارع بحسم الأمر سواء باختيار وزير أو رئيس للمجلس أو يفوض مجلس رئاسي من ٤ أو ٥ أشخاص لإدارة المنظومة أو علي الأقل تكليف رؤساء القطاعات بإدارة العمل.يضيف: وأنا كنت أتمني من رئيس الوزراء أن يستمع إلي شيوخ الأثريين في الخروج من هذا المأزق، بالتأكيد سيجد لديهم ما ينفعه أما أن تدور الحرب بين المجلس الأعلي للآثار وبين الجامعة حول اسم من يأتي فمردوده كارثي في النهاية.نذهب إلي الأقصر، الأثري منصور بريك يري أن ما حدث في الأقصر، بسرقة مخزن آثار البعثة الألمانية كارثي، ويضيف: هذه أول حادثة من نوعها منذ الثورة وسببه الرئيسي الوضع المأساوي في مصر، حيث إن الآثار تائهة بلا رئيس، ولا نعرف هل هي وزارة أم هيئة، أم ستتحول إلي مجلس. نريد تسمية من سيتولي المركب حتي نعمل ونؤمن الآثار، وتكون لدينا صلاحيات للعمل، وبالنسبة لي يضيف بريك أنا من أنصار تحول الآثار إلي مجلس أعلي، يرأسه أثري يكون بدرجة وزير، كما أطالب بسرعة تسليح الخفراء الذين يقومون بحماية الآثار.ويقول الأثري علي الأصفر: سقط الأثريون في فخ حرب أهلية.. مجموعة من الأثريين في المجلس الأعلي يشنون حرباً علي من يطرح اسمه من الجامعة، والعكس، والآثار هي التي تدفع الفاتورة.. والأهم في رأيي أن يكون للآثار مجلس أعلي يرأسه أحد أبناء الهيئة وشخص مثل د. زاهي حواس، أو أي شريف آخر بشرط أن يكون في نفس قوته لأن الهيئة فيها مشروعات عملاقة، وبخبرتي في التعامل مع الأثريين وأساتذة الجامعة، وجدت أن الأكاديميين يكتفون بقراءة البوستة، ويترددون في اتخاذ القرارات المصيرية لصالح الآثار
Comments